تفاجأ معظم الشارع العربي والإسلامي المحب للمقاومة الفلسطينية ولشخصية المتحدث العسكري باسم كتائب القسام أبي عبيدة من طلبه الذي دعا فيه جمهور المقاومة ومحبيها إلى التبرع للمقاومة الفلسطينية عبر العملة النقدية البتكوين، حيث أضاف المتحدث العسكري في بيانه أن العدو الصهيوني يحارب المقاومة من خلال محاولة قطع الدعم عنها بكل السبل.

يعكس الطلب الذي توجه به «صاحب الوعد والكلمة الصادقة» أبو عبيدة – كما يُعرف – حالة الضيق التي تمر بها المقاومة منذ أشهر عقب استعار الحرب المالية الإقليمية على منابع دعم المقاومة المالية، بالإضافة لقطع الإمدادات المالية التي تصل للمقاومة من الجمهورية الإسلامية في إيران أو حتى من حزب الله اللبناني.

يشارك أكثر من خمس دول عربية إسلامية في هذه الحرب على مصادر دعم المقاومة بشكل مباشر وغير مباشر، وهنا نروي لكم القصة منذ البداية.

عقب تولي الملك سلمان سدة الحكم في المملكة العربية السعودية استبشرت المقاومة الفلسطينية خيرًا في الرجل الذي اعتُبر أن له خلفية إسلامية وصاحب خلق، وعليه حاولت حماس مد جسور الود معه أملًا في كسبه لصفها، لكن هذا الود لم يقابَل بمثيله من النظام السعودي، وكان الرد الأول على هذه المحاولات اعتقال المسئول المالي في حركة حماس بالخارج. وكانت هذه الصدمة الأولى التي تتلقاها حماس منذ تولي سلمان سدة الحكم، لاحقًا وعقب الإفراج عن المسئول الحمساوي وانتقاله لدولة عربية مجاورة لفلسطين المُحتلة بدأت دول الاعتدال العربي في قطع مصادر تمويل الحركة المالية في الدول العربية، وإحباط محاولات الجمع الشعبي التي كان يقوم رجال دين سعوديون بها لدعم المقاومة.

لم يقف الأمر على قطع مصادر تمويل الحركة المالية، بل وصل الأمر لقطع الطريق على المبالغ المالية التي كانت تذهب للمقاومة الفلسطينية انطلاقًا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن حزب الله، بعض المعلومات تقول إن دولة عربية مجاورة لفلسطين تحتجز ملايين الدولارات التي كانت في طريقها للمقاومة الفلسطينية على وجه التحديد.

الحرب المالية على مقدرات المقاومة لم تقف عند هذا الحد، ففي جانب آخر كان الاحتلال الإسرائيلي يعمل على إفراغ قطاع غزة من رءوس الأموال من خلال أنظمة مالية بنيكة صارمة، تقضي بمنع إدخال الأموال والبضائع من الخارج إلا إذا كان مصدر أموال هذه البضائع هو أموال من غزة وليس من خارجها.

السلطة الفلسطينية ساهمت في الحرب نفسها بشكل مباشر في كسر السوق المحلي وإنهاكه من خلال تقليص المبالغ المالية الداخلية لغزة، الأمر الذي دفع المواطنين لاستخدام سياسات مالية تقشفية وصلت لمراحل قاسية جدًّا ومؤلمة.

هذه الحرب المستعرة على مصادر تمويل المقاومة وطرق إمدادها لم تكن وليدة اللحظة، بل تم التخطيط لها جيدًا في إحدى عواصم الاعتدال العربي قبل أعوام، تحديدًا عقب الحرب الأخيرة على القطاع، مصادر المقاومة ذكرت أن مسئولين أمميين عرب وإسرائيليين وفلسطينيين اجتمعوا على ضفاف إحدى المدن الساحلية لمناقشة الحلول العملية لكسر المقاومة وتجويعها تمهيدًا لإخضاعها عقب الفشل الإسرائيلي في كسر ظهر المقاومة عسكريًّا.

المصادر ذكرت أن الاجتماع كان بناءً على طلب إسرائيلي، حيث طلب المسئولون الإسرائيليون بحث خطة لإخضاع المقاومة الفلسطينية وتجفيف منابعها، وأن تستخدم معها سياسة العصا والجزرة لإذلالها وترويضها عقب الفشل الإسرائيلي والخسارة الكبيرة في الحرب على القطاع، التي خرج الإسرائيليون منها تاركين عددًا من جنودهم أسرى في يد المقاومة.

تكفلت دول الاعتدال العربي بالقيام بالأمر ونزع الدعم المالي عن المقاومة، ويعتقد بعض المصادر المقربة من المقاومة أن أحد أسباب اعتقال رجال الدين السعوديين كان بهدف تحييدهم من الدعوة لدعم المقاومة، بالإضافة لإدراجهم أسماء رجال أعمال قطريين ورجال دين على قائمة دعم الإرهاب، كل ذلك بهدف قطع الطريق على الدعم المالي للمقاومة.

اقرأ أيضًا: غزة 2019: هذه ليست غزة التي نعرفها

ليس من الهين على المقاومة التحدث علانية عن أزمة مالية لديها وعن نجاح الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه في محاربة مصادر تمويلها، لكن الألم وصل للعظم بالنسبة للمقاومة، ولكيلا تنجح حرب الاحتلال فقد قررت المقاومة ابتكار طريقة جديدة لتحصيل الدعم المالي المطلوب لتثبيت صمود المقاومين في غزة آخر القلاع الصامدة، ولأن المقاومة لديها جمهور واسع وداعم فقد توجهت إليهم بشكل مباشر كي يدعموها.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.