يقول الموسيقار والملحن الأمريكي «فرانك زابا» في أحد اقتباساته: «كتب كثيرة جدًا، وقت قليل جدًا»، إشارة إلى أن الإنسان في الأغلب يرغب في قراءة العديد من الكتب، لكنه رغم ذلك لا يملك إلا القليل من الوقت، وبالتالي فإن مهمة اختيار كتاب لتقرأه على قدر كبير من الأهمية، ولا بد أن تقوم بها بأفضل شكل ممكن.


حدّد هدفك من القراءة

تحدثنا في المقال السابق عن أهداف القراءة، وتعتبر هذه الخطوة الأولى قبل البحث عن الكتاب المناسب، وهي أن تحدد هدفك من القراءة بالضبط.

تحديد الهدف سوف يسهل عليك اختيار الكتب، لأنه يجعل عملية البحث أكثر سهولة، وبناءً على معايير محددة. كذلك يجنبك الوقوع في خطأ اختيار كتاب تكتشف لاحقًا أنه غير صالحٍ بالنسبة لك، وهي من أكثر الأخطاء شيوعًا بالنسبة للقارئ، حيث يتعامل مع الكتاب بناءً على رغبته هو، لا بناءً على موضوع الكتاب بالفعل.

فلو افترضنا أن الغرض من القراءة هو الترويح، وقرر أحدهم قراءة كتاب تاريخي مليء بالمعلومات والحقائق. هناك احتمالية واردة أن القارئ لن يعجبه الكتاب، وسوف يقيّمه بناءً على ذلك، ليقول إنه لم يحقق هدفه من الكتاب، في حين أن المشكلة الرئيسية هي عدم توافق هدفه مع الكتاب.

وفي المقالات القادمة سوف نتحدث أكثر عن قراءة الكتب، وكيفية التوفيق بين نظرتك كقارئ، وبين محاولة استيعاب ما يريده الكاتب.

بعد الانتهاء من تحديد هدف القراءة، يمكنك أن تبدأ الآن في مرحلة اختيار الكتاب، وسوف نعرض في هذا المقال ثلاث طرق، وهي: ترشيحات الأصدقاء، قراءة بعض محتويات الكتاب، الاستعانة بموقع Goodreads.


ترشيحات الأصدقاء

الحصول على ترشيحات من الأصدقاء طريقة سهلة، لأنها تعتمد على أن تخبر صديقك بما تريد القراءة حوله بالضبط، ومن ثم يقوم هو بترشيح بعض الكتب المناسبة لك.

على الرغم من سهولة هذه الطريقة، فإنه ينبغي عليك أن تختار صديقك هذا بعناية شديدة، فالشرط الأول أن يملك القدرة على الترشيح من الأساس، فليس معنى أنه قارئ نهم، أنه قادر على ترشيح كتب لك. والشرط الثاني أن يكون صديقك قادرًا على فهم ما تريد، ومن ثم يرشّح لك الكتاب الذي يناسبك أنت، لا الذي يناسبه هو.

مثال بسيط: لو كنت ترغب في القراءة عن الفلك، ولك صديق متعمق في القراءة حول هذا المجال، عندما يرشّح لك كتابًا للقراءة، فمن المفترض أن يختار لك شيئًا بسيطًا، فهذا ما يناسبك، لا شيئا متعمقا في المجال، فهذا ما يناسبه هو. إلا إذا كنت أنت من البداية ترغب في قراءة شيء عميق.

ويفضل أن تطلب من صديقك ترشيح خمس كتب مثلًا لا كتابا واحدا فقط، بحيث يكون لديك مساحة من الاختيار من بين هذه الكتب.


قراءة بعض محتويات الكتاب

لا نملك جميعنا أصدقاء يمكنهم مساعدتنا في ترشيح الكتب، وفي بعض الأحيان نجد أنفسنا مجبرين على تنفيذ هذه المهمة بمفردنا. لكن لا تقلق، الأمر يحتاج إلى قليل من الصبر فقط، وأن تبدأ في البحث عبر الكتب الموجودة.

يمكنك أن تقوم بتقسيم مهمة البحث إلى 4 أجزاء رئيسية، لا يغني أي واحدٍ منها عن الآخر، فالمهمة تتطلب القيام بالبحث في هذه الأجزاء جميعها، ومن ثم اتّخاذ القرار النهائي.

1-العنوان: يؤمن البعض أن العنوان هو المدخل الأساسي إلى الكتاب، ويوضح كل شيء داخله. وإن كنت لا أتّفق مع هذه النظرية في المطلق، لكن العنوان جزء من فهمك لطبيعة الكتاب وما يتحدث عنه، ولذلك يعتبر عنصرا رئيسيا في البحث.

2-الفهرس: معظم الكتب تحتوي على فهرس يوضح المكونات الخاصة بها، وبناءً على هدفك من القراءة يمكنك تصفح الفهرس لتجد إن كانت هذه المحتويات تناسبك أو لا. ينطبق هذا الأمر أكثر على الكتب لا الروايات، لأن الروايات لا تحتوي على فهرس في الأغلب، وإن حدث ذلك، فقد لا يساعدك على معرفة المحتويات بدقة.

3-قراءة جزء من المحتوى: بعد الانتهاء من الفهرس، يمكنك أن تبدأ في الخطوة التالية، وأن تقوم بتصفح جزء من مكونات الكتاب الداخلية. يمكنك أن تختار هذا الجزء من الفهرس، أو أن تفعل ذلك بطريقة عشوائية.

بعد أن تصل إلى الجزء، يفضل أن يكون بداية فصل جديد، عليك أن تبدأ في قراءته بشكل سريع، ومن ثم الوقوف عند فقرة للقراءة بشكلٍ متمهل.

هذا الجزء لن يخبرك عن محتوى الكتاب فقط، بل سوف يخبرك أيضًا عن أسلوب الكاتب، فتعرف إن كان أسلوبه يناسبك أو لا.

4-قراءة المكتوب على الغلاف: كثير من الكتب يوجد على أغلفتها من الخلف معلومات حول الكتاب أو الكاتب، وهو ما يعرّفك على جزء من محتواه، ويعتبر عنصرا رئيسيا في اختيار الكتب.

هل تكفي هذه الأجزاء لاختيارك الكتاب؟

لا يمكن الجزم بأن الإجابة نعم أم لا، فهي مثل الاستبيانات، تعطيك صورة مبدئية حول نتيجة معينة. ولذلك لتجنب الوقوع في فخ الاختيار الخاطئ، عليك ألا تختار أول كتاب يعجبك، بل قم بالبحث في كل الكتب المتاحة لك، وضع درجات لكل منها طبقًا للنقاط التي ذكرناها. وفي النهاية قم بعمل مفاضلة بين خمسة كتب مثلًا، لاختيار أكثر كتاب نال إعجابك من بينها. هذا الأمر يمنحك مساحة واسعة من الاختيار، وهو المطلوب.


الاستعانة بموقع Goodreads

الطريقة الأخيرة التي يمكنك الاعتماد عليها، هي الاستعانة بصديق القرّاء، موقع «جودريدز»، حيث يتم تصنيف الكتب على الموقع حسب نوعها، وبالتالي فأنت عندما تكتب ما تبحث عنه في خانة البحث، سوف تظهر لك النتائج.

1-درجة تقييم الكتاب: يتيح موقع جودريدز للقرّاء وضع درجة لتقييم الكتاب بعد الانتهاء من القراءة، وبناءً على ذلك يمكنك أن تقوم بمعرفة الدرجة التي حصل عليها الكتاب من تقييمات الآخرين. وجود عدد كبير من التقييمات ليس مقياسًا لنجاح هذا الكتاب، لكنه على الأقل يساعدك في معرفة كيف يرى الآخرون هذا الكتاب، وبالتالي يساعدك على قرار القراءة.

2-الأسئلة والإجابات: يتيح لك موقع جودريدز طرح الأسئلة حول الكتاب، وسيجيبك عنها الأفراد، وبعض الكتّاب يملكون حسابًا على الموقع، ويجيبون على الأسئلة. وأنت قد تجد على صفحة الكتاب مجموعة من الأسئلة التي طُرحت من آخرين، قد يكون تساؤلك من بينها، وتجد إجابته دون عناء.

3-آراء الأعضاء: آخر شيء يمكنك الاعتماد عليه هو قراءة آراء الأعضاء الذين تصفحوا هذا الكتاب، وهو اختيار أفضله جدًا، لأنه يساعد في معرفة الآراء النقدية للكتاب. عليك أن تقرأ آراء من أعطوا تقييمًا عاليًا للكتاب، وكذلك من أعطوا تقييمًا منخفضًا. هذا الأمر سوف يجعلك ترى الأمور من منظور محايد، فلا تختار الكتاب بسبب الشخص الأول، أو بسبب الشخص الثاني، وإنما يحدث الأمر بالاعتماد على الاثنين.


تدريب المقال

هو نشاط أو مجموعة من الأنشطة التي يؤديها الشخص عندما ينتهي من قراءة المقال، وهي مبنية على رغبة الشخص في التعلم، لذلك فإنه يؤدي النشاط بمفرده في المنزل ليتأكد من فهم المقال بالشكل الصحيح.

1-حدد هدفًا من أهداف الكتابة، وابحث عن خمسة كتب بواحدة من الطرق التي ذكرناها، وقم باختيار كتاب منها للقراءة. بعد الانتهاء من التجربة حدد مدى الاستفادة، ومدى فاعلية هذه الطريقة معك.

2-جرّب تطبيق هذا الأمر على كل الأهداف الأخرى، وقارن بين الاختيارات في كل مرة، والفارق في نوعية الكتب.


قائمة المقال

لأن رحلة القراءة تحتاج إلى الزاد، وزادها بالطبع هو الكتاب، فخلال هذه القائمة ستجد مجموعة من الترشيحات، لكتّاب مؤثرين في عالم الكتابة، مع وجود أسماء كتب لهم لتقرأها أثناء الرحلة.

قائمة كل مقال تتكون من ترشيح لكتاب روايات وكتب وشعر عرب، مع ترشيحات لروايات كتّاب أجانب. والتنوع في الاختيارات جاء ليناسب كل الأذواق في القراءة، بحيث يجد كل شخص نوعه المفضل من الكتب.

الاختيارات في المجموعة شخصية تمامًا، فبالتأكيد هناك الآلاف من الأسماء المؤثرة في عالم الكتابة، لكن كما ذكرت هي رؤية شخصية فقط للترشيحات.

1-صنع الله إبراهيم: روائي مصري.

الترشيحات: ذات، اللجنة.

2-غسان كنفاني: روائي فلسطيني.

الترشيحات: رجال في الشمس، عائد إلى حيفا.

3-عبد الرحمن الكواكبي: كاتب عثماني.

الترشيحات: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، أم القرى.

4-عباس محمود العقاد: أديب مصري.

الترشيحات: مجموعة العبقريات “عمر، محمد، علي، الصديق، خالد، عثمان.”، سارة.

5-مريد البرغوثي: شاعر وروائي فلسطيني.

الترشيحات: طال الشتات، منتصف الليل، رأيت رام الله.

6-جبران خليل جبران: شاعر وكاتب لبناني.

الترشيحات: النبي، الشعلة الزرقاء، الأجنحة المتكسرة.

7-فيودور دوستويفسكي: روائي روسي.

الترشيحات: الجريمة والعقاب، الإخوة كارامازوف، الأبله، الشياطين، المقامر.

8-جورج أورويل: روائي بريطاني.

الترشيحات: 1984، مزرعة الحيوانات، متشردًا في باريس ولندن.

9-إليف شافاق: روائية تركية.

الترشيحات: قواعد العشق الأربعون، لقيطة إسطنبول، شرف.

10-جين أوستن: روائية إنجليزية.

الترشيحات: العقل والعاطفة، كبرياء وهوى، إيما، إقناع.

تحدثنا في هذا المقال عن كيفية اختيار الكتاب المناسب للقراءة. شخصيًا أُفضل الجمع بين كل هذه الأشياء أثناء اختياري للكتب، فلا بأس من ترشيحات الأصدقاء، مع محاولة البحث بنفسي، والاستعانة بصديقي موقع جودريدز. وأنصحك في ختام المقال أن تفعل ذلك أنت أيضًا.

في المقال القادم سنتحدث عن كيفية قراءة الكتب، للخروج بأفضل ناتج منها. نلقاكم على خير إن شاء الله.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.