انتهى الموسم السابع وقبل الأخير من المسلسل الأشهر «Game Of Thrones»، ولاقى المسلسل ردود فعل متفاوتة ما بين الإيجابية والسلبية، ولكن في المجمل كان هذا الموسم الأقل ترحيبا من المشاهدين والنقاد بين جميع المواسم، فلم يتعرض أي موسم سابق لانتقادات مماثلة مثلما تعرض لها هذا الموسم. فما السر وراء ذلك؟.


غياب جورج مارتن

لنفهم سبب انخفاض مستوى هذا الموسم، علينا النظر لبداية الأزمة وكلمة سرها، وهي خروج «جورج آر مارتن» من طاقم كتابة المسلسل، لتفرغه لكتابة بقية أجزاء الرواية. وبالتالي أصبح مؤلفو المسلسل أكثر حرية في الابتعاد والتغيير في أحداث الرواية. كما أنه بداية من أحداث الموسم الخامس وحتى السابع لم تصدر الأجزاء الخاصة بهم من الرواية، وبالتالي لا نعلم هل استقل المسلسل تماماً عن أحداث الرواية أم لا، ولكن لا شك أنهم ابتعدوا قليلاً على الأقل.لم يعد مارتن يشارك في كتابة الحلقات بداية من الجزء الخامس، وهو الجزء الأهم الذي كان يجب أن يشارك فيه. فقد قتلت أو همّشت أغلب شخصيات المسلسل الرئيسية. فبنهاية أحداث الموسم الرابع كان قد قتل «نيد ستارك»، و«روب»، و«كاتلين ستارك»، و«تايون لانيستر»، و«جوفري»، بالإضافة للعديد من الشخصيات الهامة. كما قل تواجد «تيريون لانيستر» الشخصية الأهم في الموسم الرابع، و«لورد فاريس» بسبب ابتعادهم عن موطن الأحداث الأهم قارة ويستروس، و«إيريا ستارك» التي ذهبت لموطن الإله بلا وجه.الموسم الخامس كان سيبدأ فيه إعادة بناء بعض الخطوط الدرامية وتصدير شخصيات لبطولة المسلسل. كشخصية «جون سنو»، «ورامزي بولتون»، و«سانسا ستارك»، بالإضافة لظهور شخصية «العصفور» لأول مرة وتعاونه ثم صراعه مع «سيرسي». كان لابد من وجود مارتن أثناء كتابة هذه الحلقات طالما لم يتوفر النص الروائي. فدون شك لا يفهم عالم «got» أكثر من صاحبه، وبالتالي كل انتقال من مرحلة لأخرى كان لابد من وجوده هو شخصياً أو النص الروائي.


أخطاء الكتابة

الحلقات الخمس الاولى من الموسم الخامس خصص أغلبها، لجعل شخصيتي جون سنو ورامزي بولتون في صدارة المشهد، كانت تلك الحلقات ذات إيقاع بطيء للغاية. ثم بدأ الإيقاع يزداد سرعة في بقية الحلقات إلى أن وصلنا لقمة الإثارة آخر الحلقات. إثارة مفتعلة لم نعتد عليها في المواسم السابقة، فسانسا قفزت من قلعة بولتون دون توضيح إذا ما كانت فارقت الحياة أم ﻻ، لم يتم عرض مشهد قتل ستانيس بروثين، وأخيراً طعن جون سنو.

ولكن مع الإعلان للموسم السادس ظهرت سانسا حية، وستانيس تأكد قتله وتم إعادة إحياء جون سنو. وبالتالي كل ماحدث في نهاية الموسم تم التراجع عنه. و لم يكن له ضرورة درامية كبيرة باستثناء مقتل جون سنو.

الموسم السادس كان أكثر تطوراً، فازدادت سرعة الأحداث وشهد صراعات درامية هامة. كما تميز طاقم الإخراج في تلافي أخطاء الكتابة. وخصوصاً المخرج «ميجول سابتشنك» الذي أخرج الحلقتين التاسعة والعاشرة. فالحلقة التاسعة شهدت المعركة الأشرس والأفضل تنفيذاً في تاريخ المسلسل. وتميزت الحلقة العاشرة بالسرد المونتاجي المميز للأحداث، وتلك النجاحات تنسب للمخرج أكثر من المؤلف. فأحداث الحلقتين كانت متوقعة بدرجة كبيرة.

الاجتهاد الكبير لصناع المسلسل في الموسمين الخامس والسادس قلل من أضرار ابتعاد مارتين بدرجة كبيرة. ولكن مع نهاية الموسم السادس اتخذت HBO بعض القرارات غير الموفقة، والتي جعلت ابتعاد مارتين عن المسلسل ملحوظا لكل المشاهدين تقريباً.

القرار الأول وهو وجود 13 حلقة فقط متبقية على نهاية المسلسل، مقسمين على موسمين الأول 7 حلقات، والثاني 6 حلقات فقط. لم يتم تحديد زمن الحلقات، فالموسم السابع أظهر أن زمن الحلقات متفاوت جداً، فالحلقة الرابعة كانت الأقصر في تاريخ المسلسل فكان زمن عرضها حوالي 40 دقيقة، أما الحلقة الأخيرة فقد كان زمنها ساعتين تقريبًا. تقليص عدد الحلقات المتبقية من 20 لـ 14 حلقة، لابد وأنه نابع من تصور أن الأحداث المتبقية قليلة جدا، وبالتالي تخشى HBO من الوقوع في فخ الملل.القرار الثاني غير الصائب بكل تأكيد، هو استبعاد ميجول من طاقم إخراج الحلقات. وهو قرار لا يبدو منطقيا على الأطلاق. فالمخرج الذي حصل على جائزة الإيمي لأفضل إخراج حلقة تلفزيونية، بالإضافة لإشادة الجماهير بأسلوب إخراجه للحلقات، كان لابد أن يخرج الحلقة المفصلية في هذا الموسم (السادسة على وجه الخصوص). وما يعزز هذه الرؤية قدرته على إخفاء الأخطاء، أو إعطاء صورة مبهرة لأحداث متوقعة، وهو ما لم يقدر المخرج «الآن تايلور» رغم خبرته الكبيرة على أخفاءه في الحلقة السادسة.


البعد عن المنطق

مع بداية عرض الموسم كُشف أن هناك الكثير من الخطوط الرئيسية والفرعية التي تحتاج للوقت الكافي لتكون أحداثها منطقية. وكانت الحلقة الأولى تسير بخطى درامية منطقية، فقد دلتنا على المسار الذي ستسير فيه جميع الخطوط في هذا الموسم. ولكن بداية من الحلقة الثانية حدثت الكثير من الأحداث المتسرعة.ذكرنا في توقعاتنا للموسم السابع، أن المسلسل سيعيد التوازن المفتقد بين جيش دانيرس القوي المكون من التنانين والدوثراكي وجيش الأطهار وأعداء اللانيستر والشمال بقيادة جون سنو، وبين سيرسي التي لا تمتلك سوى بعض الحلفاء الضعفاء. بالفعل كان هذا هو الشغل الشاغل للأربع حلقات الأولى، ولكن ما لم نتوقعه هو لامنطقية الأحداث لإعادة هذا التوازن. تتحرك جيوش اللانيستر لتباغت جيوش دانيريس، كل هذا في الخفاء، جيوش وأساطيل بحرية كاملة تتحرك بحرية دون أن يعرف أي شخص. ولا حتى «فاريس» الذي يجيد معرفة كل شيء يحدث في الخفاء. ويتكرر الأمر كذلك في الحلقة الخامسة حين تتحرك جيوش الدوثراكي بقيادة تنين دانيرس المهيب دون أن تعلم جيوش اللانيستر. لم يعد هناك بصاصين أو جواسيس على الإطلاق كما اعتدنا في المواسم السابقة.

هذا بالإضافة للأخطاء الزمنية، فجون سنو يصل من معقل دينيرس للجدار العملاق في حلقة واحدة. ثم يُحاصر سنو بجيوش النايت كينج، فيرسل مرسالا لدانيرس التي تتواجد في آخر القارة، فيصلها المرسال ثم تأتي لجون في ليلة واحدة. يذكر أن دانيرس ظلت ستة مواسم كاملة لتصل لمعقل التارجيان في ويسترس وهي مسافة لا تزيد عن التي قطعتها للوصول لجون سنو في ليلة واحدة.ولكن لم يخل هذا الموسم من بعض المميزات، مثل معركة الدوثراكي ضد جيوش اللانيستر، وإظهار قوة نيران تنين دانيرس العملاق، وتحركات جيش الوايت واكر. كان أفضل مخرجي الحلقات هو «جيرمي بودسا» مخرج الحلقتين الأولى والأخيرة، والذي أخرجهم بأقل قدر من الأخطاء. ربما لم يضف كثيرا من الإبداع أو المشاهد المبهرة، ولكنه على الأقل تلافى الأخطاء التي وقع فيها بقية مخرجي الموسم.