في نوفمبر المقبل ستكون الأوساط الإعلامية الأمريكية على موعدٍ مع حدث مبهر، فهو التاريخ الذي سيشهد انطلاق أولى قنوات التليفزيون المملوكة لشركة «ديزني» العملاقة، والتي ستكون بالطبع الواجهة الحصرية لعرض كافة أفلامها التي تنتجها استوديوهاتها ذائعة الصيت، ما يضمن لها نجاحًا مؤكدًا فور انطلاق لحظات البث الأولى، بل ربما حتى من قبل أن يبدأ.

المنصة التليفزيونية ستحمل اسم «Disney+»، وستتبع نمط الاشتراك المدفوع مسبقًا مثل «نتفليكس» وHBO وغيرها، وستعني قطعًا بالعرض الحصري لكل ما ستُخرجه منصاتها الإنتاجية المختلفة مثل «Walt Disney Pictures»، و«Walt Disney Animation Studios »، و«Pixar»، و«Marvel Studios»، و«20th Century Fox»، و«National Geographic»، و«Lucasfilm» من أفلام وبرامج ومسلسلات.

ستكون إطلالتها الأولى بنوفمبر 2019 في أمريكا، ومن بعدها ستكون دول أوروبا الغربية وبعض القطاعات الآسيوية المستهدفات التالية خلال الفترة ما بين نهاية هذه السنة وبداية الجديدة؛ أما دول أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية فمن المفترض أن تشملها المظلة بنهاية عام 2020، وفقًا لما أعلن عنه بوب إيجر رئيس الشركة، في مؤتمر صحفي برّاق تناسب مع مدى أهمية الحدث.

100 عام من العظمة

في لقاء تليفزيوني حلّ فيه «إيجر» ضيفًا حواريًا، سأله المذيع عمّا إذا كان اعتراه أي قلق بخصوص هذه الخطوة، فأجابه:

كلا، نحن نمتلك 100 عام من الخبرة في صناعة محتوى عظيم، العالم بأسره أحبه.

وهو ما يؤكد أن الانطلاقة المرتقبة لمجموعة القنوات، وإن ركزت على المحتوى العائلي المناسب لجميع أفراد الأسرة، ستملك ما هو أكثر من حشد أرقام أعمال تزدان بها قوائم المشاهدات وتتعدد بها خيارات المتابعين، فجعبة «ديزني» من العروض تشمل 7500 حلقة تليفزيونية و500 فيلم و250 ساعة من الأفلام الوثائقية لقناة ناشيونال جيوجرافيك، متوقع أن ينضم إليها 25 مسلسلاً (أبرزها The Mandalorian) و10 أفلام جديدة يتم إنتاجها الآن، وهي أرقام لا تشكل تهديدًا كميًا على منافستها الأولى «نتفليكس» التي تمتلك 47 ألف حلقة تليفزيونية و4 آلاف فيلم، إلا أن الشركة تراهن على سمعتها التاريخية على إنتاج محتوى حصري عالي الجودة يجذب الملايين حول العالم.

علاوة على أنها لا تعتمد على هذا الصيت وحسب، وإنما لن تقف مكتوفة الأيدي في سباق الكمّ كثيرًا، فهي تسعى لأن تدعم محتواها بـ 120 فيلمًا و50 مسلسلاً و10 آلاف حلقة برامج تليفزيونية ستنتجها حتى العام 2024، رصدت لها ميزانية ضخمة بلغت مليار دولار للعام 2020 فقط ستزيد تباعًا إلى أن تبلغ 2.4 مليار خلال 4 أعوام.

أعدّت «ديزني» باقة متميزة من أفلامها شديدة النجاح التي تكالبت عليها جماهير السينمات حول العالم، والتي أمّنت لقناتها عرضها حصريًا في انطلاقتها الأولى مثل Star Wars saga، وAvengers: Endgame، وFrozen 2, Toy Story 4, The Rise of Skywalker، علاوة على الأجزاء الثلاثين من مسلسل الكارتون الشهير The Simpsons.

وستُتاح الخدمة أولاً عبر الهواتف الذكية والتابلت وشاشات التلفاز الذكية، مع وجود خطة مستقبلية لتشمل الخدمة أجهزة الآيفون والكمبيوترات المحمولة مستقبلاً، بالإضافة إلى تقديم خدمة فريدة للعملاء وهي إمكانية تحميل الحلقات ومشاهدتها على الجهاز في حالة عدم وجود إنترنت.

مورجان ستانلي، المحلل الاقتصادي في «وول ستريت»، تنبأ بأن ديزني يمكنها أن تستحوذ على 13 مليون مشترك في نهاية العام 2020، علاوة على 50 مليون مشترك عبر كافة خدماتها الإنترنتية المختلفة، ومع حلول العام 2024 ستكون قد أمّنت 130 مليون مشترك عبر خدماتها الإنترنتية، توقعات متفائلة ترافقت مع صعود في أسهم الشركة بنحو 4.4% تزامن مع هبوط نتفليكس 1%.

التوقعات الرسمية للشركة لم تكن على نفس القدر من التفاؤل، بعدما أعلن مسؤول بارز بها أنهم يعتقدون أنهم سيستقبلون عدد اشتراكات سيتراوح بين 60 إلى 90 مليون اشتراك بنهاية العام 2024.

نتفليكس

في مقابلة جمعت رئيس «ديزني» الأسبق مايكل إيسنر مع صحيفة «ديلي ميل»، قال بوضوح «إذا كان هناك أحد قادر على هزم نتفليكس، فهو ديزني»، وهو ما يشي بأن الجميع يترقب صراعًا بين عملاقين على عرش الشاشات الصغيرة خلال السنوات المقبلة.

ومنذ العام 2016 اقتنصت نتفليكس العرض الحصري لأبرز أعمال ديزني وفقًا لاتفاق مدته 3 أعوام ينتهي هذه السنة، وبعد توقيعه بعامٍ واحد أعلنت الأخيرة أنها لن تُجدده مرة أخرى وستُنهي العمل به فور نهاية تاريخه، وهو ما اعتبره المتابعون حينها أنه «خطوة غير واضحة» من العملاق الإعلامي الأمريكي تزيد من تخمينات ما إذا كان ينتوي إنشاء شركة تقدم خدمة البث التليفزيوني المدفوع، وهو ما لم يوضح حينها وبات حقيقة جلية الآن.

بعدما قررت مزاحمة الأولى في سوقها ولعب دور المُنتج والعارض معًا، وبهذا متوقع أن يكون فيلم Mary Poppins Returns هو آخر ما ستقدمه شاشات نتفليكس من إنتاج «ديزني»، على أن يكون «كابتن مارفل» هو أول عمل تُنتجه ديزني وتعرضه على شاشتها. 

سعر الاشتراك المطلوب للالتحاق بخدمة «ديزني+» 6.99 دولار للشهر أو 69.99 دولار للسنة، وهو رقم تنافسي للغاية إذا ما قورن بـHBO التي تكلف مشتركيها 14.99 دولار شهريًا أو نتفليكس التي تتراوح قيمة الانتساب إليها بين 8.99 دولار و15.99 دولار.

لكن مسحًا شمل 5500 شخص في أمريكا وبريطانيا، أجراه موقع بحثي في اقتصاديات الأفلام، أكد أن 60% من العينة يعتبر رقم الاشتراك المعلن من ديزني بخسًا، وأنه على استعداد لدفع 20 دولارًا لنيل خدماتها، وهو ما يُنذر الأخيرتين بأن المنافسة مع العملاق المرتقب سيكون تأثيرها عليهما «أكبر من المتخيل بمراحل»، وفقًا لما توقعه المحلل الاقتصادي تود جيونجر.