الجزء الأول

لم يكن هناك من يطرح تساؤلات على كتشنر حول مسارات الحملة، لم يكن مخططًا أبدًا أن تطول الحملة بهذا الشكل وأن تتكبد بريطانيا هذا الكم من الضحايا. العديد من أعضاء الحكومة رأوا أن الجلاء عن المضائق هو الحل الوحيد لإيقاف نزيف الخسائر. تشرشل وكتشنر عارضا التراجع بقوة. تشرشل كان يخشى من ارتباط اسمه بالهزيمة في حملة عسكرية هو اقترحها، وكان أكثر المتحمسين لها.

كتشنر كان يرى أن هزيمة جيش من جيوش الإمبراطورية أمام قوة شرق أوسطية سيكون كارثة لبريطانيا؛ لذلك قرر وضغط للاستمرار في حملة عسكرية كان الجميع في مجلس الوزراء موقنين أن الإمبراطورية هُزِمَتْ فيها. تصميم تشرشل العنيد على مواصلة «حملة الدردنيل» جعله دومًا في مرمى نيران الرأي العام كمسؤول عن سقوط آلاف الضحايا.

لم يكن هيربرت إسكويث، رئيس الوزراء، راغبًا في اتخاذ قرار بالانسحاب من «جاليبولي» دون موافقة كتشنر الذي كان ما يزال محتفظًا بصورته كبطل من أبطال الإمبراطورية وإله للحرب. لم يخطر على بال الرأي العام البريطاني والبرلمان أن تَعَثّر الحملة من الممكن أن يكون راجعًا لأخطاء كتشنر. تشرشل بالنسبة لهم كان مدنيًا هاويًا يتدخل فيما لا يعلم. كانوا يرون أن التَعَثُر في «جاليبولي» يرجع أساسًا لتدخل السياسيين الهواة في عمل العسكريين المحترفين.

كتشنر كان عاملًا ضاغطًا للغاية على السياسيين المدنيين وقراراتهم حول الحرب. الوحيد الذي جرؤ على الضغط عليه ومساءلته كان لويد جورج

فيما بعد، أصبح متداولًا أن «جاليبولي» فشلت أساسًا نتيجة إحجام السياسيين المدنيين عن التدخل وترك الحملة بالكامل تحت إدارة العسكريين. كتشنر كان عاملًا ضاغطًا للغاية على السياسيين المدنيين وقراراتهم حول الحرب. الوحيد الذي جرؤ على الضغط عليه ومساءلته كان لويد جورج.

كانت جيوش الإمبراطورية تعاني نقصًا في الذخائر والتموين. وبما أنها مسألة تتعلق أساسًا بالتمويل واليد العاملة، فقد كانت تدخل ضمن اختصاصات لويد جورج كوزير للمالية. وعلى هذه الأرضية، بدأ مساءلته لكتشنر. تدريجيًا، بدأ لويد جورج ينتزع اختصاصات وزير الحرب المتعلقة بالذخائر. حقّق لويد جورج نجاحًا باهرًا في مهمة فشِل كتشنر في تحقيق أي إنجاز فيها. ومن هنا، بدأت سلطة كتشنر تتقوّض كمسؤول أوحد وصاحب القرار في المجهود الحربي للإمبراطورية.

ذهب كتشنر بنفسه لمعاينة الوضع العسكري على الطبيعة في الدردنيل. عاد وأخبر مجلس الوزراء أنه يرى الوضع ميؤوسًا منه؛ لذلك فهو يوصي بجلاء القوات عن «جاليبولي» تجنبًا للمزيد من الخسائر. كانت توصية وزير الحرب بمثابة طوق النجاة لمجلس الوزراء الذي اتخذ على الفور قرارًا بالانسحاب من المضائق. قرار الانسحاب وصفه الكثيرون، فيما بعد، بأنه كان القرار الوحيد الصحيح ضمن سلسلة من الأخطاء الفاحشة التي رافقت «حملة الدردنيل» منذ بدايتها.

«حرب الخنادق» وحالة الجمود على الجبهة، دفعت الطرفين لمحاولة تحقيق الانتصار خارج ميدان الحرب الرئيسي. ألمانيا ضغطت عسكريًا على روسيا، قامت الثورة الروسية ‌أثناء الحرب، عاد لينين لروسيا على متن قطار مر خلال رحلة العودة بمناطق تسيطر عليها القوات الألمانية، ألمانيا سعت لعودة لينين المؤيد لخروج روسيا من الحرب، الوطنيون الروس كانوا يتهمون لينين بالعمالة لألمانيا، خرجت روسيا من الحرب بعد وصول لينين وحزبه للسلطة.

«حملة الدردنيل» كانت ‌اقتراح تشرشل لهزيمة تركيا والاستيلاء على القسطنطينية كخطوة أولى نحو السيطرة بالكامل على الشرق الأوسط وتخفيف الضغط الألماني على الجبهة الروسية. الهزائم في «جاليبولي» قضت على سطوة كتشنر كوزير للحرب ومدير وحيد لجيوش الإمبراطورية. ونستون تشرشل، لورد البحرية الأول Frist Lord of Admiralty، انتهى مستقبله السياسي تقريبًا بعد «جاليبولي»، إلى أن عاد عشية الحرب العالمية الثانية. الإمبراطورية كانت تخسر حربها في الشرق الأوسط.

مارك سايكس كانت له انتقاداته الجذرية لطريقة صنع السياسة في الشرق الأوسط. عند وصول سايكس للهند، التقى بلورد هاردينج، الحاكم البريطاني للهند، وأحد أهم صناع السياسة الخارجية للإمبراطورية، الذي أوضح له، دون لبس، معارضة أية اقتراحات لحكومة القاهرة حول استقلال العرب. كان يرى أنها اقتراحات خيالية للغاية. الاقتراح الوحيد الذي كان يتسم بالإيجابية، بالنسبة للورد هاردينج، هو أن تقوم الهند باحتلال «بلاد ما بين النهرين» و تضمها إليها؛ تأمينًا لمواصلات الإمبراطورية للهند. سايكس كان أكثر ميلًا لتأييد القاهرة ضد الراج البريطاني (اسم الحكومة البريطانية للهند).

كل مؤسسة كانت لها سياستها الخاصة في المنطقة دون تنسيق من جهة مركزية مسئولة عن توجيه سياسة الإمبراطورية في المنطقة

الصراع بين حكومتي القاهرة والهند كان حول أحقية صنع السياسة في الشرق الأوسط. حكومة الهند البريطانية كانت تؤمن بأحقيتها في احتكار كل ما يخص المنطقة. وقف الراج البريطاني على النقيض من مجموعة من الضباط والدبلوماسيين والعلماء صغار السن ممن قضوا فترة ما قبل الحرب في استكشاف المنطقة العربية ودراستها واستخراج آثارها. رأى هؤلاء أن للمنطقة العربية خصوصية عن كل ما يقع شرق العراق، فالمنطقة بأكملها تتحدث العربية ويدين أغلبها بالإسلام السني وتقع تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية. حكومة الهند كانت رؤيتها اختزالية للمنطقة وسكانها. لم يستطع الراج البريطاني أن يفرق بينهم وبين أهالي إيران والهند، فكلهم وفقًا للوثائق الصادرة عن الأخير، «محمديون».

لم تكن هناك جهة مركزية واحدة مسئولة عن صنع سياسة الإمبراطورية في المنطقة. الراج البريطاني، حكومة القاهرة، وزارة الحربية، وزارة الخارجية، الأميرالية (وزارة البحرية)، كل مؤسسة كانت لها سياستها الخاصة في المنطقة دون تنسيق من جهة مركزية مسئولة عن توجيه سياسة الإمبراطورية في المنطقة. أحصى سايكس، ذات مرة، ثماني عشرة جهة يجب استشارتها قبل التوصل لقرار في الشرق الأوسط.

«لجنة دبونسين» التي كان مارك سايكس يوجه أعمالها، قدمت تقريرها عن الشرق الأوسط بعد الحرب في 30 يونيو/حزيران 1915م. أرسلت الحكومة البريطانية سايكس للمنطقة لبحث توصيات اللجنة مع المسؤولين البريطانيين. كانت مهمة طويلة نسبيًا. قضى سايكس حوالي ستة أشهر متنقلًا ما بين البلقان والهند ومصر وبلاد الرافدين والخليج الفارسي. كانت الجولة فرصة مهمة للقاء المسئولين البريطانيين في المنطقة لاستطلاع آرائهم حول السياسة البريطانية الواجب انتهاجها في المنطقة.

كانت القاهرة هي أهم محطاته، حيث التقى بمستشاري كتشنر لشئون الشرق الأوسط في صيف عام 1915م، كان أهمهما سير رونالد ستورز الذي كان يشغل منصب السكرتير الشرقي. تعرف أيضًا على جيلبرت كلايتون. الاثنان سيلعبان دورًا كبيرًا في تأسيس «المكتب العربي Arab Bureau» في القاهرة. أصبح سايكس منحازًا تمامًا لخطة أصدقائه في القاهرة، تلك الخطة التي كانت تدعو لارتقاء «الشريف حسين»، شريف مكة، لمنصب خليفة المسلمين، وهو ما كان ينسجم مع قناعات سايكس بأن الخلافة يجب أن تنتقل للجنوب في بلاد العرب.

انحاز سايكس تمامًا لمشروع «الإمبراطورية المصرية» الذي كان ينادي به سير رونالد ستورز. كان المشروع يقترح كيانًا عربيًا موحدًا، يحكمه روحيًا الشريف حسين، ودنيويًا ملك مصر ذو السلطة الرمزية، على أن تدار شئون الحكم الفعلية من دار المندوب السامي البريطاني في القاهرة، الذي كان من المفترض أن يكون لورد كتشنر.

كان ستورز يعتقد أن إمبراطوريته المصرية التي ستحل محل الإمبراطورية العثمانية يجب أن تضم فلسطين وسوريا، كان يرى أنه من المبالغ فيه للغاية إعطاء فرنسا سوريا بأكملها. الإمبراطورية المصرية فكرة لم يُقَدَّر لها أن ترى النور على أي حال. من المدهش فعلًا تأمل دور القاهرة في صنع السياسة البريطانية في المنطقة في مواجهة حكومة الهند البريطاني.

دار المندوب السامي في القاهرة كانت تخوض حربًا ضد حكومة الهند للاستئثار بصنع سياسة بريطانيا في المنطقة. حكومة الهند كان بإمكانها أن تتحدى ببساطة الحكومة البريطانية في لندن. القاهرة المستعمرة الحديثة نسبيًا كانت قادرة على تحدي حكومة الهند البريطانية العريقة التي تحكم أقدم وأغنى مستعمرات التاج البريطاني، وهذا يعطينا فكرة جيدة عن التراتبية التي تحتلها القاهرة في هيراركية الإمبراطورية.

عند عودة سايكس للندن، كان يحمل في جعبته اقتراحين قُدِّرَ لهما أن يغيرا وجه المنطقة. كان سايكس يحمل معلومات مثيرة للغاية عن أحد ولاة الدولة العثمانية المستعد للتحالف مع بريطانيا، وعن برنامج تم إعداده على أساس هذا التحالف. كان ذلك مهمًا للغاية للمجهود الحربي البريطاني لتحويل تيار الحرب ضد الدولة العثمانية، خصوصًا بعد الفشل الكارثي الذي منيت به «حملة الدردنيل» من الناحيتين العسكرية والسياسية، هذا كان الاقتراح الأول.

مارك سايكس معروف في عالمنا العربي بأنه الرجل خلف «سايكس-بيكو». لا يعرف الكثيرون أنه كان العقل والقوة الدافعة لتأسيس «المكتب العربي».

الاقتراح الثاني كان فكرة إنشاء وكالة مركزية لإدارة سياسة الإمبراطورية في الشرق الأوسط، على أن يكون مقرها في القاهرة وتحت رئاسته. القاهرة كانت متحمسة للفكرة للغاية. أوستن تشمبيرلين، وزير الدولة الجديد لشئون الهند، طرح فكرة إنشاء ما يسمى بـ «المكتب الإسلامي» لمقاومة دعاية العدو في الهند وفارس وأفغانستان. كان السلطان العثماني، خليفة المسلمين، قد أعلن الجهاد على بريطانيا مما خلق مشاكل في تجنيد مسلمي الهند وأفغانستان في جيوش الإمبراطورية.

لورد هاردينج، نائب الملك في الهند، أرسل لرئاسة الوزراء معلنًا معارضته بشكل قاطع لإنشاء أية هيئات تنتقص من اختصاصاته، خصوصًا إن كانت تحت إدارة سايكس وأصدقائه في القاهرة. قررت اللجنة التي شكّلها رئيس الوزراء لدراسة اقتراح سايكس الموافقة عليه في أوائل 1916م، لكن مع تغيير جوهري عما طلبه سايكس. تقرر إنشاء «المكتب العربي»، هكذا أطلقوا عليه، سيكون جزءًا من إدارة المخابرات في القاهرة، وليس هيئة مستقلة لإدارة السياسة البريطانية في المنطقة كما كان يريد سايكس.

كتشنر ووزارة الخارجية رفضا التنازل عن اختصاصاتهما في إدارة السياسة البريطانية في المنطقة لصالح الهيئة التي يرأسها مارك سايكس. ولتهدئة خواطر رئيس المخابرات البحرية، الذي كان متشككًا في جدوى الفكرة، تم تعيين ديفيد جورج هوجارث David George Hogarth، الضابط السابق في مخابرات البحرية، والبروفيسور في جامعة أوكسفورد، لرئاسة المكتب.

لم يكن دكتور هوجارث مجرد أستاذ للآثار في أوكسفورد، بل كان مديرًا لمتحف أشموليان Ashmolean Museum للآثار في أوكسفورد، بالإضافة لترأسه للجمعية الملكية الجغرافية ووقف استكشاف فلسطين، المسئوليْن عن تمويل كل الأبحاث العلمية والجغرافية التي بنيت عليها الجهود الصهيونية لاحقًا. كان أيضًا أستاذ ورئيس كل من توماس إدوارد لورانس Thomas Edward Lawrence و جرترود بيل Gertrude Bell، في أوكسفورد، كما كانت بيل الصديقة الأقرب لأخته الصغرى.

أصبح المكتب العربي برئاسة هوجارث مركز جذب لكل السياسيين والعلماء والرحالة الطامحين للمشاركة في صنع السياسة البريطانية في المنطقة. استدعى هوجارث توماس إدوارد لورانس، عالم الآثار الشاب الذي عمل معه في متحف أشموليان في أوكسفورد. اشتهر لورانس بعدها باسم «لورانس العرب»، أصبحت القاهرة أخيرًا مركزًا لصنع سياسة الإمبراطورية في الشرق الأوسط.

لورد كتشنر وسير مارك سايكس ورجالهما في القاهرة، أصبحوا هم فعلًا الصناع الفعليين لسياسة الإمبراطورية في الشرق الأوسط بعد تأسيس «المكتب العربي» في القاهرة. الدور الرئيسي لـ «المكتب العربي» ورجاله، بقيادة لورانس، كان توفير الدعم لما عُرِفَ بعد ذلك بالثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين، أمير مكة، وأولاده، وهو مقترح سايكس الأول الذي ذكرناه سابقًا، وهو الذي حمله سايكس معه بعد عودته من رحلته في المنطقة. أصبح الاقتراحان معًا بمثابة خطة عمل كاملة لسياسة الإمبراطورية في المنطقة.

لم تكن مهمة المكتب العربي مخابراتية فقط؛ المكتب كانت له مهام معرفية أيضًا. لم يتوقف المكتب عن إنتاج المواد العلمية وكتابة التقارير ورسم الخرائط. حتى يومنا هذا، تبقى الموسوعة المعروفة بالـ «النشرة العربية Arab Bulletin» هي المنشور العلمي الأكثر أهميةً عن المنطقة العربية في القرن العشرين؛ موسوعة من أربعة مجلدات تقع في قرابة الألفي صفحة، أنتجت ونشرت بشكل سري ومحدود للغاية لمصلحة موظفي حكومة جلالة الملك ممن قد يضطرون للتعامل مع شئون المشرق العربي.

مارك سايكس معروف في عالمنا العربي بأنه الرجل خلف «سايكس-بيكو». لا يعرف الكثيرون أنه كان العقل والقوة الدافعة لتأسيس «المكتب العربي». لا نكون مبالغين إذا قلنا إن المكتب العربي كان اللاعب الأهم على الإطلاق ضمن دور بريطانيا في تشكيل المشرق العربي الحالي، وهو دور أكبر بكثير من مجموعة تفاهمات عقدها سايكس نعرفها اليوم بـ «سايكس-بيكو».

كان سايكس في باريس في 1919م للمشاركة في مفاوضات السلام. مات في غرفته في «فندق لوتي» بالقرب من «حدائق التويليري» في 16 فبراير/شباط 1919م؛ بسبب إصابته بالأنفلونزا الأسبانية. هارولد نيكلسون، الدبلوماسي الشاب المشارك في المؤتمر، وصف تأثيره قائلًا: «لولا حماسه ومثابرته وإيمانه، لما أصبحت القومية العربية والصهيونية من أنجح نتائج حربنا».

في كتابه «ثورة في الصحراء Revolt in Desert»، وهو نسخة مختصرة من «أعمدة الحكمة السبعة»، لخص لورانس سياسة بريطانيا خلال الحرب، كالتالي: «لقد وضعنا، بمهارة، مكة في مواجهة الأستانة والقومية ضد الإسلام». واستطرد بأنهم عندما فكروا في مستقبل العالم العربي بعد الحرب، وجدوا أنه ينقسم إلى قسمين: ففي الشمال دول متقدمة نسبيًا لوجود أنهار وفيرة وحضارات قديمة وطبقات نالت حظًا من التعليم، بينما في الجنوب صحراوات جرداء ما يزال البترول في باطنها. وكتب: «لو أننا أعطينا الاستقلال للدول المتقدمة نسبيًا، فسرعان ما تتقدم وتتحول للصناعة وتصبح خطرًا علينا، ولذلك منحنا الاستقلال لليمن والحجاز، وفرضنا الحماية والانتداب على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين».

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.

المراجع
  1. A Peace to End All Peace: The Fall of the Ottoman Empire and the Creation of the Modern Middle East, by David Fromkin.
  2. “The Arabism”, The Romance of American Elite, by Robert D. Kaplan.
  3. الصهيونيه غير اليهودية، جذورها في التاريخ الغربي، ريجينا الشريف.
  4. الرجال خلف سايكس بيكو: القصة الأطول، المظفر قطز تاج الدين، نون بوست.