بمجرد حلول فيلم «Suicide Squad» بقاعات العرض، لاقى حالة من النقد وعدم القبول، سواء من النقاد أو الجماهير. حيث حصل على تقييم 6.8 من 10 على موقع «IMDb» وهو الموقع الذي يعتمد على تصويت الجمهور،في حين حصل على تقيم 26% على موقع «rottentomatoes» وهو الموقع المخصص لتقييم النقاد. الفيلم هو ثالث أفلام شركة «DC»، وبعد ثلاث تجارب نستطيع تقييم ما وصلت إليه في مقابل ما وصلت إليه «مارفيل» وهي تقترب من تجربتها الرابعة عشر، وما أسباب رضى الجمهور والنقاد عن أفلام مارفيل مقابل غضبهم من أفلام «DC»


البداية المتأخرة

لعل البداية المبكرة لمشروع مارفيل المعروف باسم «Marvel Cinematic Universe» هي التي ساهمت في هذا التألق، حيث بدأت مارفيل مشروعها عام 2008 بفيلم «Iron Man». خطة واضحة ومدروسة أهم معالمها هو تقسيمها لثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي تقديم أبطالهم الأكثر شهرة وهم «Iron Man»، و«Hulk»، و«Captian America»، و«Thor»، وتعريف الجمهور بهم وكيف تحولوا لأبطال خارقين وما هي قواهم ومشاكلهم وحياتهم العاطفية ونقاط ضعفهم، ثم التعريف وسط كل فيلم بطريقة ذكية لا تخل بأحداثه بمنظمة «شيلد» ومشروعها «Avengers»، وهو المشروع الذي يهدف لتجميع الأبطال الخارقين لحماية الأرض من الأخطار الكونية، وتنتهي المرحلة الأولى بمعركة الـ«Avengers» الأولى، ومع نهاية هذه المرحلة أصبح متابعو أفلام مارفيل عالمين بأغلب جوانب شخصياتهم وأبطالهم.

على جانب آخر بدأت «DC comics» مشروعها عام 2013 بفيلم «Man of Steel»، وهذه البداية تعتبر متأخرة جدًا بعد خمس سنوات من مشروع مارفيل، هذا التأخر في البداية فرض على «DC» تحديات أصعب بكتير من مارفيل، حيث فُرض علها تقديم جديد ومختلف، سواء على مستوى القصة أو على مستوى الجرافيك، أو المنافسة بالطاقم التمثيلي وغيرها من التحديات، ونستطيع القول أن هذه التحديات زادت الضغط على مسؤولي «DC» ومع الضغط تزيد نسبة التشتت والأخطاء، ولذلك أول أخطاء «DC» هي البداية المتأخرة، خاصة لو كانت هذه البداية غير مدروسة.


التأني مقابل التسرع

ربما توصف أفلام مارفيل بالمحافظة، لأنها تبتعد قدر الإمكان عن أي مغامرة أو تحدٍ. فكما قلنا قسمت أفلامها لثلاث مراحل، مرحلة تمهيدية للتعريف بقصص الأبطال الخارقين الأشهر، ثم المرحلة الثانية وفيها قابل كل بطل تحديًا أصعب من التحدي الذي سبقه، وازدادت العقد والصراعات النفسية لدي الأبطال من ناحية، ومن ناحية أخرى أصبح الأعداء أكثر شراسة.

كذلك تم التعريف بأبطال جدد أقل أهمية كـ«حراس المجرة» و «Anti-man» وبدأت في آخر أفلام المرحلة الثانية المخاطرات المحسوبة كمخاطرة العدو التقليدي في فيلم «Avengers: age of Ultron» حيث كررت مارفيل تيمة الذكاء الصناعي الذي ينقلب على الإنسان، هذه التيمة التي فشل استغلالها في أغلب أفلام الأثارة الأخيرة، كما أن العدو ينتمي للعالم الواقعي أكثر من عالم الكوميك، حيث لم يعتد وجود قضية كالذكاء الصناعي في أفلام أو حتى مجلات الكوميك، ومع ذلك لأن مارفيل حتى في مخاطراتها تكون محافظة بقدر كبير فنجحت التجربة بالاعتماد بقدر كبير على طاقم التمثيل وتنوع المعارك وزيادتها، ثم بعد ذلك أتت المخاطرة الأكبر وهي مخاطرة «Civil War»، حيث حارب كل أبطال مارفيل بعضهم البعض في هذا الفيلم.

ويسير كل فيلم من أفلام مارفيل بشكل معين ومحدد ومعروف، ويبدو أن جميع كتاب ومخرجي مارفيل التزموا به بصرامة، وهو بداية كل فيلم بتعريف البطل الخارق ثم تقديم العدو أو جانب الشر وأسباب الصراع بينهما، وأخيرا الصراع الأخير بين البطل الخارق الممثل للخير والعدو الممثل للشر.

ربما كان الاستثناء الوحيد هو فيلم «Deadpool» الذي تم فيه تقديم مرحلة الصراع قبل تقديم البطل، ولعل المخاطرة في هذا الفيلم أتت نتيجة عدم اهتمام مارفيل الكافي به، فالفيلم تكلفته ضئيلة لا تتعدى ثلث تكلفة أي فيلم آخر لمارفيل «58» مليون دولار، بالاضافة لإسناده لمخرج يعتبر الفيلم تجربته الأولى، وطاقم تمثيلي أقل نجومية وشهرة من باقي أفلامها.

علي جانب آخر، تجربة «DC» لم تكن متناسقة سواء في الشكل أو الخطوات، ففيلم «Man of Steel» قدمت فيه شخصية سوبر مان بالطريقة التقليدية (تقديم البطل- جانب الشر- الصراع بينهم)، وفيلم «Batman vs Super man» تم الانتقال لخطوة مختلفة، فبدون تقديم لشخصية باتمان كما حدث لسوبر مان -لابلا أسباب واضحة – تم الانتقال لمرحلة الصراع بين الأبطال، ووسط الصراع ظهرت شخصية «Wonder Women» و«لكس لوثر» بدون تقديم وبدون دوافع واضحة، ظهروا من العدم.

برغم جودة الفيلم خصوصًا في جانب المعارك والمؤثرات البصرية وسرعة الأحداث، ولكن أغلب متابعي الفيلم لم يفهموا سببًا لتواجد كل هذه الشخصيات، كأن صُنّاعه قدموه فقط لمتابعي القصص المصورة لـ«DC»، أما فيلم «Suicide Squad» فحدث ولا حرج، فلم يتم تقديم أي شخصية بشكل جيد، مجرد مقتطفات سريعة عن خلفية الشخصيات، أما جانب الشر فهو بلا دوافع حقيقة، والأحداث غير متناسقة وغير مفهومة حتى أن بعض الأبطال الخارقين الذين ظهروا بالفيلم، لم يعرف المشاهد أين تكمن قوتهم الخارقة، الفيلم امتلأ بكل الأخطاء سواء على مستوى الكتابة، أو على مستوى الجرافيك والمعارك واستعراض القوى. يبدو أن DC فعلا تتعجل الخطوات، وبالتالي تزيد المشاكل على نفسها بشكل أكبر.


طاقم التمثيل

«روبرت داوني جونير»، «كريس افينس»، «كريس هيمسورث»، «مارك رافلو»، «سكارلت جوهانسون»، «جيمي رينر»، «سامويل جاكسون»، «مايكل دوجلاس»، فان ديسل «صوت»، برادلي كوبر «صوت»، كل هذه الأسماء تواجدت في عالم مارفيل السينمائي في أفلام مختلفة، أما «Avengers» الجزء الثاني فقد تجمع أغلب هؤلاء النجوم في نفس الفيلم، طاقم تمثيلي ضخم اعتمدت عليه مارفيل سواء من نجوم لديهم أسماء تجارية عالية كروبرت داوني جونير وسامويل جاكسون وسكارلت جوهانسون وفان ديزل، أو نجوم لديهم موهبة يشيد بها الجميع وسبق لهم الترشح لجوائز عديدة منها الأوسكار، كـ«برادلي كوبر» و«مارك رافلو» بالإضافة لوجود قامة فنية كـ«مايكل دوجلاس»، فيبدو أن مارفيل لا تختار بعشوائية بل تجمع بين عوامل كثيرة لتضمن النجاح على المستوى التمثيلي، مرة أخرى تلعب مارفيل على المضمون.

على الجانب الآخر أفلام «DC» ليس لديها من النجوم سوى «بين أفلك»، «وجيسي أيزنبرج»، هؤلاء هما الأكثر شهرة برغم اختلاف تقييم النقاد لهم، فجيسي أيزنبرج يراه البعض محدود الموهبة، بالإضافة طبعا لـ«ويل سميث» و«جاريد ليتو» الذي لم يظهر سوى في أربعة مشاهد فقط، أما بقية الشخصيات الهامة ك«سوبر مان» و«وندرومن» و«فلاش» و«أكوا مان» وغيرهم يؤديها ممثلون غير معروفين إطلاقا، «هنري كافيل» مؤدي شخصية سوبر مان لم يظهر حتى أي موهبة أو إضافة في تأدية الدور ولذلك غير معروف سبب اختياره أساسا. وهذا دليل آخر على التسرع وعدم الدراسة الكافية والتأني.

أما على مستوى الإخراج فقد عمل في أفلام مارفيل 10 مخرجين مختلفين، بينما أول خمسة أفلام لـ«DC» تم إسناد أربعة منهم لـ«زاك سنايدر» وهو مخرج مثير للجدل، ويُتهم دائما باهتمامه بعنصر الإبهار واللمعان على حساب دقة المشاهد والاهتمام بالطاقم التمثيلي أو القصة.

بالتأكيد تشتت «DC» يفقدنا الكثير من الفرص المهدرة في التمتع بقصصهم المصورة المليئة بالدلالات السياسية والفلسفية وطرح مفاهيم السلطة والقوة والدولة والفوضى والحداثة بنظرة نقدية، وغيرها من المفاهيم التي اعتادت القصص المصورة لـ«DC» الترميز لها، وهذا ما رأيناه بوضوح في فيلم «Watchmen» وسلسلة «The Dark Knigt»، على عكس قصص مارفيل المصورة التي لا تهتم سوى بعنصر التشويق وإمتاع القارئ فقط. وعلى الرغم من ذلك هناك تفوق واضح ومحسوس لصالح «مارفيل» وقوة تجارية وفنية كبيرة. على جانب آخر تعاني «DC» من تشتت شديد وإحباط متتالٍ للجماهير وهذا ما لا يجب أن يتكرر.