وحش «king kong» من الوحوش المهمة في تاريخ السينما، حيث تم تقديمه في أكثر من فيلم بأكثر من رؤية بالتحديد في كل من اليابان والولايات المتحدة. تعتبر النسختان الأولى التي أنتجت عام 1933، والأخيرة التي أنتجت عام 2005 هما النسختان الأشهر. فمخرج النسخة الأولى «ميريان كوبر» مبدع الشخصية وأول من قدمها في عالم السينما، ومخرج الأخيرة «بيتر جاكسون» الذي أثبت قدرته التي لا يضاهيها مخرج آخر في تخيل الوحوش ورسمها وتحريكها والأهم (أنسنتها) وإعطائها أبعادًا درامية قوية.

رسخ في ذهن أغلب المشاهدين أن نسخة بيتر جاكسون بكل روعتها وجمالها يجب أن تكون الأخيرة، لن يستطيع أحد آخر الإضافة على ما فعله جاكسون. ولكن كان لشركة «Warner Bros» رأي آخر حيث قررت تقديم نسخة أخرى من kong تمهيدًا لمواجهة في 2020 بينه وبين الوحش «جوديزلا». وأسندت مهمة الإخراج لمخرج الأفلام المستقلة «جوردن روبرتس». في هذا التقرير نقارن بين رؤية المخرجين للوحش kong.


كيف رأى بيتر جاكسون king kong؟

من يتعمق في أفلام بيتر جاكسون سيرى بوضوح أن الجرافيك بالنسبة له وسيلة، جاكسون يحب الكائنات الأسطورية غير الإنسانية ويتخليها جيدًا ويرسمها على الشاشة بتميز، والأهم يستطيع بناء قصص درامية حولها. ولن تكون هناك قصص درامية وتفاعل إنساني مع هذه الكائنات سوى بتجسيد متقن للمؤثرات البصرية.

عكس أغلب مخرجي هوليود لا يطمح جاكسون لمجرد إبهار المشاهد بقوة المؤثرات أو المعارك الأسطورية. هو يطمح أن تخدم المؤثرات البصرية الخطوط الدرامية، وأن تخدم عملية أنسنة صراعات الوحوش والكائنات الفنتازية والجن والهوبيت والآروكس وكونج.

على الرغم من الميزانية الضخمه التي قررت لفيلم كينج كونج، ولكن جاكسون صمم أحد أقصر نسخ كونج حيث كان يبلغ طوله 7.6 متر، لا يقل عنه طولًا سوى النسخة الأولى فقد كان مخرجها ميريان كوبر يريد أن يصل طوله لـ15 مترًا، ولكن لم يتسن له ذلك بسبب ضعف الجرافكس آنذاك، فظهر بطول 5.5 متر فقط. ولذلك kong جاكسون لا يتعدى كونه أحد أنواع القردة ضخمة الحجم فقط، منعزل في جزيرة غير مكتشفة مع بعض الحيوانات الأخرى التي لم تنقرض بعد.

أما القصة فكانت أميل للدراما الحزينة حيث الممثلة الشابة التي قدمت كأضحية لـkong فتعاطف معها وأحبها (أو أحب تملكها) وحافظ عليها من الوحوش الأخرى وكذلك أحبته الممثلة التي أدت دورها «ناعومي واتس». ولكن المخرج المجنون أراد تحقيق عرض خيالي يجلب له الأموال والشهرة فقبض على kong وذهب به لأمريكا. وعرضه في أحد المسارح فغضب kong وتمكن من حل قيوده. سيطرت حالة من الرعب وحاولت الممثلة الدفاع عنه. ولكن كان قد فات الأوان وقررت السلطات التخلص من هذا الوحش.

اهتمام kong بالممثلة الشابة في المشاهد الأولى، وشعوره بالخيانة والضعف في المشاهد النهائية، ظهرت على تفاصيل وجهه وحركات جسده وهذا يعتبر أكبر مثال على كيف يستغل جاكسون المؤثرات والتحريك لخدمة المشاعر الإنسانية وليس الإبهار.


لا بناء للشخصيات

أما في فيلم «kong: Skull Island» هناك أكثر من ثلاث مجموعات، كل مجموعة بها أكثر من شخصية رئيسية يتحركون في ثلاثة خطوط درامية أو أكثر ومع ذلك لا تجد أي أهمية للشخصيات أو أي بناء لها أو أي أهمية للخطوط الدرامية الكثيرة، باسثناء شخصية «الكولونيل باكارد» التي أداها صامويل جاكسون.

على سبيل المثال، شخصية «جيمس كورنارد» التي أداها «توم هيدلستون» لم يكن لوجودها أي داع درامي، مجرد كلاشيه لضرورة وجود متعقب خبير في أفلام الأدغال والصحاري والمناطق حديثة الاكتشاف. ولكن الكلاشيه يقول إن هذه الشخصية لا بد أن تفعل شيئًا في الفيلم متعلقًا بمهنتها، ولكن هذا ما لم يحدث طوال أحداث الفيلم، ما فعلته هذه الشخصية كان يمكن دمجه بسهولة في أي شخصية أخرى.

الشخصية الثانية، وهي المصورة «ماسون ويفر» والتي أدتها «بري لارسون»، شخصية أخرى لم تفعل شيئًا طوال الفيلم سوى التقاط الصور. الحقيقة أنك طوال أحداث الفيلم تتمنى أن ترى أي أهمية لبري لارسون النجمة الحائزة على أوسكار أفضل ممثلة في العام الماضي والتي سوق باسمها الفيلم، غير التقاط الصور. في النهاية فقط تدرك لماذا وجدت شخصية ماسون. لكي تضع يدها على وجه kong دون خوف، حيث يجب أن يكون هناك امرأة لتضع يدها على kong (عرف مشترك بين جميع نسخ kong) .

انعكست عدم أهمية الشخصيات الرئيسية على أداء الممثلين الذي كان باهتًا بدرجة كبيرة. هذا الفيلم أُنقذ من كارثة كاملة الأركان بلا مبالغة في سوء كتابة الأحداث والأداء التمثيلي على يد صامويل جاكسون وشخصيته. حيث رسمت شخصيته بشكل مقبول ودوافعه وتحولاته كانت واضحة بدرجة كبيرة. وعززها جاكسون بأدائه الرائع المعتاد. كذلك أدى الممثل «جون ريلي» شخصية «هانك مارلو» بخفة دم وتمكن جيد. ولكن كل مجهودات جاكسون وريلي لم تنجح في إنقاذ سوء كتابة أحداث الفيلم.


الرهان على الإبهار

يقول جوردن روبتس عن نسخته لkong (إنه أضخم kong ظهر، ليس 10 أقدام أو 30 قدمًا بل 100 قدم)، هذا الاختيار للطول المبالغ فيه يعكس رغبة المخرج في الاعتماد على الأكشن والمعارك القوية المبهرة، وتنحية أنسنة جاكسون بشكل تام. ولكن ضخامة kong لا تداري سوء تصميمه وتحريكه. فوجه كونج وتفاصيله خصوصًا في «اللقطات القريبة» القليلة لم تكن متقنة ولم يُبذل فيها مجهود كبير. ولذلك اعتمد الفيلم في أغلب الفترات على لقطات بعيدة لمداراة هذه العيوب. ومع ذلك استقامة جزع kong كالإنسان لم تكن مريحة إطلاقًا للعين.

بقية الوحوش الأخرى كانت متقنة التصميم، وتم تقديم أشكال جديدة للوحوش والحشرات العملاقة. وهذه كانت أكثر نقط الفيلم إثارة. ولا يخفى على المشاهد أن رهان الفيلم كله مركز على المعارك العنيفة ما بين kong وبقية الوحوش الأخرى. المعارك بصفة عامة في الفيلم كانت أقوى نقاطه والجانب الوحيد الأكثر تفردًا من نسخة بيتر جاكسون.

Kong: skull island مجرد استغلال للنجاح التجاري الدائم لشخصية kong،عانى الفيلم من عدم وجود أحداث درامية وضعف بناء الشخصيات، وتميز في المعارك العنيفة وأداء صامويل جاكسون. وبالتالي لا يتوقع الكثير من الفيلم الذي سيخرج للنور عام 2020 وسيشهد مواجهة بين كونج وجودزيلا.