ربما يكفيك أن تلمح بطرف عينيك واحدًا من الشعارات الخاصة بالعلامات التجارية الرياضية الشهيرة يسطع بضوء قوي بين الكثير من المحلات التجارية، فتقودك قدماك تلقائيًا للدخول والمشاهدة عن كثب. ربما يتطور الأمر للشراء، وإن لم يحدث فما المانع من مشاهدة قميص فريقك المفضل للمرة المائة ربما، أو قميص مماثل لما يرتديه نجمك المفضل أوروبيًا. طالما أنك مهتم بالرياضة فأنت تلقائيًا واحد من الملايين المهتمين بشركات تصنيع الملابس والأدوات الرياضية.

في عالم كرة القدم تحديدًا تملك الجماهير قدرًا من الشغف يصل إلى مرحلة مراقبة اللاعبين داخل الملعب وخارجه أيضًا. يتحول اللاعبون إلى أيقونات تتابعها الجماهير في كل التفاصيل، وهو ما لن يغفل عنه بالطبع صناع الملابس الرياضية بجميع أنواعها. ومع مرور الوقت تطور الأمر على شقين، أولهما تصنيع ملابس متطورة تساعد لاعب الكرة على اللعب بصورة أفضل، والشق الآخر أن تملك تلك الملابس تصميمات جاذبة للجماهير ومناسبة لأذواقها، فقبل كل موسم كروي بجميع دوريات العالم أو بطولة عالمية كبرى تتبارى الشركات الرياضية في عرض القمصان الجديدة للفرق.

ولكل شركة رياضية شعار، شعار يحفظه جميع المهتمين بكرة القدم خاصة، وبالرياضة عامة، بل يصل الأمر لغير المهتمين بالرياضة أيضًا، وخلف كل شعار قصة ودلالة. فكرة الرمز قديمة قدم التاريخ، يرجع البعض الأمر للحضارات القديمة، فحكام اليونان القديمة كانوا يستخدمون الرموز في صك عملاتهم،إلا أن الرمز بشكله المتعارف عليه ظهر في بدايات عصر النهضة في القرن الثالث عشر، فكان صاغة الذهب والبناءون وصانعو الورق والخزائن أول من استخدم الحروف والعلامات المنحوتة وعلامات ضغط الذهب كرموز للدلالة على صانعي تلك المنتجات.

فإذا كنت من محبي ارتداء الملابس الرياضية بأنواعها المختلفة، سواء بارتداء قميص فريقك المفضل أو إعجابًا بتلك الملابس المتطورة سنويًا لتلائم كل الأذواق، فمن المؤكد أنك بمجرد رؤية ثلاثة شرائط تعرف أن ذلك المنتج يرجع لشركة أديداس الألمانية، أو علامة «صحيح» التي تعبر عن شركة نايكي الأمريكية، وهكذا لباقي العلامات التجارية الرياضية.


نايكي: اخترعتها فتاة مقابل 35 دولارًا

شعار شركة نايكي الرياضية
شعار شركة نايكي الرياضية

بدأت شركة نايكي نشاطها في عام 1964 تحت اسم «بلو ريبورن سبورتس» عن طريق توزيع أحذية رياضية يابانية الصنع في الولايات المتحدة، وبحلول عام 1971 قررت الشركة تصميم وتصنيع الأحذية الخاصة بها تحت اسم جديد، وهو نايكي، وكان لا بد من شعار جديد.

دولاران في الساعة، هكذا كان العرض المقدم لـ «كارولين دافيدسون» الطالبة بجامعة بورتلاند الحكومية لتصميم شعار للشركة الجديدة. قُدم ذلك العرض من قبل «فيل نايت»، أحد مؤسسي شركة نايكي، بعد أن سمع دافيدسون تتناقش حول درس الرسم بالزيت الذي لا تتحمل تكلفته. كان العرض مناسبًا تمامًا لدافيدسون، حيث سيمكنها من تحمل تكلفة درس الرسم بالزيت خاصتها، لكنها لم تكن تعرف أنها ستصمم أحد أهم العلامات التجارية في العالم، والذي ستتزايد قيمته سنويًا.

كان فيل نايت معجبًا تمامًا بالشرائط الثلاث لشركة أديداس، وهو ما مثل تحديًا كبيرًا لدافيدسون لاختراع شعار يعبر عن الحركة ويناسب في نفس الوقت وضعه على حذاء. قامت كارولين برسم الشعار على ورق المناديل وقامت بتثبيته على الأحذية لتتأكد من مدى ملاءمته، استغرقت دافيدسون 17 ساعة ونصفًا لتجني 35 دولارًا مقابل تصميم الشعار الشهير.

بعد أن تخرجت كارولين عملت بشركة نايكي لعدة سنوات، ثم انفصلت عن الشركة لتؤسس عملها الخاص، وبعد 10 سنوات، تحديدًا في عام 1983، قرر المؤسسون دعوة دافيدسون لحفل تكريم كأحد المساهمين في نجاح الشركة، ثم فاجأوها بحفلة صغيرة وخاتم ذهبي على شكل الشعار الشهير الذي صممته ومرصع بماسه صغيرة، كما تم منحها 500 سهم من أسهم نايكي.


أديداس: ثلاثة شرائط تحولت إلى جبل

شعار شركة أديداس الرياضية
شعار شركة أديداس الرياضية

الأخوان داسلر لصناعة الأحذية، كان هذا هو اسم مصنع الأحذية الذي أنشأه الأخوان أدولف ورودولف داسلر، ثم حدث الانفصال بين الأخوين، والذي نتج عنه اثنان من أهم مصانع الملابس الرياضية في العالم، وهما أديداس وبوما.

عندما قرر أدولف إنشاء مصنعه الجديد فكر بطريقة بسيطة للغاية، ولكنها فعالة بصورة امتدت لعشرات السنوات، ليكن الاسم مزيجًا من المقاطع الأولى لاسمه واسم العائلة، كان اسم أدولف المعروف عنه هو «أدي» والعائلة «داسلر» فليكن الاسم «أديداس»، أما الشعار فهو ثلاثة شرائط متوازية.

كان الرجل عبقريًا بالفعل، فأحد أهم مميزات الشعار هو الوضوح، ولا يوجد أوضح من ذلك. لنقل إنه في كل أنحاء العالم قليل هم من لا يميزون الثلاثة الشرائط على كل الملابس الرياضية، شعار واضح ويتيح للجميع معرفته من بعد.

مر شعار شركة أديداس ببعض التطورات وصولًا للشكل الحالي، ثلاثة شرائط متوازية مائلة قليلًا نحو اليسار لتشكل شكلًا مثلثًا أو تحديدًا شكل جبل؛ للدلالة على التحديات التي يقبلها الرياضيون، فيعبرون من خلالها لتحقيق أهدافهم.


بوما: لوتز باكس الذي رفض أن يكون مليونيرًا

شعار شركة بوما الرياضية
شعار شركة بوما الرياضية

كما قرر أدولف إنشاء مصنعه الخاص قرر أخوه رودولف نفس الشيء أيضًا، وكانت البداية باسم «رودا» بنفس مبدأ أديداس. مزج الأحرف الأولى من اسم رودولف واسم العائلة، إلا أنه قرر تغيير كل شيء، ربما ليتفادى التشابه المتوقع بين الأخوين. وكعادة الألمان كانت طريقة التفكير بسيطة ومباشرة، الرجل يهدف إلى تصنيع منتجات تمتاز بالقوة والليونة والقدرة على التحمل وخفة الحركة، وجد أن كل تلك الصفات توجد في حيوان البوما، والمعروف أيضًا بالفهد أو أسد الجبال، فعهد إلى رسام الكاريكاتير «لوتز باكس» بتنفيذ الشعار.

صمم لوتز الشعار والذي كان مختلفًا قليلًا عن الشعار الحالي، ولكنه بنفس شكل حيوان البوما، حاز الشعار على إعجاب رودولف، إلا أنه كان يعلق ضاحكًا بأن ذيل البوما الطويل يكلفه مساحة أكبر في الإعلان، وهو ما يعني أموالًا أكثر.

عُرض على لوتز أن يتقاضى أتعاب الشعار على شكل سنت مقابل كل قطعة ملابس تباع وعليها الشعار الذي صممه، إلا أنه رفض واكتفى بـ 600 مارك فقط مقابل الشعار، ربما لو وافق لكانت ثروته الآن بالملايين.


كابا: علامة تجارية وشعار نتيجة لسلسلة من الصدف

شعار شركة كابا على قميص نادي نابولي الإيطالي.

عام 1916 قرر الشاب «أبرامو فيتالي» الزواج من الفتاة الكاثوليكية «سيزارينا مالياني»، وهو ما لم يتقبله أبوه اليهودي «دافيد فيتالي»، فخيره بين زوجته الجديدة والاستمرار في العمل مع العائلة، فقرر أبرامو أن يستقل بعمله الخاص محافظًا على زوجته.

بدأ أبرامو في تأسيس شركة صغيرة لصناعة الجوارب تحت اسم كاسيفتشو تورينيزي، والتي استطاعت أن تتطور مع الوقت وتنمو نموًا ملحوظًا ليعود الوفاق مرة ثانية بين أبرامو وأبيه، ثم تدمج شركتاهما في مؤسسة جديدة تحت اسم ماليفتشو كاسيفتشو تورينيزي عام 1955.

ثمة خطأ في الصناعة لعدد كبير من الجوارب حدث عام 1956، وهو ما دفع الشركة لإعادة إنتاج جوارب جديدة مطرز عليها حرف «K» في إشارة للدقة القصوى وفقًا للمعايير الألمانية المعروفة بـ «K KONTROLL». أصبح الجميع يريد الجوارب المطرز عليها حرف «K»، ومن هنا ظهرت العلامة التجارية «Kappa»، لتصبح أحد أهم شركات إنتاج الجوارب والملابس الداخلية حول العالم.

عام 1970 يرث «ماوريتسيو فيتالي»، ابن أبرامو، الشركة وهو بعمر الـ 23 فقط، لينجح في تطوير الشركة واقتحام مجال الملابس الرياضية بعد ثماني سنوات فقط.

بعد عرض عدة صور لجلسة تصوير خاصة بملابس السباحة، التقط ماوريتسيو صورة لفتى وفتاة يجلسان يسند كل منهما ظهره على ظهر الآخر، تم تصويرها بالصدفة البحتة، وبفعل الإضاءة كانا يشكلان خيالًا تم إضافته للصورة. قرر ماوريتسيو أن يتم تصميم الشعار الجديد ليماثل نفس وضعية الفتى والفتاة، حيث رأى ماوريتسيو أن ذلك الشعار يشير إلى التساوي بين الجنسين والتكامل بينهما، ليظهر شعار كابا الشهير إلى النور.


لوتو وريبوك، علامات ذات دلالات

لكل علامة رياضية دلالة ما، ربما تكون واضحة للبعض ومجهولة لآخرين، ما بين حروف متداخلة وإشارات لمدن ودلالات لموطن الشركة والكثير من الإشارات.
لكل علامة رياضية دلالة ما، ربما تكون واضحة للبعض ومجهولة لآخرين، ما بين حروف متداخلة وإشارات لمدن ودلالات لموطن الشركة والكثير من الإشارات.

فشعار شركة لوتو الإيطالية الشهيرة عبارة عن ملعب كرة قدم وملعب تنس تم وضعهما فوق بعضهما البعض لتجمع الشركة بين أهم مبادئ اللعبتين، اللعب النظيف والاحترام، أما شعار رييبوك فعبارة عن اسم العلامة التجارية نفسها فقط، وهي للدلالة على النطق المحلي للغزال الجنوب الأفريقي.

تبقى الملابس الرياضية جزءًا مهمًا ومتطورًا ودالًا على تطور الرياضة تاريخيًا، وتبقى المنافسة بين شركات الملابس الرياضية دومًا لإنتاج الأفضل للمهتمين بالرياضة، ومع مرور الوقت يصاحب التقدم الصناعي تقدمًا في الدعاية والإعلان، وهو ما يجعلنا على استعداد أن نرى تطورًا في شعارات تلك العلامات التجارية في المستقبل، وقد حدث ذلك بالفعل عندما قرر فريق اليوفنتوس تغيير الشعار المعروف به تاريخيًا لآخر أكثر تطورًا وملاءمة للشكل الحديث. فقط يتوجب عليك المرة القادمة عندما تشتري أحد هذه المنتجات أن تدرك أن الشعار الذي ترتديه وراءه قصة وتاريخ.