لا شك أن محمد رمضان هو أحد أنجح ممثلي مصر في هذا العصر، هذا أمر أصبح معلوماً بالضرورة لكل من يعيش على بر مصر، فهذا الشاب الذي سيكمل بعد أيام عامه الثلاثين قد أصبح علامة تجارية قائمة بنفسها، يتصدر حملات دعائية لشركات برفقة نجوم عالميين، كما تستغله حتى الدولة ومؤسساتها كوجه للدعاية.

لكن السؤال الذي تكرر مراراً منذ نجاح رمضان في الصعود لسلم النجومية عبر أفلام على شاكلة «الألماني»، و«عبده موتة»، ومسلسلات من نوعية «ابن حلال»، و«الأسطورة»، هو: هل سيجد محمد رمضان طريقه يومًا ما لمحتوى فني جيد، أم أنه سيكتفى بلعب دور فتوة الشاشة؟ ويبدو أن السؤال مرشح للتكرار أيضًا في رمضان هذا العام، رغم أن الكثيرين قد تفاءلوا بمحتوى مختلف حينما تم الإعلان عن تعاون محمد رمضان مع مؤلف مشهود له بالكفاءة وهو عبدالرحيم كمال.

مسلسل «زلزال» الذي يتصدر به محمد رمضان حتى الآن مشاهدات هذا الموسم، يجمعه بالمخرج إبراهيم فخر الذي صنع معه رمضان أول مسلسلاته الناجحه وهو «ابن حلال» في عام 2014، وتدور أحداثه عن شاب يتيم فقد أبويه في زلزال عام 1992، ومنذ ذلك الحين وهو يكافح. ويتبلور الصراع في المسلسل بشكل خاص بين «زلزال» الذي يقوم بدوره رمضان، وتاجر كبير استولى على أرضه وأرض والده وهو خليل كتخة الذي يقوم بدوره ماجد المصري.

صراع الفقير المكافح والغني الظالم يتخلله بالطبع قصتا حب، ويبدو أن رمضان يكرر حكايته التي رأيناها من قبل أكثر من مرة وبخاصة في «الأسطورة»، حتى ولو كنا أمام عملين لمخرجين ومؤلفين مختلفين. تتبعنا العشر حلقات الأولى من المسلسل، وفي التقرير التالي نحلل معكم خلطة محمد رمضان المكررة، التي أضاف لها في هذه المرة تحابيش صوفية بقلم عبد الرحيم كمال.


رمضان الأب والابن

الأمر تحول لنكتة متوقعة، يرددها الجميع حتى قبل أن يبدأ الموسم الرمضاني، رمضان يقدم شخصيتين في مسلسلاته الثلاثة الاخيرة، دائمًا شخصيًا الأب والابن أو الأب الروحي والابن. شاهدناها في «الأسطورة»، وفي «نسر الصعيد»، والآن يكررها في «زلزال».

في كل مرة تبدأ رحلة البطل بموت هذا الرمز الأبوي، فيسعى بدافع الانتقام ممن تسبب في قتله في رحلة يتغير فيها البطل من فتى طيب إلى رجل قاس. الأمر أصبح متوقعاً لدرجة لا يمكننا معها التصديق بأن من يكتب هذا السيناريو مؤلفان مختلفان، يبدو أن رمضان هو من يختار هذا بنفسه.

اقرأ أيضا: ظاهرة الـ«محمد رمضان»: فتى الشيشة الأول

في «زلزال» يبدو الموت لشخصية الأب قدريًا للوهلة الأولى، «حربي كرامة» قد مات تحت أنقاض بيته الذي انهار بفعل زلزال 1992، لكن هذا الموت صاحبه استيلاء خليل كتخه على الأرض، لنعلم أيضًا أن هذا الرجل الشرير هو من كان مسئولًا عن بناء البيت، الذي تهدم في النهاية رغم أنه أحدث بيوت المنطقة وأعلاها تكلفة.

وتمامًا كما حدث في المسلسلين السابقين، يبقى رمضان الأصغر مخلصًا لإرث رمضان الأكبر، مستلهمًا الحكمة من أقواله وأفعاله. وبتطبيق تلك القاعدة يمكننا توقع النهاية، والتي سينجح فيها البطل في الانتقام لأبيه، وهكذا سينتصر «زلزال» في النهاية وبشكل ملحمي على «خليل كتخه».


كل البنات بتحبك

هذا ملمح مكرراً أيضًا في مسلسلات محمد رمضان الأخيرة، دائمًا هناك فتاتان على الأقل منجذبتان بشكل دائم للبطل، إحداهما غنية والأخرى فقيرة، علاقة الحب الأولى تكون بالغنية ولكنها تفشل، تحاول الفقيرة اجتذابه إليها قدر استطاعتها، حتى تنجح في النهاية، وهكذا ومع مرور الوقت يقتنع البطل بأنها هي المناسبة له.

شاهدنا هذا بوضوح تام في «الأسطورة» وأدت دور الفتاة الغنية ياسمين صبري، ودور الفتاة الشعبية الفقيرة مي عمر، والآن يتكرر الأمر بنفس الوضوح، حيث يقوم بدور الفتاة الغنية أمل (هنادي مهنى)، ويقوم بدور الفتاة الفقيرة صافية حلا شيحة.

وبتطبيق القواعد المتفق عليها والمكررة في حكايات محمد رمضان، يمكننا توقع النهاية من الآن، الغلبة ستكون لعلاقة الحب مع صافية بالطبع.


تحابيش عبد الرحيم كمال الصوفية

عبد الرحيم كمال مؤلف صاحب شعبية، وهذا أمر استثنائي في الدراما المصرية، وخصوصًا في الجيل الحالي من الكتاب. يجد الرجل شغفه الخاص في العلامات الصوفية في الدراما، وقد صنع بالفعل ملحمة عذبة من قبل برفقة النجم يحيى الفخراني في مسلسل «الخواجة عبدالقادر»، يمكننا في جملة واحدة وصف المسلسل بأنه رحلة رجل بحث عن غاية للحياة، فوجد ضالته في النهاية في الحب الإلهي، هكذا كانت الصوفية في القلب من الحكاية، وهكذا نجح عبدالرحيم كمال في بناء شخصياته حول هذه الغاية.

أما هنا في «زلزال» فيبدو أننا أمام دراما محمد رمضان المكررة، تُضاف لها تحابيش وبهارات صوفية سطحية للغاية، بحيث تبدو الحكاية منتمية لرمضان أكثر من انتمائها لكمال.

اقرأ أيضا: في الموسم الأضعف فنيًا: زلزال «محمد رمضان» الأكثر مشاهدة

من بين هذه العلامات نجد أولاً أسماء الشخصيات، حيث تعبر الأسماء عن الدواخل، فأمل هى أمل البطل الأول في حياته، وصافية هى الفتاة النقية التي ترى رؤى عن حبيبها قبل أن تقابله، وكتخه هو الشرير الكلاسيكي الذي لا نجد دوافع واضحة لأفعاله، ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى الأصل التاريخي للاسم والذي يبدو أنه يشبه بشكل ما اسم قائد جيوش التتار في موقعة عين جالوت «كتبغا»، ونجد لهذا إشارة أخرى حيث يروي «خليل كتخه» ودون سبب واضح أن أصل عائلته ليس مصريًا وإنما جاء جده الأكبر كغازٍ وقرر أن يتاجر في الفاكهة التي لا يعرفها العوام.

يبدو إذن أن الهاجس التاريخي المسيطر حاليًا على عبدالرحيم كمال وجد طريقه كأحد تحابيشه في «زلزال».


عن النجم والمؤلف و«الطبيخ البايت»

لا يفوتنا في النهاية أن نشير لبيان المؤلف عبدالرحيم علي والذي تبرأ فيه من الصورة النهائية التي خرج عليها العمل، والتي حمل مسئوليتها للمخرج إبراهيم فخر، الذي صرح عبدالرحيم كمال بأنه قد أدخل تعديلات وشخوص على السيناريو لا يعلم عنها المؤلف شيئاً.

لكن الحقيقة التي يغفلها عبدالرحيم كمال وربما عن قصد، أن المتسبب الرئيسي في هذه التعديلات هو وبلا شك محمد رمضان، نحن أمام دراما مكررة للنجم الأوحد، بالشكل الذي يحبه ويعتاده، حتى ولو قدم إلينا بشكل مكرر وبارد و«بايت»، لا يسد جوعاً ولا يصلح إلا للمشاهدة – أو عدم المشاهدة- أثناء الانشغال بالطعام.