«لن تستطيع كسب 500 مليون صديق دون صناعة بعض الأعداء»

بهذه الجملة التي تستدعي كثيرًا من التفكير يبدأ فيلم The Social Network أو «الشبكة الاجتماعية». كيف وأين يمكن أن تصنع 500 مليون صديق ما لم نكن نتحدث عن «فيسبوك» إذن؟!


عباقرة الصين أكثر عددًا من سكان الولايات المتحدة!

http://gty.im/104689030

فى إطار من التشويق والحركة المستمرة يأخذنا الفيلم في قصة حياة مصمم موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الشاب «مارك زوكربيرج»، والذى تبدأ معه أحداث الفيلم في إحدى الحانات الخاصة التي يجتمع فيها طلبة الجامعة لقضاء بعض الوقت الممتع بعيدًا عن صخب الحياة الدراسية، لكن «مارك» لا ينفك يشغل عقل صديقته بالعديد من الأسئلة المُربكة.

«هل تعلمين أن عدد العباقرة في الصين أكبر من تعداد الولايات المتحدة بالكامل؟!»

من الممكن أن يكون «زوكربيرج» واحدًا من أذكى شباب الجامعة، لكن هل يستطيع هذا الذكي الحصول على فتاة جميلة؟ الإجابة هي «لا»، فالفتيات يعتبرن حكرًا على الشباب المشاركين في «النوادي» المختلفة داخل الحرم الجامعي، وهي تجمعات تضم الفئات الأكثر تميزًا وذكاء وقدرة على جذب الفتيات، هذه هي المعلومات الأساسية التي يلقيها في وجهنا المخرج «ديفيد فينشر» على لسان بطله «جيس ايزنبرج» في المشهد الافتتاحي لفيلمه الذي قدمه عام 2010 ولا تزال مشاهدته ممتعه حتى اليوم!

مع نهاية المشهد الأول للفيلم يخسر «زوكربيرج» حبيبته نتيجة مشادة كلامية متحذلقة، تأخذنا الموسيقى التصويرية الحالمة المصاحبة لظهور الأسماء على التتر لمشهد «مارك» وهو يجري متجها نحو غرفته في الجامعة، تحت تأثير الكحول والصدمة يبدأ واحد من أجمل مشاهد السينما التي لها علاقة بالتكنولوجيا والإنترنت.


لنقم ببعض القرصنة!

http://gty.im/126089728

بداية من الثامنة مساءً وحتى مطلع صباح اليوم التالي، يبدأ «مارك» في التدوين على الإنترنت بأسوأ أسرار علاقته بصديقته السابقة، في محاولة لإيقاف نزيف أفكاره على مدونته، يبدأ في ابتكار لعبة إلكترونية صغيرة وماكرة في نفس الوقت، لماذا لا يقوم بعمل موقع للمقارنة بين صور الفتيات؟ لمعرفة أيهن أجمل من خلال تصويت متصفحي الإنترنت من شباب الجامعة!

يبدا «مارك» في حملة محمومة لقرصنة الصور من عدة مواقع إلكترونية مخصصة لخدمة طلاب الجامعة ونشر بياناتهم، ويبدأ في إطلاق موقع «فيس ماتش» والذي يعتبر أولى المحاولات التي أدت لابتكار موقع «فيسبوك».

«لنقم ببعض القرصنة!»

بهذه الجملة يبدأ «زوكربيرج» رحلته لإنشاء الموقع.

بينما يستمتع الآخرين بوقتهم، كان «مارك زوكربيرج» يكتب سطور موقعه التواصلي الأول، أرسل الرابط لشخصين فقط، لكن مع حلول المساء كان الموقع هو الأكثر شهرة على مستوى الجامعة بالكامل! كانت هذه هي المرة الأولى التي يجرب فيها «زوكربيرج» حالة من الهوس الاجتماعي بأحد المواقع أو الروابط الإلكترونية!

في الرابعة فجرًا تعطلت شبكة جامعة «هارفارد» بالكامل، السبب كان موقع «مارك» التواصلي، والسرعة المذهلة التي انتشر بها الرابط بين طلاب الجامعة.

مع انتشار القصة بين طلاب الجامعة، بدأ مجموعة من أعضاء أحد النوادي الهامة في الجامعة بمناقشة فكرة إنشاء شبكة اجتماعية حصرية على طلاب الجامعة مع «مارك»، تعتبر هذه هي النواة الحقيقية لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لكن هل تم تصميم الموقع الأكثر زيارة في العالم بنفس النزاهة التي يبدو بها الأمر؟!

وفقًا للفيلم فإن «مارك» قام بمماطلة الشقيقين أصحاب الفكرة الأصلية لفيسبوك، بينما يقوم هو بإنشاء شبكته الاجتماعية الخاصة اعتمادًا على فكرتهم البسيطة والمبتكرة –آنذاك- بعمل موقع لا يعتمد هذه المرة على الصور المقرصنة، بل إن المستخدمين بأنفسهم سيقومون برفع صورهم وبياناتهم الشخصية طواعية، للمشاركة في الحياة الاجتماعية التي يوفرها الموقع.


كل إنسان يكتب حالته الاجتماعية فوق صدره!

http://gty.im/144242548

لقد نقل «مارك زوكربيرج» التجربة الاجتماعية الجامعية إلى الإنترنت، وأتاحها فقط لعدد محدود من الجمهور، وترك قواعد الحياة الاجتماعية تلعب لعبتها مع الجميع، وتدفع الطلاب للاشتراك في الموقع فرادي وجماعات، لكن هل يتركه أصحاب الفكرة الأصلية؟

بداية من محاولة تقديم شكوى لإدارة الجامعة، ونهاية برفع قضية أمام القضاء الأمريكي يتم اتهامه فيها بسرقة الفكرة الأصلية لموقع «فيسبوك» قام الإخوة في نادي التجديف بمحاولة إيقاف «زوكربيرج» عن إطلاق «فيسبوك» بشكل علني ومتاح لجميع مستخدمي الإنترنت، لكن الهوس الاجتماعي كان قد تمكن منه فلم يعد أحد قادرًا على إيقافه بعد الآن.

«هل تعرف إذا ما كانت هذه الفتاة مرتبطة أم لا؟ كم كنت أتمنى أن يسير كل إنسان وعلى صدره ورقة تعلن حالته العاطفية»

كانت هذه الجملة بمثابة فصل الخطاب بالنسبه لمارك، فقام بإضافة خانة تحديد الحالة العاطفية في ملف المستخدم على موقع فيسبوك، وكانت هذه آخر إضافة قام بها قبل إطلاق الموقع لمستخدمي الإنترنت.

مع انطلاق الموقع واستمراره في تحقيق المزيد والمزيد من النمو الجنوني عبر الشبكة، تعرف «مارك» على شخصية سيكون لها التأثير الأكبر على شخصية «مارك» وعلى الطريقة التي سيسير بها «فيسبوك» في السنوات التالية، الرجل هو «شون باركر» والذي أسس شبكة «نابستر» التي سببت صداعًا كبيرًا لصناع الموسيقي حول العالم قبل أن يتم إغلاقها.


التحول الكبير

http://gty.im/165539438

يستعرض الفيلم كيف استطاع «باركر» إبهار «زوكربيرج»، وكيف قدم له العديد من الأفكار الخلابة، لعل أهمها ما قاله «باركر» باستخفاف ذات يوم،

«احذف حرفي الـ«ال» من موقع فيسبوك، ليكون الاسم النهائى Facebook وليس The Facebook»

يظهر الفيلم بعد ذلك كيف تحول «زوكربيرج » لعملاق يسعي للاستحواذ على النسبة الأكبر من أسهم «فيسبوك»، وبداية الصراع المالى والقضائى حول قضايا الملكية الفكرية والمالية للموقع، وكيف تدخل القضاء لحسم العديد من المعارك التي تشكل في إجمالها الخط الرئيسي للأحداث، حيث نشاهد الأحداث من خلال رواية الأبطال الرئيسيين في إحدى جلسات التحقيق في القضايا المرفوعة على «فيسبوك» ومؤسسه.

على الصعيد الفني يمكن اعتبار الفيلم تحفة فنية حقيقية على مستوي الإخراج والتاليف، أما السيناريو فامتاز بسرعة أحداثه وتدرجها بسرعة وخفة، على الرغم من السمعة السيئة التي تطارد الأفلام التي تحكي عن المهووسين بعالم الكمبيوتر والإنترنت، وكيف تكون هذه الأفلام مملة لغير المهتمين بهذه الأمور.

تميزت الموسيقي التصويرية للأحداث بالسرعة والديناميكية، وكانت تظهر بقوة في المشاهد الفاصلة للأحداث لترفع من السياق العام للأحداث وتزيح الملل الذي من الممكن أن يتسرب لروح المشاهدين في هذه المشاهد، وكان إستغلال الموسيقي في هذه المشاهد هو الإستغلال الأمثل.

تزامنًا مع ذكري إطلاق «فيسبوك» للتصفح والإشتراك، لا يسعنا إلا إعادة مشاهدة الفيلم والإستمتاع بجرعة سينمائية فنية متميزة مع عمل درامي مختلف يستحق التشجيع والمشاهدة.