ماذا نفعل؟، نعلم أن الضحايا مجرد رهائن لدى الإدارة الأمريكية وأنهم لم يتبنوا الفلسفة المريضة والأهداف المدمرة التي يتبناها النظام، ولكن ما من طريقة تتفادى سقوط الأبرياء في سبيل تدمير هذا النظام، ما من طريقة فلا بد أن يسقط ضحايا.

للوهلة الأولى قد يتخيل البعض أن تلك التصريحات لإحدى التنظيمات الجهادية المعادية للولايات المتحدة في العالم، إلا أن المفاجأة أن تلك التصريحات جاءت على لسان مواطن أمريكي من ميليشيا ولاية ميتشجان تعليقًا على حادثة أوكلاهوما التي نفذتها الميليشيا وراح ضحيتها 166 قتيلًا.تلك التصريحات تصور وضع الإرهاب الداخلي في الولايات المتحدة الذي يجهله كثيرون وتحاول الحكومة الأمريكية مواراته عن الأنظار، حيث ينتشر الآلاف من مواطنيها الذين لا يهتمون بالدماء مهما كانت درجة تدفقها.الأمر لم يتوقف على ذلك، بل يمتد إلى حد وجود إعلانات منشورة في الصحف والجرائد الأمريكية يتم فيها نشر تلك الأفكار، مثل «يجب ألا نسمح للحكومة بإدارة شئوننا وحياتنا، يجب أن نعود إلى أيام الثورة الأمريكية الأولى، نحن ثوريون أمريكيون» والذي نشرته ميليشيا ولاية أريزونا في محاولة لإعلان الولاية دولة مستقلة.كل ذلك في الوقت الذي تنسب وسائل الإعلام الإمريكية وبعض الكتاب الإرهاب إلى الإسلام، زاعمين أن تعاليم الإسلام وأحكامه وبعض آيات القران الكريم تدعو إلى الإرهاب.


لماذا نشأت الجماعات الإرهابية في أمريكا؟

يمكن القول بأن تطبيق سياسات «مالتون فريدمان» الاقتصادية أثناء حكم «ريجان» كانت بداية لانتشار هذه الأفكار؛ نظرًا لما أدت إليه تلك السياسات من تركز الثورة في أيدي القلة، مما أدى لثورة هذه القطاعات الحاقدة على الحكومة الفيدرالية.كذلك فلا يستطيع أحد أن ينكر الدور المهم الذي يلعبه الدين في تشكيل تلك المنظمات والميليشيات، حيث يرأس القس «نورمان أولسون» ميليشيا ولاية ميتشجان، كذلك ما نجده في أسماء بعض المنظمات منها «مؤيدو الإنجيل»، «جيش المسيح في إسرائيل»، «كنيسة إسرائيل».كذلك إذا أخذنا في الاعتبار اعتراض معظمهم على سياسات الحكومة الأمريكية، خاصة فيما يخص التدخل الخارجي، حيث يرون أنها سياسات خاطئة تتسبب في وفاة آلاف الأرواح الأمريكية بالإضافة إلى الخسائر والأعباء الاقتصادية التي تنعكس في النهاية على المواطن الأمريكي.


أيديولوجية مشوهة:

كشفت وثيقة سرية تابعة لـFBI- نشرتها محطة «إي. بي. سي» التلفزيونية الأمريكية، عن وجود 41 منظمة و22 ميليشية إرهابية تهدد الولايات المتحدة داخليًّا، الأكيد وفقًا للوثيقة أن كلها منظمات أمريكية متطرفة أو بلا هوية دينية واضحة.وتتبنى كل تلك المنظمات مواقف عنصرية معادية للسود أو لليهود أو لهما معًا، وتتباين فيما بينها من حيث درجة نضج خطابها السياسي.والمتأمل في واقع الأمر يجد أن تلك الميليشيات والمنظمات ينتشر أنصارها في كافة الولايات الأمريكية، ويدخل في عضويتها مجموعة من العلماء وأساتذة الجامعات ومثقفون بارزون ومحامون وأطباء، بالإضافة إلى ضباط متقاعدين في القوات المسلحة الأمريكية.كذلك فالأيديولوجية الحاكمة لتلك المنظمات -وإن كانت مختلفة– إلا أن مجملها تعكس قيم تقديس الحرية الفردية للمواطن والخوف من السلطة المركزية، والعنصرية سواء للجنس الأبيض أو الدين المسيحي. لذا نجد أن هؤلاء يعتبرون أنفسهم في حالة حرب مع السلطة، أو يذهب المتطرفون منهم للاعتقاد بوجود مؤامرة تشارك فيها الحكومة الاتحادية، بهدف إقامة حكومة عالمية.ومن أبرزها ميليشيا ولاية أريزونا أو «منظمة أبناء الحرية» والتي تسعى إلى فصل ولاية أريزونا عن الولايات المتحدة، كذلك ميليشيا ولاية كولورادو أو «حراس الحريات الأمريكية» وهي تمتلك جريدة ودار نشر كما أنها ترسل مستشارين عسكريين لمساعدة الميليشيات في الولايات الأخرى.كذلك فهناك ميليشيا ولاية فلوريدا والتي تتكون من 6 فروع، ولها جيش وجهاز حكومي وجهاز قضائي على رأسه المحكمة الدستورية التي أرسلت أخيرًا أوامر إلى المسؤولين في المقاطعة لإطاعة قوانينها.ولعل أشهرها ميليشيا ولاية ميتشيجان، والتي اشتهرت بسبب الهجوم على المبنى الفيدرالي عام 1995 في أوكلاهوما، كذلك ميليشيا ولاية مونتانا، وهي واحدة من أكبر الميليشيات وتملك دبابات وعربات مصفحة ومدافع مضادة للدبابات، وتتدرب على حرب العصابات، وتطالب هذه الميليشيا بفصل الولاية عن باقي الولايات.


أشهر المنظمات الإرهابية الأمريكية:

الـ كو كلوكس كلان:هي أقدم المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة، حيث تم تأسيسها عام 1865 مع انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية على يد قدامى المحاربين الكونفدراليين، وسعت الحركة إلى إعادة التفوق الأبيض عبر مهاجمة العبيد المحررين والهجوم على من حررهم أو ساعدهم، وقد وسعت النسخة الحديثة لهذه الجماعة دائرة أهدافها وأصبحت تشمل المهاجرين والمثليين والمجرمين المتواجدين في المناطق الحضرية والأفارقة الأمريكيين، لذا تعتبر العقل المسؤول عن رسم العمل الميداني لمعظم الحركات والمنظمات المؤمنة بتفوق البيض الموجودة حاليًا.سيادة المواطنين:تتركز أيديولوجية تلك الجماعة على مبدأ “السلطة المطلقة للشعب”، حيث يؤمن أعضاؤها أن سلطاتهم وسيادتهم أعلى من الحكومة لذا فهم غير ملزمين بدفع الضرائب والاعتراف بالسلطة التنفيذية والأخطر عدم الاعتراف بسلطة القانون، وترفع الجماعة آلاف القضايا التافهة شهريًا بهدف إثقال كاهل النظام القضائي، وفي بعض الأحيان يعتدون على ضباط الشرطة الذين يحاولون إيقافهم بسبب انتهاكاتهم الطفيفة كتخطي السرعة القانونية على الطرق، وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن أعضاء الجماعة يقاربون الــ 100 ألف، إلا أنها تفتقد لقيادة مركزية يتم العمل تحت قيادتها.الـ كريبس:تأسست هذه العصابة عام 1970 في لوس أنجلوس لحماية الأحياء السكنية من التهديدات الخارجية، ووصل عدد أعضائها لما يزيد عن 30 ألف عضو في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وليس هناك أجندة أو برامج معينة لهذه الجماعة، إلا أنها تعتمد الجريمة كوسيلة لإخافة وردع كل من العصابات المنافسة والعامة، كما أنها أحد أهم وأشهر موزعي المخدرات حول العالم وفقًا لتقارير الـ FBI.كهنوت فينياس: هي جماعة مسيحية تستخدم العنف لبث رسائل الكراهية ضد كل من هو مختلف عنهم، وتسعى الجماعة إلى تحقيق أمة مسيحية مكونة فقط من أصحاب البشرة البيضاء، كما أنها تحتج دائمًا على العلاقات مختلطة الأعراق، المثلية الجنسية، الإجهاض، اليهودية، التعددية الثقافية وفرض الضرائب، وقد استهدفت عددًا من عيادات الإجهاض والأطباء في الماضي.رابطة الدفاع اليهودية:تمثل هذه الجماعة امتدادًا للإرهاب الديني اليهودي التي تستخدم العنف لتحقيق هدفها المتمثل في محاربة كراهية السامية، إلا أنها تتبرأ وتدين أفعال الإرهاب الصادرة عن الجماعات الأخرى، وتأسست الجماعة عام 1968 ووصل عدد أعضائها في آخر إحصاء حوالي 15 ألف عضو، ووفقًا لتقرير لـFBI عام 2004 فإن الجماعة نفذت حوالي 15 هجومًا إرهابيًا وحدها في ثمانينيات القرن الماضي، كما أن زعيمها تم اعتقاله عام 2001 بتهمة التخطيط لتفجير مسجد في لوس أنجلوس.جبهة تحرير الأرض:هي جماعة إرهابية أمريكية تسعى للحفاظ على البيئة وإيقاف عمليات تدميرها وذلك عبر استخدام تكتيكات حرب العصابات، ويطلق أعضاء الجماعة على أنفسهم “إلفز”، كما أن لها خلايا منتشرة في كل أنحاء العالم الغربي، وتقوم هذه الجماعة بتدمير أهم البنى التحتية مثل خطوط الطاقة والأعمال ويكون ذلك غالبًا باستخدام النار، وقد استهدفت الجماعة منتجعات التزلج، معسكرات قطع الأشجار، مكاتب الجوالة، بالإضافة إلى الهجوم على محلات الوجبات السريعة.جيش الرب:تسعى هذه الجماعة إلى محاربة عمليات الإجهاض والمثلية الجنسية لأنها مخالفة لما نصت عليه النصوص الدينية، وتعد أشهر عمليات تلك الجماعة تفجير دورة الألعاب الأولمبية في أطلانطا سنة 1996، والتي قال المسؤول عنها “إريك ردولف” أنها رسالة للحكومة وللتعبير عن رفضهم لسماحها لعمليات الإجهاض.جبهة تحرير الحيوان:شعار هذه الجماعة «طالما وجدت المسالخ، وجدت ساحات المعارك» التي تستهدف بهجماتها في المقام الأول تحرير الحيوانات المحتجزة في المعامل والمزارع والمصانع، ويدعي أعضاء الحركة بأنها سلمية إلا أنهم يتسببون كل سنة في خسائر تقدر بالملايين للفلاحين والعلماء.جيش التحرير الأسود: تأسست هذه الجماعة عام 1970 على يد أعضاء سابقين لحركة الفهود السود، ورغم ضعف الحركة الآن إلا أنه ما زال لها عدد من الأتباع الذين يحملون أفكار الجماعة الأصلية.احتلوا وول ستريت:تسببت هذه الجماعة في خسائر تقدر بملايين الدولارات شملت حرائق وتدمير في مدينة “فورت كولينز”، كذلك فقد تورط أعضاؤها في حوادث اعتداءات واغتصاب واستخدام مخدرات وجرائم وسرقة، ووفقًا الــFBI، فقيادات الحركة دائمو الدعوة إلى إقامة حملة عنيفة ضد الحرية الاقتصادية، بجانب هتافاتهم بالمطالبة بإعدام الرئيس السابق جورج دبليو بوش.كل ما سبق يؤكد أن الأمر ليس ميليشيات بعينها ولا فئات أو شراذم، لكنه يقترب من أن يكون تيارًا أصيلاً داخل المجتمع الأمريكي، وهو ما دفع مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زيغنو بريجنسكي في كتابه «الفوضى» إلى التحذير من أن انتشار تلك الهيئات يهدد الوجود الأمريكي.