كم مرة وقفت بباب السينما منتظراً خروج الحفلة السابقة ودخولك ووجدت مراهقين ينتظرون دورهم في شغف رغم أن بوستر الفيلم مذكور عليه أن الفيلم غير مخصص للأطفال ويحتاج لإشراف عائلي وهناك لوجو يحمل الرمز المعروف +18؟ وإذا كان الحال هكذا مع السينما التي بإمكان عامل التذاكر فيها أن يطبق قانون الرقابة بمنع دخول من هم تحت السن القانونية، فكيف بالتليفزيون الذي يدخل هو البيوت دون تذكرة ودون عامل يتأكد من بطاقة هويتك ليعرف سنك، ودون استئذان حتى؟

في الحقيقة لا شيء بإمكانه أن يمنع المشاهد الذي لا تناسبه المادة المعروضة على شاشة التليفزيون من المشاهدة، خاصة في موسم حافل كرمضان، ولكن صناع الدراما يقومون بدورهم في تحذير المشاهدين، فتجد أغلب الأعمال الدرامية هذا العام مزينة برموز لم تكن مألوفة لمشاهدي التليفزيون من قبل، ربما يعرف البعض ما يعنيه الرمز +18، ولكن ماذا يعني +12 مثلاً؟؟ ولماذا أصلاً تتم تلك التصنيفات؟؟


ما بين التجاوزات والقص واللصق

تنبه الكثير من مشاهدي المسلسلات هذا العام والذين يتابعون مسلسلاتهم المفضلة على قنوات الإنترنت ولا يطيقون الفواصل الإعلانية الطويلة أن هناك أكثر من نسخة لنفس الحلقة من نفس المسلسل، وأن هناك قنوات تقوم بقص المشاهد أو الكلمات غير اللائقة من الحلقات قبل عرضها، في حين تقوم قنوات أخرى بعرض الحلقات كاملة.

وخاصة في المسلسلات ذات الشعبية الكبيرة، كإزالة مشاهد «خالد النبوي» مع جارته في الفراش مثلاً في مسلسل «واحة الغروب»، وقص بعض اللقطات التي تحوي إفيهات جريئة من مسلسل «خلصانة بشياكة»، لم يبد الموضوع منطقياً تماماً لأنه حتى وإن أرادت القناة تنقية الحلقة من المشاهد التي لا تناسب العرض العائلي لن تستطيع فعل هذا بالكامل وإلا سيختل سياق الأحداث، وبالتالي فما لم يتم قصه من الحلقات كان أكثر كثيراً مما تم قصه منها.

على الجانب الآخر فإن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قد أصدر تقريره بشأن التجاوزات التي تم رصدها في الأعمال الدرامية المقدمة على شاشات التليفزيون خلال الثلث الأول من شهر رمضان، وقد رصد المجلس الكثير من التجاوزات التي تمحورت غالباً حول الجنس والمخدرات والسياسة، وقد تم تفصيل تلك التجاوزات التي لم يخلُ منها مسلسل تقريباً.

وقد ذهب التقرير إلى أن القليل من الأعمال فقط هي التي التزمت بآداب القواعد العامة نسبياً، في حين أن غالبية الأعمال لم تراع الآداب العامة وأن التقرير يفرق بين الأعمال القليلة الهادفة والأعمال الأخرى التي اعتمدت على الابتذال، وبغض النظر عن اتفاق الجمهور مع صحة وجهة نظر المجلس في كون الأعمال التي لم تراع الآداب العامة هادفة أم لا؟ إلا أنه وحتى مع هذه التجاوزات لا يمكن لأحد أن يلوم صناع العمل، حيث إن التحذيرات المتعلقة بفئات المشاهدة تعرض يومياً في تترات الحلقات وعلى المشاهدين أن يقرروا ماذا يشاهدون؟


المسلسلات المصرية المصنفة

لم يكن من المعتاد تصنيف المسلسلات التليفزيونية تصنيفات عمرية حتى مع احتوائها على مشاهد غير مناسبة، فالمعتاد أن ترى في السنوات الأخيرة راقصة في ملهى ليلي أو مشهد «أحبوووووش» الشهير المتضمن في مسلسل يعج بالإيحاءات الجنسية والمشاهد غير المناسبة للأطفال، ورغم ذلك لم نكن نرى أي تنويه عن الأعمار المناسبة لمشاهدة المسلسلات.

ولذلك وبعد انتشار المشاهد غير المناسبة لكل الفئات العمرية بشكل يصعب السيطرة عليه واجتزاء مشاهده من المسلسلات قامت الهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية بتطبيق معايير التصنيف العمري المعترف بها عالمياً، وهذا بالطبع إجراء أقرب للمنطق وأكثر حفاظاً على الحريات، حيث إن الكرة هكذا في ملعب المشاهد وحده دون الاجتراء على حريته.

الملفت للنظر أن معظم المسلسلات تم تصنيفها كمواد لا تناسب الأطفال فقد صنف مسلسلا «هذا المساء»، و«خلصانة بشياكة» بتصنيف +18، كما صنف العديد من المسلسلات الأخرى بتصنيف +16 وهي «طاقة نور»، و«وضع أمني»، و«كفر دلهاب»، و«30 يوم»، و«لمعي القط»، و«أرض جو»، أما التصنيف +12 فقد صنفت به مسلسلات «لا تطفيء الشمس»، و«ريح المدام»، و«عشم إبليس»، و«هربانة منها».


ماهي التصنيفات العمرية أصلاً؟

بالحديث عن تلك التصنيفات لم يهتم أحد بشرح ماذا تعني تلك التصنيفات عالمياً، ولماذا لا يناسب مراهقي الخمسة عشر عاماً ما يناسب مراهقي الثمانية عشر عاماً، وما هي المعايير التي تم التصنيف على أساسها، ومن أين استقيناها أصلاً؟

التصنيفات العمرية الأصلية هي تصنيفات قام بتحديدها المجلس البريطاني لتصنيف الأفلام، وهو منظمة غير حكومية يتم تمويلها من صناع السينما في المملكة المتحدة، ويتم تطبيق معاييرها عالمياً على الأفلام والمواد التليفزيونية والمواد المصورة عموماً حتى الإعلانات، وتنقسم إلى ست فئات كالتالي:

أولاً U

يو تشير إلى كلمة Universal أو عالمي، أي مناسب للجميع، وهذا التصنيف يضمن أن يكون العمل مناسباً لكل الفئات بدءاً من سن أربع سنوات، وهذا التصنيف يقبل بوجود عناصر مثل العري والمخدرات ولكن تحت محددات صارمة كأن لا تقوم الشخصيات العارية بأي حركات جنسية وألا تتفوه بأي محتوى لفظي يشير إلى ذلك، وأن يكون ذكر المخدرات مثلاً في سياق التحذيرات والذم، أو تحمل رسالة واضحة للطفل حول أخطارها.

ثانياً PG

وهذا الرمز تشير إلى Parental Guidance أنه مناسب للأطفال تحت إشراف عائلي، وهذا التصنيف يضمن أن يكون العمل مناسباً للأطفال بدءاً من سن ثماني سنوات أو أن يشاهده أي طفل تحت هذه السن ولكن تحت إشراف أبوي ليحددوا ما إذا كان المحتوى يضايق الأطفال الأقل سناً أو الأكثر حساسية، ومحددات هذا التصنيف تتشابه جداً مع التصنيف السابق مع السماح بهامش أكبر من الحرية في اللغة المستخدمة.

ثالثاً 12 و12A

هذا التصنيف يشير إلى أن المادة المعروضة مناسبة لسن 12 سنة وأكبر، وتحتوي المواد المصنفة بهذا التصنيف على مواد لا يمكن أن يشاهدها الأطفال تحت هذه السن نظراً لاحتوائها على هامش كبير من الحرية، كاللغة التي من المسموح لها أن تكون عنيفة تبعاً للمواقف التي تقال فيها، وكالمشاهد الجنسية المسموح بها رغم أنها يجب أن تكون مختصرة، وحتى العنف مسموح به بحدود معينة داخل هذا التصنيف.

رابعاً +15

هذا التصنيف يشير إلى أن المادة المعروضة تناسب فقط من هم فوق الخمسة عشر عاماً، وهذا التصنيف يصرح بهامش كبير من الحرية يتضمن أن تكون اللغة قوية، بل عنيفة جداً ولا بأس في ذلك، بل من المسموح أيضاً بالعري ذي المضمون الجنسي ولكن دون تفاصيل، ومسموح في هذا التصنيف أيضاً بالمشاهد المرعبة دون التطرق للرعب السادي أو الرعب الجنسي.

خامساً 18+

هذا التصنيف غير مناسب سوى للبالغين، حيث إنه لا قيود على أي من المشاهد سواء في المحتوى العنيف أو الجنسي أو على مستوى اللغة.

سادساً R18

ويشير هذا النوع إلى المحتوى الجنسي تماماً وغير المصرح به في السينمات ولا يتوفر إلا في المتاجر التي تبيع أنواعًا مخصصة من الأدوات التي يستخدمها البالغون.