خلال الأسبوعين الماضيين، ربما استمعت كثيرًا لاسم «هارفي واينستاين»، أو فضيحة التحرش الجنسي بنجمات هوليود. وربما رأيت أمامك «هاشتاج MeToo»، تحكي فيه فتاة -تعرفها أو لا تعرفها- قصتها مع التحرش الجنسي، سواء في مصر أو خارج مصر. موجة عالمية، كبيرة، وصادمة من حكايات النساء، فنانات أو غير فنانات، عن الانتهاكات الجنسية، وامتدت لتشمل مصر والوطن العربي.

بدأت هذه الموجة مع سقوط أحد قلاع الإنتاج الهوليودي، وهو المنتج «هارفي واينستاين». إليك تفاصيل القصة، وكيف امتدت لبلدان أخرى؟، ولماذا رغم انتقال القضية وشكاوى السيدات والفتيات لمصر، لم تتهم الفنانات المصريات أحدًا بالتحرش الجنسي مثل بقية دول العالم؟.


من هو هارفي واينستاين؟

هو منتج وفنان أمريكي ولد في مارس/آذار عام 1952، في مدينة نيويورك، أسس هو وأخوه شركة «Miramax»، والاسم هو خليط من اسمي والدتهم «ميريام»، ووالدهم «ماكس». ساهمت الشركة في إنتاج العديد من الأفلام الهامة والتي ساهمت بقوة في الشكل الفني الذي سارت عليه أفلام هوليود.

ففي النصف الأول من التسعينات، أنتجت «Pulp Fction» وهو العمل الثاني من إخراج السينمائي الشهير «كوانتين تارنتينو». والأول الذي ينتقل فيه من إطار السينما المستقلة إلى سينما الأستديوهات ذات الإنتاج المرتفع نسبيًا. وتعاون واينستاين مع تارنتينو في أفلام أخرى أشهرها «Kill Bill» بجزئيه. كما حصل على جائزة الأوسكار بسبب مشاركته كمنتج فني في فيلم «Shakespeare In Love» من إخراج «جون مادين». وترشح على نفس الجائزة في فيلم «Gange of New York» للمخرج الشهير «مارتين سكورسيزي».

على المستوي السياسي، يعتبر واينستاين أحد أشهر الداعمين لمرشحي الحزب الديموقراطي، وفي العام الماضي جعل منزله القاطن في مانهاتن مقرًا للمؤسسة التي تجمع التبرعات لصالح حملة المرشحة الديموقراطية لانتخابات الرئاسة «هيلاري كلينتون»، وتربطه علاقات جيدة بـ«باراك أوباما»، فابنته الكبرى «ماليا» إحدى المتدربات في شركة واينستاين.


الحكاية وما فيها

كيف يمكنني الخروج من الغرفة في أسرع وقت ممكن دون تنفير هارفي واينستاين؟
الممثلة الأمريكية «أشلي جود»

في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري نشرت جريدة «نيويورك تايمز»تقريرًا بعنوان «هارفي واينستاين يدفع لضحاياه المتحرش بهم جنسيًا لعقود»، وكانت افتتاحية التقرير صادمة حيث بدأت بذكر ما فعله مع الممثلة «أشلي جود»

عدّد التقرير الكثير من المواقف السابقة للمنتج مع ممثلات وأشخاص آخرين، وكيف صنع قنوات اتصال ووسطاء بينه وبين الممثلات الصغيرات اللاتي يطمحن في فرصة للعمل بهوليود، وفي النهاية كيف كان يخفي جرائمه ويساوم الضحايا بطرق مختلفة، وكيف يوقف الشكاوى التي تقدم ضده.

تفاصيل الخبر الصادمة تسببت في ضجة كبيرة ولكن ألحقته الجريدة نفسها بتقرير شمل أسماء 30 ممثلة (من بينهن غوينيث بالترو، روز ماكغون، جيسكا بارث، وغيرهن) تعرضن للتحرش من قبل واينستاين، أشهرهن «أنجلينا جولي» التي قالت: «لدي تجربة سيئة مع واينستاين في شبابي، ونتيجة لذلك اخترت عدم العمل معه مرة أخرى وتحذير الأخريات عندما يفعلن».

رغم عدم اتخاد أي قرار رسمي ضد واينستاين قبل الفضيحة، كان الأمر متعارفًا عليه للدرجة التي جعلت الحديث عنه ينتقل للمسلسلات والمؤتمرات. ففي مسلسلي «Scarlet diva»، و«encourage» ظهر أحد أبطال المسلسل بشكل يشبه واينستاين، وكان يقوم بالتحرش بالممثلات بنفس طريقة واينستاين.

وفي مسلسل «Rock 30» قالت إحدى الشخصيات بطريقة ساخرة إنها رفضت عرضًا من هارفي واينستاين. وقالت المغنية والممثلة «كورتني لوف» في أحد المؤتمرات عندما طُلب منها توجيه نصيحة للممثلات الصغيرات، بأنه إذا عرض عليك هارفي واينستاين دعوة لحفلة فيجب عليك رفضها.


سقوط واينستاين

منذ عقدين، دعا المنتج الهوليودي هارفي واينستاين أشلي جود إلى فندق «بينينسلا بيفرلي هيلز» حيث تتوقع أن يكون إفطار عمل، ولكن بدلاً من ذلك أرسلها إلى غرفته حيث ظهر لها بملابس الحمام، وسألها إذا كان يمكنه أن يدلك جسدها، أو أن تشاهده وهو يستحم.

توالت ردود الفعل السريعة، حيث أعلنت الشركة التي أسسها واينستاين عن طرده من مجلس إدارتها، كما أ صدرت شركة «والت ديزني» بيانًا توضح فيه أنها لم تكن على علم بالشكاوى أو الدعاوى القضائية التي أقيمت بسبب السلوك الجنسي العدواني للسيد واينستاين، والذي غادر الشركة عام 2005 لتأسيس شركته الخاصة. وأصدرت المؤسسات القائمة على مهرجان «كان» وجائزة «البافتا» بيانًا توبخه فيه. وقامت أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة بحذف عضوية واينستاين فيها.

وامتدت ردود الفعل بين السياسيين وخصوصًا من أ عضاء الحزب الديموقراطي، حيث بدأ الحزب الديموقراطي في التخطيط للتنصل من المنتج المتهم، حيث ستقوم بتحويل تبرعاته لهم للأعمال الخيرية. وأصدرت هيلاري كلينتون بيانًا عبرت فيه عن صدمتها وذهولها من المعلومات المكتشفة عنه. وأصدر باراك أوباما وزوجته ميشيل بيانًا قائلين إن أي رجل يحط من مكانة المرأة أو يقلل من قدرها يجب إدانته مهما كان مركزه أو ثروته.

سقط واينستاين وفقد أغلب وظائفه ومميزاته، وأصبح أمره في يد المحققين سواء في أمريكا أو بريطانيا، وتشير التوقعات أنه على الأغلب سوف يُدان ويتعرض لعقوبة. ولكن الأقاويل والشائعات تؤكد أن جريمة التحرش والانتهاكات الجنسية لا تتوقف عند السيد واينستاين فقط، بل تمتد للكثيرين، ربما لم يتم فضحهم بسبب سلطتهم ونفوذهم، وهي نفس الأسباب التي أجلت فضيحة المنتج الشهير لعقود. هكذا دعت العديد من السيدات في الوسط الفني أو خارجه، في هوليود أو حول العالم، للمشاركة بتجاربهن مع التحرش والانتهاكات الجنسية في «هاشتاج MeToo» والذي شارك فيه آلاف من السيدات حول العالم.