معرض الكتاب، هذه الجملة التي تحمل في حروفها مذاق القشعريرة لهؤلاء المرتبطين بعلاقاتٍ غرامية مع الكتب، الاحتفال السنوي بالقراءة والثقافة والإبداع المكتوب على مدار عام والذي يقام في القاهرة، ويُعتبر قبلة كل عاشق للأدب والفن. «إضاءات» تقدم لقرائها مجموعةً من الروايات المنتظر صدورها في معرض الكتاب.

ربما لم تستقر بعد قوائم دور النشر للأعمال الأدبية التي من المتوقع طرحها في معرض كتاب القاهرة الدولي ، لكن هذه الروايات الخمس بالتأكيد ستكون موجودة في المعرض.


الباب المفتوح – لطيفة الزيات

في طبعة جديدة أصدرت دار الكرمة رواية الباب المفتوح للكاتبة لطيفة الزيات و التي صدرت طبعتها الأولى عام 1960و تدور أحداث الرواية في الفترة بين 1946 – 1959.

تعتبر هذه الرواية واحدة من أحجار الأساس للكتابات النسائية الواقعية، وبالرغم من مرور أكثر من خمسين عامًا على صدور رواية الباب المفتوح، إلا أنها ما زالت تحكي الكثير عن أحوال المرأة في المجتمع المصري.

«أنا أحبكِ وأريد منكِ أن تحبيني، ولكنّي لا أريد منكِ أن تفني كيانك في كياني ولا في كيان أي إنسان، ولا أريد لك أن تستمدي ثقتكِ في نفسك وفي الحياة مني أو من أي أنسان. أريد لك كيانكِ الخاص المستقل، والثقة التي تنبعث من النفس لا من الآخرين.

وإذ ذاك – عندما يتحقق لكِ هذا – لن يستطيع أحد أن يحطمك، لا أنا ولا أي مخلوق. إذ ذاك فقط، تستطيعين أن تلطمي من يلطمكِ وتستأنفي المسير. وإذ ذاك فقط تستطيعين أن تربطي كيانك بكيان الآخرين، فيزدهر كيانك وينمو ويتجدد، وإذ ذاك فقط تحققين السعادة؛ فأنتِ تعيسة يا حبيبتي، وقد حاولتِ، ولم تستطيعي، أن تخفي عني تعاستكِ».

أنا أحبكِ وأريد منكِ أن تحبيني، ولكنّي لا أريد منكِ أن تفني كيانكِ في كياني ولا في كيان أي إنسان، ولا أريد لك أن تستمدي ثقتك في نفسك وفي الحياة مني أو من أي إنسان. أريد لكِ كيانكِ الخاص المستقل.

خطاب حسين لـ ليلي و الذي يتم تداوله بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبر أيقونة لما تتمناه الفتيات في فتى الأحلام، وربما كان هذا صحيحًا؛ لكن بنية الشخصيات في هذه الرواية تتخذ بعدًا أكبر بكثير مما نراه بوضوح في سطور الرواية، فليلى كانت مسلوبة الحرية، مسلوبة الإرادة، تمامًا كالوطن في ذلك الوقت، و إن استطاعت أن تقاوم لفترة فإن إرادتها ترتخي في فترة أخرى حتى أنها تعزف عن الأمل وهي التي تكاد تلمسه.

أما حسين فهو التجسيد لكل ما تفقده ليلى/ الوطن في ذلك الوقت، هو الشخص المثقف، المثابر، الصبور، و المتفهّم، و الذي لا يفقد الأمل في من يحب، لا يفقد الأمل في ليلى ، ولا يفقد الأمل في حرية وطنه.

لكن التساؤل الذي شغلنا بعد قراءة الرواية كان: لم كانت صورة حسين أقرب للألوهية، بلا أخطاء أو زلات؟.

أما ليلى فقد تعرضت لكثيرٍ من التحولات التي لم نفهم سببًا لها، خاصة أننا لا نجد الكثير من الملحمية في حياتها التي تستدعي كل هذه التحولات!.


مسار الأزرق الحزين – علاء خالد

«كل ما هو غير مرئي، ونأخذه كشيءٍ مسلم به في حياتنا العادية، ولا يثير حتى انتباهنا، كالوقت أو الزمن أو رائحة البرتقال، كان هنا في غرفة العناية المركزة هذه له ثقل وحضور ماديّان، ربما لاتساع الوعي بالزمن حتى تتلمس ماديته، ماديته هو، وليس عبوره وإحساسك بالفناء. كأنك في سباق لا يوجد به خط نهاية».

هذا المقطع المكتوب على الغلاف ينبئ بالكثير، و يجعل هذه الرواية من الروايات القليلة التي أنتظر توزيعها في المكتبات أو نزولها في معرض الكتاب، أيهما أقرب، فبالرغم من إعلان الدار لصدورها بالفعل إلا أنني لم أجدها – حتى وقت كتابة هذه السطور – في عدة مكتباتٍ دخلتها خصيصًا لشرائها.

هذه الرواية تنبئ بالكثير، فبداية من العنوان المميز و المليء بالشجن، إلى الغلاف الهادئ، وانتهاءً بالتجربة التي يحملها الكتاب بين ضفتيه.

هذه الرواية تنبئ بالكثير، فبداية من العنوان المميز و المليء بالشجن، إلى الغلاف الهادئ، وانتهاءً بالتجربة التي يحملها الكتاب بين ضفتيه، فعلاء خالد أحد أبرز شعراء قصيدة النثر المعاصرة، يحكي تأملاته الخاصة خلال تجربةٍ حرجة و حساسة مرّ بها عندما دخل المستشفى لإجراء عمليةٍ جراحية بسيطة تطورت فيما بعد لحالةٍ حرجة استدعت بقاءه مدة أطول في العناية المركزة بين الحياة و الموت، ويبدو أن هذا الكتاب أيضًا يحمل بين طياته الحياة و الموت، وما بينهما.


منافي الرب – أشرف الخميسي

عندما تغيب شمس اليوم سـتكون روحي قد غابت معها، اسمع كلامي جيدًا، كلام المغادرين دائمًا ثمين وصادق، حافظ على امرأة تحبك، حتى لا تلقي بنفسك في منافي الرب.

-«منافي الرب؟، وما منافي الرب؟!».

– الحزن يا بكير.

السعادة هي جماع المتع المنثورة في كل تفاصيل حياتنا، لكننا في بحثنا المحموم عن السعادة، كتلة واحدة مكتملة و واضحة، ندهس هذه المتع ولا نجد السعادة أبدًا.

السعادة لن تأتي أبدًا كتلة واحدة مكتملة و واضحة».

لماذا تبدو هذه الرواية وكأنها تحمل سحرًا ما؟.

لا نعلم تحديدًا، ربما تحمل سحر حجيزي الذي يبلغ من العمر مئة عام ويحمل هذه الفكرة المجنونة عن الخلود و مواصلة الوجود بين الأحياء، ربما تحمل سحر الصحراء و الأماكن النائية التي تنطوي على غموض لا يعلمه إلا أهلها، أم هو التلاعب بخط الزمن – و بنا – و الذي كان كسيف ذي حدّين، فإما أن تستمتع به للنهاية و إما أن تصاب بالتيه إذا ما تركت الرواية يوميًّا أو يومين دون استكمال قراءتها.

تحمل الرواية اسمًا غريبًا، مثيرًا للانتباه ربما، لكنه يحمل الكثير و يتم تفسيره ربما من خلال أسطر الرواية، لكنه بالتأكيد كبقية فصول الرواية يحمل الكثير من الرمزية و الفلسفة الخفية التي ربما يسهل إدراكها أحيانًا، وتستعصي أحياناً أخرى.

لم نجد أسماء الأبطال بالغرابة التي يعتقدها البعض، بل نراها مناسبةً تمامًا؛ نظرًا لبيئة و زمن الرواية، لكن نقدّر أن البعض ربما يجد الأسماء غريبة؛ لأنها أسماء تحمل خصوصية المكان الذي تدور فيه الأحداث.

لم تسلم هذة الرواية من الجدل حولها، فبين الاتهام بازدراء الأديان، و الإباحية، و محاولات التفلسف، و أحقّيتها في الوصول لقائمة البوكر الطويلة أم لا، انقسمت الآراء و اشتعلت المناقشة.

في مثل هذة الجدالات لا نجد فائزًا و خاسرًا، لكننا نتذكر جيدًا أنها رواية يراها البعض جيدة، لم تصل للقائمة القصيرة للبوكر، و وصلت روايةٌ أخرى كالفيل الأزرق مثلاً!.

رواية منافي الرب صدرت عام 2013 ، ولكننا نتمنى أن تكون متاحة في معرض الكتاب القادم لتُتاح لعددٍ أكبر من القراء خاصة و أن صفحة الدار المصرية اللبنانية نشرت الكثير من المقتطفات منها خلال الفترة الماضية.


أن تحبك جيهان – مكاوي سعيد

رواية من سبعمئة صفحة هي تحدّ في حد ذاتها، لكن ماذا بعد أن تتجرّأ على شرائها؟

أذكر أن الآراء انقسمت كثيرًا حول روايةٍ سابقة لمكاوي سعيد وهي « تغريدة البجعة»، فالبعض أحبها، و البعض كرهها، و البعض الآخر وجد أنها عادية لا تستدعي الإهمال، ولكنها بالتأكيد لا تستدعي كل هذا الاحتفاء أيضاً.

أما في روايته الأخيرة «أن تحبك جيهان» فنحن حتى الآن لم نجد شخصًا واحدًا قرأ هذة الرواية إلا و احتفى بها أو أثنى عليها – على الأقل في دائرة معارفنا من القراء – لذا فحتى الآن سنرشح الرواية للاقتناء.

يعيب الرواية أنها تحمل سردًا كبيرًا لتفاصيل لا تنتهي، حكيٌ متداعٍ، و أحاديث كثيرة، كثيرة جدًّا، وأحيانًا متكررة بأشكالٍ مختلفة، ثم؟ لا شيء تقريبًا. لم نجد بناءً واضحًا للشخصيات أو لما يريد الكاتب إيصاله من خلال الحكي المستمر وغير المنتهي هذا. هناك بالتأكيد ثراءٌ واضح في تفاصيل الشخصيات هذه، لكن لا يوجد بناء يحدد كل هذه التفاصيل ويساعدنا في إعمال مخيلتنا قليلا.

شعرنا بالتيه.

ولا ننسى هنا المأخذ الأكبر على هذه الرواية وهو التدوين الركيك و الضعيف للثورة، حتى أن بعض أحداث الرواية كانت لا تتوافق أبدًا مع الأوضاع على أرض الواقع، كأن تتمكن شخصيتان من الاتصال ببعضهما البعض مثلاً يوم 28 يناير!.

إذن، بعد أن تجرّأت على شرائها، هل ستتجرّأ على قراءتها؟.


غرابة في عقلي – أورهان باموق

«غرابة في عقلي» و التي تصدر مترجمة عن دار الشروق هذا العام بجانب أعمال أخرى سابقة كـ «إسطنبول» و«اسمي أحمر» و«البيت الصامت».

«غرابة في عقلي» تحكي قصة «مولود» الذي يعمل في شوارع إسطنبول ما بين الفترة 1969 – 2012. أربعة عقود يعرف فيها البطل المدينة وتعرفه، و تبدو فترة أكثر من كافية ليشهد فيها البطل كل التغيّرات التي قد تحدث للمدينة و شوارعها، تغيّرات اجتماعية و سياسية و اقتصادية.

نتساءل: هل سيكون «مولود» على هامش الأحداث في مدينةٍ كبيرةٍ كهذه، أم سيكون هو محورها؟.

إذن: أيّ من هذه الروايات قد قرأتموها، و أيها تنوون شراءها؟.