هو «تركي بن عبد المحسن بن عبد اللطيف آل الشيخ»، مستشار ولي العهد السعودي والنجم الصاعد في سماء السياسة السعودية، الذي تحول بين ليلة وضحاها من مجرد كاتب أغانٍ لشخصٍ يتابعه الإعلام في كل حركاته وسكناته، خصوصًا بعد أن نال ثقة ولي العهد السعودي الأمير الشاب «محمد بن سلمان» وصار رفيق دربه.


الأصول والجذور

يرجع أصل الوزير «تركي آل الشيخ» إلى ذرية الإمام محمد بن عبدالوهاب مؤسس المذهب الوهابي الديني، الشريك الديني للإمام محمد بن سعود في تأسيس الدولة السعودية الأولى في الدرعية، حيث كان الحكم في المسائل السياسية لابن سعود وفي المسائل الدينية لابن عبدالوهاب. ولا زالت الشراكة الدينية السياسية بين أسرة آل الشيخ وأسرة آل سعود مفعلة إلى اليوم، فمفتي المملكة هو الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ووزير الشئون الدينية صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، ويتقاضى أفراد أسرة آل الشيخ مخصصات شهرية من الدولة السعودية مثلهم مثل أفراد العائلة السعودية الحاكمة تصلهم أول كل شهر.

ورغم طابع أسرة آل الشيخ المحافظ خرج من أفراد الأسرة مَن هم على النقيض تمامًا من الفكر المحافظ، مثل الوزير تركي والصحفي محمد آل الشيخ والكاتبة حصة آل الشيخ.

حسب ما نشر حساب الناشط السعودي المتخصص في نقل الأخبار من داخل القصور السعودية «مجتهد»، فإن الوزير تركي آل الشيخ كان عسكريًا بمرتبة صغيرة، لكنه كان متزوجًا من ابنة ناصر الداوود أحد المقربين من الملك سلمان أيام كان حاكمًا للرياض، وتوسط له للعمل مع الأمير سلمان كمرافق قبل أن ينال ثقة ابنه محمد الذي كان يعمل مع والده كمستشار .

دخل الوزير تركي بعدها إلى ديوان ولي العهد كمعاون للأمير «محمد بن سلمان»، ثم كان في الديوان الملكي بعد أن أصبح الملك سلمان ملكًا في عام 2015م. لم يكن للوزير تركي ذكر في الإعلام السعودي الرسمي رغم ما كان يُشاع حول علاقته الخاصة مع ولي ولي العهد (آنذاك) محمد بن سلمان، بل إنه لم يكن معروفًا إلا في دوائر صغيرة من المشتغلين على كرة القدم السعودية، والذين كانوا يعرفونه كمتبرع ثابت لنادي النصر، أحد أشهر أندية الرياض العاصمة.

اقرأ أيضًا:«مسك الخيرية»: مرآة السعودية في ظل أميرها الشاب


الأزمة مع قطر: لحظة صعود الوزير السعودي

مثلت الأزمة مع قطر نقطة الصعود السياسي الأهم للوزير تركي، خصوصًا ما يشاع عن دوره في إصدار بيان البراءة من أسرة آل ثاني، والتي تُعتبر أحد أفرع أسرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.

وكان لهذا البيان الذي صدر في أول ساعات الأزمة الخليجية دور في إرباك الحكومة القطرية، خصوصًا أنه يتكلم عن قضية حساسة جدًا وهي قضية النسب، ويشاع أنه صدر بغير توافق بين كل أسرة «آل الشيخ»، والتي كان أفرادها يحظون بمعاملة خاصة من قبل الحكومة القطرية قبل صدور هذا البيان، ولهذا فقد عارض بعضهم إصدار البيان، لكن لم يكن لمعارضتهم أي قيمة لأن بيان التبرؤ من آل ثاني كان سيصدر برغبة من السلطة مهما كان.

لو قدر لمن يكتبون التاريخ بعد عقود أن يكتبوا عن أزمة الخليج لقالوا إنها فتنة أشعلها خطاب مفبرك منسوب كذبًا لأمير قطر، وتبع ذلك تغريدات «سعود القحطاني» وأغنيات «تركي آل الشيخ»، وسلاسل من التقارير النارية والوثائقيات تم إعدادها على يد الجزيرة والعربية وسكاي نيوز.

اقرأ أيضًا:سعود القحطاني: بوق إعلامي برتبة وزير

أشهر أغاني «تركي آل الشيخ» أغنية (علم قطر)، وهي أغنية قوية الكلمات لا تهدد قطر وحدها، بل تهدد كل من يساندها ومن يقف خلفها بالعنف (فعل الرجال) من قبل النظام السعودي. ولم يمضِ على نشر هذه الأغنية أيام حتى قام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمكافأة تركي آل الشيخ وتعيينه في منصب رئيس الهيئة العامة للرياضة.

ومنصب رئيس الهيئة العامة للرياضة في المملكة العربية السعودية يساوي منصب وزير الرياضة في البلدان العربية، وقد كان حكرًا على أبناء العائلة الحاكمة، وآخر من شغله منهم هو الأمير عبدالله بن مساعد آل سعود، الذي تمت إقالته في أبريل/نيسان الماضي وتعيين «محمد بن عبدالملك آل الشيخ» في هذا المنصب بشكل مؤقت قبل أن يشغله «تركي بن عبد المحسن آل الشيخ» في سبتمبر/أيلول الماضي.

وقد رجح كثيرون -من المتابعين لشئون الرياضة السعودية- أن ولي العهد السعودي اتخذ قرار تعيين «تركي آل الشيخ» وعزل «عبد الله بن مساعد» لأمرين اثنين؛ الأول أن الأمير عبد الله بن مساعد مرتبط بعلاقة مصاهرة مع الأمير متعب بن عبد الله أكبر أعداء ولي العهد السعودي، وثانيهما أن الأمير عبد الله بن مساعد كان يجاهر بتشجيع فريق الهلال الغريم التقليدي للنصر، والفريق الذي لا يحبه الأمير محمد بن سلمان، ولذلك تمت إقالة الأمير عبد الله بن مساعد، رغم أنه حقق إنجازات كبيرة في الرياضة السعودية، كان من أبرزها إعادة الفريق السعودي لكرة القدم إلى كأس العالم بعد غياب دورتين 2010 و2014.

ومنذ وصول «تركي آل الشيخ» إلى منصب رئيس الهيئة العامة للرياضة تحرك في اتجاه تسييس الرياضة، وخصوصًا كرة القدم، باتجاه معاداة قطر وحلفائها، ومن ذلك افتعاله أزمة مع عضو اللجنة الأوليمبية الدولية الشيخ أحمد الفهد الصباح (صديق قطر) وإطلاق حملة إعلامية ضده ووسوم، ناعتًا إياه بوصف (أقزام آسيا) ووصفه الإعلام السعودي الرياضي بعد ذلك بـ «إسكوبار» الكويت، وذلك بزعم تحريضه على ظلم الأندية الرياضية السعودية من خلال نفوذه الكبير في الاتحاد الآسيوي والفيفا اللذين كان يتقلد فيهما أرفع المناصب.

والمسألة فيما يبدو أكبر من قضية ظلم أندية في لعبة كرة، بل هو تحريض بسبب خصام سياسي واضح، فأحمد الفهد موقفه واضح من إقامة كأس العالم 2022 في قطر، وقد كان أبرز المدافعين عن ملف قطر في المونديال. كذلك ما يشاع عن تحالف الأمير أحمد الفهد مع بعض القيادات الإسلامية في الكويت لتقديمه كأمير للبلاد في حال انقضاء أجل الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الحالي حسب صحف إماراتية. ويؤكد ذلك ما نشره حساب «قطرليكس» الذي يديره سلمان الأنصاري رئيس «سابراك» أو ما يطلق عليه باللوبي السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية.


تركي آل الشيخ أكثر من وزير ترفيه

«علّم قطر» أشهر أغاني تركي في ظل الأزمة الخليجية، وعلى إثرها كافأه الأمير محمد بن سلمان بتعيينه في منصب رئيس الهيئة العامة للرياضة

بعد أن تم الاعتقال التاريخي للأمراء السعوديين في يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني غرد تركي آل الشيخ على تويتر (ليلة الأحد.. لن ينجو أحد).

وأعقب موجة الاعتقالات موجة من الشائعات غير المؤكدة عن مصير ثروات وشركات الأمراء المعتقلين، وكان من بينهم «الوليد بن طلال»، حيث تساءل الجميع لمن ستئول ملكية هذه المجموعة الغنائية الضخمة، وقد سربت مصادر أن شركة «روتانا» الغنائية ستكون من نصيب «تركي آل الشيخ» على شرط أن يوظفها لصالح النظام السعودي.

ولكن مصادر مصرية أخرى سربت أن تركي آل الشيخ قام بتأسيس شركة غنائية في مصر «سرية»، وعهد إلى الإذاعي المصري «كريم الحميدي» بإدارتها نيابةً عنه.

وبعيدًا عن التساؤل كيف ومتى أسس «تركي آل الشيخ» هذه الشركة بهذه السرعة، ما هو هدف تركي آل الشيخ من هذه التحركات؟ هل الهدف هو حشد المغنين ليستغلهم كأداة للنظام السعودي في محاربة أعدائه الداخليين والخارجيين وتشويه صورتهم؟

بالمجمل ربما يكون الهدف من تصرفات «تركي آل الشيخ» هو الشحن والتعبئة للشارع السعودي ليلتف حول النظام في هذا الوقت الحرج من تاريخ المنطقة.