تابعنا في الجزء الأول مسيرة د. نصر في تبيئة التأويل ممارسة مشروعة في الثقافة العربية المعاصرة، وانطلقنا من معالجة أبي زيد لإشكالية التأويل في الحقل التراثي، بإعادة الاعتبار للفظ «التأويل» في مقابل التفسير، ولفسح المجال للقراءات التأويلية القديمة، مشاريع المعتزلة والمتصوفة.

في هذا الجزء الثاني [1] من المقال يواصل أبو زيد تأسيسه لمشروعية التأويل، عبر تعريفه بنظرية التأويل المعاصرة (الهرمنيوطيقا)، ويقيم التجارب التأويلية لعصر النهضة، ويقدم في النهاية مقاربة تأويلية؛ «من القرآن باعتباره نصا، إلى القرآن باعتباره خطابا».


نظرية الهرمنيوطيقا المعاصرة

مواصلا تأسيس التأويل كممارسة مشروعة في الخطاب التجديدي المعاصر، ينبري أبو زيد لمهمة شاقة ذات تجاذبات متعددة؛ إذ يخصص نصر في كتابه «إشكاليات القراءة وآليات التأويل» فصلا كاملا لعرض نظرية الهرمنيوطيقا في حلتها الغربية، محاولا الإفادة منها في تقييم نظرية التأويل التراثية، وتدعيم جوانب القصور فيها. ينبري أبو زيد لهذه المهمة وهو يدرك مخاطرها، خاصة أن قراءة التراث وإعادة تأويله بمفاهيم الحضارة الأوروبية كان مثار رفض في بعض الأوساط العربية، بل يعتبر أبو زيد نفسه ضحية لتيارات متشددة تقوم على خطاب التكفير لا الحوار، كما أن قراءة لمنهج متعدد المداخل كالهرمنيوطيقا يمكن أن يوقع في «سوء الفهم» ومن ثم سوء الترجمة، ما يجعل الإفادة منها محدودة.

خصص أبو زيد في كتابه «إشكاليات القراءة وآليات التأويل» فصلا كاملا لعرض نظرية الهرمنيوطيقا في حلتها الغربية، محاولا الإفادة منها في تقييم نظرية التأويل التراثية.

لتجاوز الإشكال الثاني، اعتمد أبو زيد في عرضه على مؤسسي نظرية الهرمنيوطيقا مباشرة، فنقل عن شليرماخر، ودلثي، وهيدجر، وجادامر، وبيتي، وبول ريكور، وهيرش، وأحال على كتبهم، كما نلحظ أنه اكتفى في حواره معهم بعرض «وصفي» مشفوعا ببعض النقد والمقارنة بنظرية التأويل العربية، من غير أن يتوسع إلى تحليل شامل للنظرية. وحتى في نتائج قراءته، كان أبو زيد متحفظا فيما يمكن الاستفادة منه من نظرية التأويل، حيث اعتبر إفادة الهرمنيوطيقا الحقيقية تتجلى في لفت الانتباه إلى دور المفسر، أو المتلقي في تفسير العمل الأدبي والنص عموما. ولعل هذا التحفظ يرجع إلى طبيعة قراءة أبي زيد الوصفية.

أما عن توظيف مفاهيم الحضارة الغربية في المقاربة التأويلية، فقد اهتم أبو زيد بوضع ما يشبه الأطر لها. ينتقد أبو زيد فيما ينتقد به خطاب التنوير/النهضة، ويعتبر أنه فشل في تأسيس مجتمع علمي، أو خلق مناخ للتفكير، وما يصاحبه من استيراد النظريات العلمية وفرضها بطريقة آلية في بيئة ومجالات مختلفة عن بيئات ومجالات نشأتها، ومن ثم فإن تجاوز هذا الوضع يفرض علينا الوقوف من منتجات الحضارة الغربية موقف «التفاعل النقدي الخلاق» الذي يقوم معها بحوار جدلي مهموم بمشكلات الراهن الاجتماعي والفكري. هذا الوعي كما يخلصنا من التقوقع على الذات والانكفاء على المعارف التراثية؛ فإنه يتيح لنا المشاركة في تطوير هذه المعارف، وفق رؤية توفيقية حوارية [إشكاليات القراءة، 14].

ولأنه لا يمكننا أن نوجز القول في الهرمنيوطيقا كما لخّصها أبو زيد، فسنكتفي بما ختم به هذا الفصل، وهو ختام يشير إلى فائدة علم التأويل في صورته الغربية في قراءة التراث: «وهكذا بدأت الهرمنيوطيقا -عند شليرماخر- بالبحث عن القوانين والمعايير التي تؤدي إلى تفسير صحيح، وانتهت -في تطورها الأخير- إلى وضع نظرية في تفسير النصوص الأدبية. ولكنها بين البداية وتطورها المعاصر فتحت آفاقا جديدة من النظر، أهمها في تقديرنا لفت الانتباه إلى دور المفسر، أو المتلقي في تفسير العمل الأدبي والنص عموما. وتعد الهرمنيوطيقا الجدلية عند جادامر، بعد تعدلها من خلال منظور جدلي مادي، نقطة بدء أصيلة للنظر إلى علاقة المفسر بالنص، لا في النصوص الأدبية، ونظرية الأدب، فحسب، بل في إعادة النظر في تراثنا الديني حول تفسير القرآن منذ أقدم عصوره وحتى الآن، لنرى كيف اختلفت الرؤى، ومدى تأثير رؤية كل عصر -من خلال ظروفه- للنص القرآني. ومن جانب آخر، نستطيع أن نكشف عن موقف الاتجاهات المعاصرة من تفسير النص القرآني، ونرى دلالة تعدد التفسيرات –في النص الديني والنص الأدبي معا- على موقف المفسر من واقعه المعاصر، أيا كان ادعاء الموضوعية الذي يدعيه هذا المفسر أو ذاك» [إشكاليات القراءة، مصدر سابق، 49].

الكشف عن موقف الاتجاهات المعاصرة من تفسير النص القرآني، فائدة الهرمنيوطيقا ومهمة أبي زيد في مسيرته لتثبيت مشروعية التأويل في الدراسات الإسلامية المعاصرة، وسنرى في المبحث التالي كيف قيم أبو زيد تأويلات المعاصرين.


نقد التأويلات المعاصرة

قبل أن ينصرف نصر إلى عرض مقاربته التأويلية يقيّم تأويليات خطاب التنوير/النهضة، كاشفا عن مكامن الخلل فيه، وبعض مميزاته. يمكن عرض نقد أبي زيد للمحاولات التأويلية المعاصرة من زاويتين، المنهج والرؤية. أما عن المنهج فيسجل أبو زيد أن كثيرًا من القراءات التأويلية تجهل حتى معنى التأويل، وهي حين تقدم تحليلا أدبيا «توحّد بشكل صارم بين تفسيرها للنص والنص نفسه. وبين النص بكل علاقاته وتشكيلاته اللغوية والجمالية وقصد المؤلف» [إشكاليات القراءة، ص16]. وهذا موقف يتجاهل حقيقة أنه لا يمكن الجمع الميكانيكي بين ثلاثية «المؤلف/النص/المفسر». والذي لا يقل جهلا عن هذا، من يقدم قراءة تأويلية تقيم الفصل التام بين هذه البنيات الثلاث. إن الجهل بطبيعة العلاقة الجدلية بين الفكر كمنتج ثقافي والذات المفكرة لهو أحد العيوب الأساسية في القراءات التأويلية المعاصرة، أما القراءة التأويلية عند نصر فهي منهجية بامتياز، سواء وظفت آليات القراءة التراثية أو آليات القراءة الهرمنيوطيقية.

فجميع القراءات قراءات تأويلية عند نصر، فلذلك عندما يرسم خارطة للتيارات التأويلية الكبرى في الخطاب العربي الحديث والمعاصر يعرضها في ثلاثة تيارات أساسية: التأويلية السلفية، والتأويلية الإصلاحية، والتأويلية الرافضة للتراث. والذي يجعل نقدها مجتمعة مشروعا ما عبر عنه بقانون التحدي والاستجابة. و«يعتبر قانون التحدي والاستجابة هو القانون الذي يمكنُ أن يفسر لنا إشكالية التأويل في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر تفسيرا قادرا على شرح كثير من الانحناءات والتراجعات، بل الانكسارات التي أعاقت، وما زالت تعوق تطور الوعي الديني في مسار صاعد مطرد» [الخطاب والتأويل، ص187].

ويمكن تبسيطه في أن المعرفة (الاستجابة) التي ينتجها فكر ما، تختلف باختلاف تجربته (التحدي). ولو فرضنا أن الأصل أن يكون تحدي المعارف داخليا، من بنية الواقع الاجتماعي والفكري كما حدث في نشأة العلوم الإسلامية واللغة العربية، وانفتاح المسلمين على الثقافات المجاورة قديما؛ فإن الاستجابة ستكون فعلا واعيا، محكوما في الغالب بسياقين: الأفق المعرفي للمفسّر، وسياق النص موضوع التأويل. أما حين يكون التحدي من خارج، من خارج بنية الواقع الاجتماعي، كما حدث لخطاب التنوير، فإن الاستجابة لن تكون فعلا واعيا، وإنما ردة فعل تعبر عن أفق الخارج أكثر مما تعبر عن نفسها.

وهكذا فلما كانت التأويلات الحديثة كلها خاضعة لتحدي الرؤية الاستعمارية، في اعتبار «الدين» المفسر الوحيد لوضعية التخلف التي يعيشها العالم الإسلامي، كانت ردة فعلها أن تبنت وجهة النظر هذه ومن ثم اختلفت في ردة فعلها، ولقد اختارت «التأويلية الإصلاحية» أن سوء فهم الدين هو سبب التخلف، وليس الدين نفسه، فيما تبنت «التأويلية السلفية» أن سبب التخلف هو البعد عن هذا الإسلام، لا الإسلام في حد ذاته. وهكذا تجتمع كل المقاربات التأويلية في الخضوع لوجهة النظر الاستعمارية. يرى أبو زيد أن المقاربة التأويلية ينبغي أن تتحرر من سلطة الأحكام المسبقة، والارتهان لغير التفاعل مع النص في سياقه اللغوي والتاريخي.

ويتعرض أبو زيد في طائفة من كتبه ومقالاته إلى نقد التأويلات المعاصرة، وبيان عيوبها، وأسباب ضعف راهنية خطابها، ويذكر من ذلك اشتراك «التأويلات في بعضها وتنفرد كل منها ببعض آخر»؛ اعتماد التلفيق منهجا، والقراءة النفعية الأيديولوجية، والفزع من التأويل العصري، والعلاقة بين الفكري والسياسي، وبين الديني والدنيوي. وبعدُ، هل يمكن والحالة هذه أن نرى مقاربة تأويلية تتجاوز عيوب هذه التأويلات لتؤسس لمعرفة علمية راهنة؟ يرى أبو زيد أن هذا ممكن، في إطار معرفي محدد ومن خلال الإجابة عن أسئلة مخصوصة، يمكن الوصول إلى هذه الغاية، ثم إننا نراه يقدم مقاربته التأويلية «أنموذجا» لما يدعيه.


نصر أبو زيد ومحاولته التأويلية

جميع القراءات قراءات تأويلية عند نصر، فلذلك عندما يرسم خارطة للتيارات التأويلية الكبرى يعرضها في ثلاثة تيارات أساسية: السلفية، والإصلاحية، والتأويلية الرافضة للتراث.

ليس الغاية من هذا عرض مقاربة نصر التأويلية، فتلك مهمة يحسن أن تفرد لها أطروحة أو كتاب. تحاول الفقرات التالية أن تسلط الضوء على الهاجس الذي كان يشغل نصرا وهو يدشن هذه المرحلة من مراحل تثبيت التأويل كممارسة معرفية مشروعة في الدراسات الإسلامية.

إن تأويلية أبي زيد ركزت على «قراءة التراث الفكري الديني في الثقافة العربية قراءة تحليلية تفكيكية» [النص، السلطة، الحقيقة، ص7]، التراث باعتباره منظومة فكرية واحدة، تتجاور فيها جملة من المعارف [2]. هذه القراءة تتغيّا اقتحام دائرة المحظور والمحرم في الوعي الديني السائد المسيطر. الموضوع إذن التراث ككل، باختلاف معارفه وعلومه. وحدة الموضوع يقابلها وحدة المنهج كذلك. يختار أبو زيد «منهج تحليل الخطاب» آلية لمقاربة التراث مقاربة تأويلية. وسواء قرأنا التراث أو اكتفينا بتحليل النص الديني، الذي يعتبره أبو زيد الخيط الناظم لجميع المعارف التراثية لما يقدمه لها من أفق فلسفي ورؤية للعالم، فإن على التأويل أن يتفاعل معه وفق الخطوات التالية [النص، السلطة، الحقيقة، ص8]:

1. الكشف عن الخطابات الظاهرة والمضمرة في النص.

2. تعيين دلالات المفهوم، ودلالات المنطوق.

3. تحليل بنية الخطاب السردية والأسلوبية.

4. اكتشاف السياق، وتحديد نوعه.

5. اكتشاف دلالات سيميولوجية أو غيرها.

مع ضرورة الانتباه دوما إلى أن «الخطابات المنتجة في سياق ثقافي حضاري تاريخي ليست خطابات مغلقة، أو مستقلة عن بعضها البعض» [النص، السلطة، الحقيقة، ص8]. وكلما استبعد خطابٌ ما خطابا آخر إلا وكان الآخر حاضرا فيه بصورة ما، ودعوى الغياب التام أو الاستقلالية لأي خطاب من الخطابات دعوى متكلفة بعض الشيء. يؤكد أبو زيد أن «كل الخطابات تتساوى من حيث هي خطابات، وليس من حق واحد منها أن يزعم امتلاكه للحقيقة» [النص، السلطة، الحقيقة، ص8] وتسيد خطاب ما في فترة زمنية لا يرجع في الغالب إلا لسطوة سياسية أو اجتماعية.

هذا على مستوى المنهج بشكل مختصر، قد يكون مخلا بالموضوع، أما على مستوى الأفق، فلا يعتبر نصر خطابه خارج خطاب النهضة، بل هو يقدم نفسه كباحث توفيقي، يحاول أن يكون «امتدادا نقديا» لا لخطاب النهضة فقط، بل للخطاب التراثي كذلك. امتداد لا يكرر طرح الأسئلة بل يحملها إلى أبعد مدى، مع عناية بمسألة المنهج، وتوسيع آفاق البحث والإفادة من المفاهيم المعاصرة [النص، السلطة، الحقيقة، ص10].

استُقبل مشروع نصر أبو زيد من طرف الباحثين في الدراسات الإسلامية بنقد حاد، فقد رأوا أن يُخضع أسلوب القرآن الكريم لمعايير نقدية أوروبية تستقي العلمانية مرجعًا أسمى.

وربما تكون نظرية الخطاب آخر ما انتهى إليه أبو زيد في مقاربته التأويلية: انطلق أبو زيد من تجاوز القراءة السابقة للقرآن، القرآن بوصفه نصا، إلى القرآن بوصفه خطابا. وتقوم على التفرقة بين القرآن الناطق والصامت. بين المصحف، والخطاب الحي. يرى أبو زيد أن القرآن فقد جزءا كبيرا من فعاليته وحيويته لما خرج من كونه ظاهرة حية تتفاعل وواقع المسلمين إلى مرحلة اعتباره مدونة ثابتة يتعامل معها كالقوانين. «إن القرآن في عملية التداول يمثّل ظاهرة حية تشبه إلى حد كبير «ظاهرة الأوركسترا» المعزوفة، في حين يمكن تشبيه المصحف الصامت بـ«النوتة الموسيقية» الصامتة» [التجديد والتحريم والتأويل، ص205].

يطرح إذن أبو زيد مقاربة تأويلية جديدة تقوم على الاهتمام بالبعد الأفقي، بعد أن كانت مقاربة النص تهتم بالبعد العمودي. والبعد الأفقي هنا «ذلك البعد المحايث لعملية الوحي ذاتها، والمتمثلة في دوال وإشارات ما تزال ماثلة في بنية النص المدون في المصحف» [التجديد والتحريم والتأويل، ص212]. والسبب في هذا التحول أن القراءة الأولى تشجع على التفسير والتفسير المضاد، وتسمح بالتلاعب الدلالي ليس بالمعاني، بل حتى بالمبنى القرآني نفسه. وسواء كان المتكلمون المتقدمون، أو تأويلات المحدثين، فـ «كل المقاربات العليلة تنتج لنا إما تأويلية سجالية أو تأويلية اعتذارية»، وهما معا تأويلات سلطوية. بينما نريد هاهنا أن نقيم تأويلية حية منفتحة.

يرى أبو زيد أن هذه التأويلية حية لأنها تقرأ القرآن لا كنص، وإنما كعملية محاورة ونقاش وتعديل بين فاعلين مختلفين طيلة فترة النزول. القرآن حوار مع النبي، وجبريل، واليهود، والنصارى، والمسلمين، والمنافقين، والمشركين، في سلسلة متعددة الأصوات، ما يجعل ضمير المتكلم لا يحيل على المقدس دائما. إن قراءة سورة الفاتحة مثلا وفق هذه المقاربة يجعل الصوت المتكلم فيها هو الإنسان لا الله، بينما يشار لله بضمير الغائب في الآيات الثلاث الأول، وبضمير المخاطب في بقيتها. وهذا ما يجعل كلام الله يتوحد بصوت الإنسان، وصوت الإنسان يمثل كلام الله. وقراءة من هذا النوع تجعل من القرآن كلاما من الإنسان لله، الذي هو صاحب الخطاب بالأساس. في دائرة تحدد معنى اعتبارنا: القرآن بوصفه خطابا. يواصل أبو زيد محاولة بناء نظريته في تحليل الحوار بين الله والمشركين، والمنافقين، والأصوات المتعددة في القرآن، في مقاربة تأويلية تتجاوز القرآن باعتباره نصا إلى القرآن باعتباره خطابا.

وبعد، فقد تابعنا خلال هذين المقالين كيف سعى أبو زيد لتأسيس مشروعية التأويل في الثقافة العربية المعاصرة عبر التأكيد على أنه ممارسة شهدها التراث، مع المعتزلة، والشيعة، والصوفية. والاهتمام كذلك بتجديد مفهوم التأويل، مستعينا بنظرية الهرمنيوطيقا، وانتهاء بتقديم مقاربة تأويلية للنصّ الديني كخطاب. غير أن الترحيب بمشروع أبي زيد لم يكن كبيرا، خصوصا في بلده مصر، فالمحنة التي قاساها انتهت بتكفيره ومن ثم هجرته لهولندا، باحثا ومدرسا بجامعة ليدن.

استقبال مشروعه من طرف الباحثين في الدراسات الإسلامية لم يخل هو الآخر من نقد حاد، فعلي حرب مثلا، يؤكد أن «خطاب نصر حامد أبو زيد يناهض الأصولية ولكنه يقف على أرضها»، لا على أنه يفككها من داخل، بل على أن الفرق بينه وبينها فرق في الدرجة لا النوع. ويعيب عليه بعض التلفيق المنهجي، وقلة الجدة والإبداع، وأنه وهو يناهض الأيديولوجية التي صبغت الفكر الإسلامي، كان خطابه أيديولوجيا بالأساس.


[1] نشير إلى أننا في هذا المبحث احتفظنا في تسمية العلم، وأسماء الفلاسفة بترجمة نصر لها.[2] يؤكد أبو زيد أهمية التحقق العيني من الوحدة التي تلم شتات المعارف التراثية. يقول: «وهناك فرق كبير بين الإيمان «النظري» بوجود علاقات عضوية تنتظم المجالات المعرفية للتراث، وبين التحقق العيني من التأثيرات المتبادلة التي تكشف عن وحدة المنظومة الفكرية للتراث». نصر حامد، أبو زيد، إشكاليات القراءة، مصدر سابق، 5.
المراجع
  1. أبو زيد، نصر حامد، الاتجاه العقلي في التفسير، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1996.
  2. أبو زيد، نصر حامد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2005.
  3. أبو زيد، نصر حامد، التجديد والتحريم والتأويل، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2010.
  4. أبو زيد، نصر حامد، الخطاب والتأويل، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2008.
  5. أبو زيد، نصر حامد، النص، السلطة، الحقيقة، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1995.