في اليوم الرابع عشر من رمضان انتشرت إشاعة طريفة على إحدى مجموعات فيسبوك المهتمة بالدراما ونقاشات الجمهور حول مسلسلات رمضان، الإشاعة مفادها أن مسلسل فرصة ثانية للنجمة -الجميلة- ياسمين صبري خمس عشرة حلقة فقط، وأنه أوشك على الانتهاء، تناقل الأعضاء الخبر كأنه طوق نجاة بكثير من القفشات و«الألشات» عن المسلسل ومدى ارتياحهم للخبر الجميل، والذي انقلب في اليوم التالي مباشرة لبوستات بكاء افتراضية أن المسلسل لم ينتهِ وأنه مازال أمامنا خمس عشرة حلقة أخرى في هذا الجحيم، مع تساؤلات ضاحكة للأعضاء حول من سيضحي بنفسه ويستكمل مشاهدة المسلسل.

فرصة ثانية: فرصة غير سعيدة

مسلسل فرصة ثانية للفنانة -الجميلة- ياسمين صبري يدور حول ملك الفتاة التي ترى زياد خطيبها جالسًا مع فتاة أخرى في مكان عام فتفسخ خطوبتها معه فيذهب هو ليتزوج الفتاة الأخرى التي كان جالسًا معها والتي لا يحبها بالمناسبة ولكنها تحبه حبًا غير عقلاني، ثم تفقد ملك الذاكرة ويمر عام كامل وهي فاقدة للذاكرة وهو متزوج بالفتاة التي لا يحبها ولكنها تحبه، ثم يقرر زياد فجأة وبعد عام كامل أن يطلق زوجته ويعود ليحاول كسب حبها وهي لا تتذكره، وتجن طليقته لدرجة أن تقتل نفسها في الوقت نفسه الذي تخبره ملك في بلوت تويست درامي عظيم أنها لم تكن فاقدة للذاكرة أصلاً وأنها فعلت كل ذلك كي تعيده إليها راكعًا لترفضه وتذيقه من نفس الكأس!

المسلسل من بطولة ياسمين صبري، أحمد مجدي وأيتن عامر وهبة مجدي ودياب ومحمود البزاوي وكوكبة من ألمع النجوم، ومن إخراج مرقص عادل في ثاني تجاربه بعد حواديت الشانزليزيه، ومن تأليف مصطفى جمال هاشم وهو مؤلف مسلسل 30 يوم الذي لاقى استحسان الجماهير عام 2017 وكان أحد الأعمال الناجحة في موسمه، ومعالجة درامية محمد سيد بشير وهو مؤلف فيلم هروب اضطراري الذي أيضًا حقق نجاحًا كبيرًا في العام نفسه 2017.

أما عن التمثيل فقد قامت ياسمين صبري بارتداء مجموعة من أشيك ملابس كولكشن 2020، واستخدمت أحدث صيحات التجميل وأغلى الماركات العالمية حتى أنها خرجت من حادث سيارة خطير جدًا دون أن يحدث للماكياج أي شيء، وقد اطمأننا جميعًا أن المجهود الذي تبذله في صالة الرياضة يؤتي مفعوله جيدًا جدًا، وأنها من أذكى الفنانات في اختيار الأطباء الذين يجرون لها عمليات التجميل، أيضًا ذكية في اختيار ما يناسبها من هذه العمليات دون مبالغة، هذا فقط هو ما كان واضحًا في أداء ياسمين صبري التمثيلي، أما عن الانفعالات وتعابير الوجه وتقمص الشخصية وكل هذه التفاصيل الصغيرة فلم تهتم بها النجمة على الإطلاق، وكان هذا واضحًا جدًا في كل المشاهد تقريبًا.

أما عن باقي الممثلين في المسلسل، فلم تساعدهم الحبكة الضعيفة ولا الإخراج الساذج على توظيف أي من إمكانياتهم حتى لو وجدت، فالمسلسل حالة واضحة جدًا من السلق والاصطناع والطفولية، حتى على الصفحات الرسمية للقنوات العارضة للمسلسل تجد تعليقات المشاهدين شديدة السلبية، فالمشاهد يمكنه التمييز بين المسلسل الجيد والمسلسل السيئ حتى لو كان الموسم كله دون المستوى، ومسلسل فرصة ثانية حصد لقب الأسوأ بجدارة طبقًا لتعليقات المشاهدين على وسائل التواصل الاجتماعي.

فرصة ثانية … فرصة ضائعة

https://www.youtube.com/watch?v=PrCeTqv41Fk

في نوفمبر العام الماضي ظهرت ياسمين صبري في برنامج صاحبة السعادة مع إسعاد يونس وتحدثت من بين ما تحدثت عن الانتقادات الواسعة التي وجهها لها الجمهور بعد عرض مسلسلها حكايتي في الموسم الرمضاني الفائت، بررت جمودها وصوتها المنخفض وتعبيراتها المتشابهة بأنها تربت في بيت جدتها واكتسبت منها طابع الهدوء، وبغض النظر عن أن هذا المبرر غريب جدًا أن يصرح به ممثل، لأنه ضمنيًا يعترف أنه لا يجيد «التمثيل» وأن طبيعة شخصيته تغلب عليه، إلا أن ياسمين صبري وقتها طالبت حرفيًا بفرصة ثانية لتثبت فيها للجمهور أنها تحسنت وأنها طورت من نفسها.

 أقرت ياسمين وقتها بأنها انضمت لكورسات فوكال وورش تمثيل، وأكدت أنها تعد مفاجأة لجمهورها في رمضان القادم، ثم جاء رمضان القادم بالمفاجأة التي كانت مسلسل فرصة ثانية، والذي أثبت أن النجمة ياسمين صبري تمتلك مقومات جمالية عالية جدًا على مستوى الشكل والجسم، ولكنها لا تملك أي موهبة في التمثيل، حتى لو رفعت صوتها وهي تتحدث، حيث إنه وإحقاقًا للحق هو العامل الوحيد الذي تحسن في مسلسلها الجديد عن مسلسلها الفائت.

أما المخرج مرقص عادل فقد كان المسلسل فرصته الثانية ليحاول إصلاح ما أفسده بمسلسل حواديت الشانزليزيه الذي أيضًا لاقى انتقادات لاذعة من المشاهدين، حتى أن الكثير من المعلقين على مدى سوء مسلسل فرصة ثانية قالوا إنهم لما عرفوا أن مخرجه هو مخرج حواديت الشانزليزيه عرفوا لماذا كان فرصة ثانية بهذا السوء.

مرقص عادل مخرج يحتاج الكثير جدًا من التدريب والدراسة، هو لديه استعداد ليكون مخرجًا معقولاً ولكنه يقع دومًا في فخ الاصطناع لأنه يبدو غير ملم بالكثير من أساسيات الصناعة، والفرق بين الصناعة والاصطناع كبير جدًا.

 فمثلاً في ماستر سين المسلسل والذي نعرف فيه أن الفنانة ياسمين صبري لم تكن فاقدة للذاكرة نرى الكاميرا تدور حول بطلي المشهد، تدور وتدور وتدور لمدة ثلاث دقائق بلا انقطاع، المخرج هنا يبدو كما لو أنه «حافظ مش فاهم» فهو طالما مشهد رئيسي يصيب الأبطال بالحيرة لابد أن تدور الكاميرا حولهم، ولكنه لم يستخدم التكنيك بذكاء بل بدا دوران الكاميرا طفوليًا جدًا وتندر المشاهدون أن المخرج فعل ذلك كي (يدوخ) المشاهدين كي لا (يركزوا) مع أداء الفنانة البلاستيكي، فضلاً عن أنه لا يمتلك رؤية تتيح له أن يتدارك الأخطاء الفادحة في الورق المكتوب ولا في رسم الشخصيات، فبدلاً من أن يلعب الممثل الموهوب محمود البزاوي دور الأب المتفهم خفيف الدم أصبح يلعب دور الرجل الأبله الذي يشرب العصير بجانب فتاة فاقدة للوعي، وغيرها الكثير.

يبدو إذن أن المخرج مرقص عادل خريج الصيدلة يجب عليه أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من مشواره الفني بالدراسة أو بالتدريب مع مخرجين متمكنين.

فرصة ثالثة؟

من الواضح من آراء المشاهدين والمعلقين المتخصصين أن مسلسل فرصة ثانية لم يكن موفقًا جدًا، رغم أنه لم يعرض سوى نصف حلقاته فقط، ولكنها كانت مدة كافية للحكم على المسلسل وعلى بطلته، ولكن هل سوف يؤثر رأي الجمهور أو حتى النقاد في تغيير أي شيء؟

الإجابة هي لا، دون أن نكون متمكنين من قراءة الطالع ودون أن ننظر في البلورة السحرية لنعرف المستقبل، ولكن المنطق السائد الآن يقول إن ياسمين صبري سوف تظل تقوم ببطولة مسلسلات وأفلام، سوف تظل سوبر ستار، ليس لأنها تمتلك مهارات تمثيلية جيدة، ولكن لأنها (تبيع).

 فتاة جميلة تسر الناظرين تتحدث عن الطاقات الإيجابية وحب الكون وتمارس الرياضة ومتواجدة دومًا على الساحة العامة سواء بأعمالها الفنية أو بأحداث حياتها الشخصية، هذا هو المطلوب طبقًا لحسابات السوق الآن، السوق الذي ينهار في كل يوم، والذي يتبع حسابات أخرى تمامًا ليس من بينها الإجادة.

رأي الجمهور والنقاد واضح تمامًا على منصات السوشيال ميديا، جمعنا عشرات الصور والتعليقات التي تشاركها الناس للهجوم على المسلسل والسخرية منه، يمكنك التحقق منها بسهولة، لم نورد بعضها فقط ضمن تقريرنا هذا خوفًا من أن تكون أكثر حدة مما يقتضيه النقد.