منذ بضع سنوات لم يكن لاسم«Netflix» صدى مهما في أذن المشاهد في الوطن العربي، رغم كثرة الأقاويل في تلك الآونة بين بعض المتابعين في أوروبا وأمريكا على أهمية هذا المشروع وتغييره المحتمل لخريطة الإعلام المرئي والمسموع. ولكن في الشهور الأخيرة، وخصوصاً بعد إتاحة الخدمة للمستخدمين في المنطقة العربية ومصر أصبح لـ«Netflix» اسما مهما. وبعد تواتر الأخبار عن دخولها عالم صناعة السينما، سادت حالة من الجدل بين صناع الأفلام ومدى تأثير ذلك على مستقبل جودة الصناعة. في هذا التقرير نتعرف على خدمة Netflix وتطورها والجدل السائد حولها.


ما هي Netflix وكيف تطورت؟

طبقا لتعريف الموقع الرسمي؛ Netflix هي خدمة بث تتيح من خلالها لعملائها مشاهدة مجموعة متنوعة من العروض التلفزيونية والأفلام والوثائقيات وغيرها من الأعمال الحائزة على جوائز من خلال الآلاف من الأجهزة المتصلة بالإنترنت. ستستمتع من خلال Netflix بمشاهدة محتوى غير محدود دون أي مقاطعة بإعلانات تجارية. ستجد دومًا شيئًا جديدًا لتكتشفه؛ ويتم إضافة المزيد من العروض التلفزيونية والأفلام كل شهر.تأسست Netflix على يد «ريد هاستنغر» عام 1997، في البداية كانت تخصص الشركة في تأجير وبيع الأقراص المدمجة للأفلام والمسلسلات، ولكن في عام 2007 قرر مدير الشركة إيقاف العمل في بيع الأقراص المدمجة والتوجه للبث الحي عبر الإنترنت. أصبحت Netflix رائدة في خدمات البث الحي، خصوصا أنها تبعد عن المشاهد إزعاج الإعلانات التجارية، بالإضافة لأسعار خدماتها الجيدة.اتخذت Netflix القرار الأهم في تاريخها حتى الآن، بدخولها كمنتجة وصانعة لأعمالها الخاصة، فبدأت في عام 2013 بإنتاج الموسم الأول لمسلسل «House of cards» بأبطال من الصف الأول كـ«كيفن سبيسي» و«ربن رايت»، وبدعم من المخرج الكبير «ديفيد فينشر» الذي أخرج الحلقة الأولى.

اقرأ أيضا:House Of Cards: بين جنون «ترامب» وجنون العالم ﻻقى المسلسل إعجاب الجماهير، الأهم من ذلك أن المشاهد أصبح متحررا من ثقل انتظار الحلقة أسبوعا كاملا مثل بقية المسلسلات، حيث تبث كل حلقات الموسم في نفس اليوم. وكذلك عدم تخلل كل حلقة فواصل إعلامية مزعجة. نجاح التجربة دفعها لتوسيع إنتاجها، فأنتجت الكثير من المسلسلات، أشهرها «Black Mirror»، و«Stranger Things»، و«Narcos»، و«Daredevile».


Netflix والإنتاج السينمائي

اقتحمت Netflix عالم الإنتاج السينمائي بقوة. حيث أعلنت إنتاج باقة من الأفلام لكبار نجوم هوليود، وسيتمكن المشاهد من متابعتها بدون الذهاب للسينما. أبرز هذه الأفلام فيلم «War Machine»، الذي سيبث في السابع والعشرين من الشهر القادم من بطولة «براد بيت». وهو فيلم حربي هزلي يعرض بسخرية الحرب الأمريكية على أفغانستان. والقادة الذين دعموا هذه الحرب.وفيلم «Bright» من بطولة «ويل سيمث» وإخراج «ديفيد إير»، وهو فيلم خيال علمي عن التعايش بين البشر ومجموعة من الكائنات الفنتازية. حيث يحاول الطرفان حل مشكلة كبيرة تواجههما، الفيلم سيعرض في شهر ديسمبر/كانون الأول القادم. وفيلم «Okja»، وهو فيلم مغامرات من بطولة النجمين الكبيرين «جاك جلينهال» و«تيلدا سيمنثون»، والقصة عن فتاة شابة تقوم بمهمة خطرة لمنع شركة كبيرة من خطف صديقتها لأسباب غامضة. سيعرض الفيلم في شهر يونيو/تموز القادم.وفي شهر أغسطس/آب القادم ستعرض فيلم «Death Note» وهو (أمركة) لمسلسل الإنمي الياباني الأشهر. أما المفاجأة الكبرى والتي تعدها Netflix لجمهورها في عام 2018، فهي اللقاء الثالث بين الأسطورتين «ربرت دينيرو» و«آل باتشينو»، وهو المشروع الذي يجمعهما لأول مرة مع المخرج الكبير «مارتن سكورسيزي»، ويسمى «The Irshman». وخصصت ميزاينة 100 مليون دولار للفيلم. ولكن تبقى معضلة أن من الشروط الأساسية للترشح لجائزة الأوسكار وأغلب الجوائز الكبرى عرض الفيلم في السينمات. وبالتالي تقف طبيعة بث أفلام Netflix عبر الإنترنت حائلا أمام ترشحها. ولذلك سيوقف كثير من النجوم والمخرجين وكتاب السيناريو الطامحين للجوائز التعامل معها. ولكن حسب صحيفة «wall street» فإن Netflix عالجت هذه الأزمة في أكتوبر الماضي. عندما تعاقدت مع مجموعة سلاسل دور العرض «ipic entertainment» على عرض أفلامها في نفس يوم بثها على الإنترنت. وبالتالي أصبحت أفلامها مستوفية لشروط الترشح للأوسكار.


ردود الفعل

ناشد المخرجان «كرستوفر نولان» و«صوفيا كوبولا» جماهيرهما مشاهدة الأفلام في السينما بدلا من اللجوء لخدمات الفيديو حسب الطلب (تقدمها أمازون) والبث الحي (نتفليكس). وذلك في المؤتمر السنوي المسمى «cinemacon» الذي تنظمه «الجمعية الوطنية لمالكي دور العرض». وقالا إنهما يأملان أن يشجع المشاهدون المتابعة في دور السينما، حيث (يجب أن تُشاهد الأفلام) حسب قولهم. وأضاف نولان «قصة فيلمي الجديد تحتاج أن تكون في وضع مثير، وأن تشعر أنك وسط المعركة والمكان الوحيد المعد لذلك هو دور السينما».وفي المؤتمر نفسه تحدث «سو كرول»، رئيس قسم التسويق والتوزيع في شركة «warner bros» المنتجة لفيلم نولان الجديد. عن تزايد الطلب على خدمات البث الحي والفيديو حسب الطلب. وأضاف: «أن أذواق المستهلكين تتغير ومعها تتغير طريقة عملنا. ما يقوله عملاؤنا هو أنهم يريدون مزيدا من الخيارات حول كيف وأين يشاهدون».وفي تقرير نشرته مجلة «variety» جاء فيه أن أستديوهات كبيرة كـ«fox» و«Universal» تنظر في مقترحات تقديم الأفلام حسب الطلب بعد بضعة أسابيع من عرضها.يبدو، على عكس رغبة نولان وكوبوﻻ، أن خدمات البث الحي والفيديو حسب الطلب أصبحت واقعا مفروضا حتى على أكبر الأستديوهات في هوليود. تلك الخدمات التي ساهمت شركة أمازون و Netflix في انتشارها. ولكن ما سيجعل هذه التجربة تستمر أو تتراجع هي الإيرادات التي ستجمعها Netflix وقدرتها على تسويق أفلامها. كذلك إقناع الأكاديمية وغيرها من المؤسسات الفنية في ترشيح أفلامها للجوائز الكبرى.