في الثامن من مارس/آذار الجاري (اليوم العالمي للمرأة) أطلقت أستوديوهات ديزني/مارفيل أحدث أفلام سلسلة «عالم مارفيل السينمائي – Marvel Cinematic Universe»، وهو «كابتن مارفيل – Captain Marvel»، تمهيدًا لطرح أقوى أفلام السلسلة وأكثرها انتظارًا من قبل الجمهور، وهو الجزء الرابع من «المنتقمون» Avengers: Endgame.

بهذا الفيلم الضخم تختتم مارفيل المرحلة الثالثة من مشروعها الكبير والممتد والذي بدأته قبل أكثر من 10 أعوام بفيلم Iron Man، في عام 2008، المشروع الذي تحول في هذه الفترة القصيرة نسبيًا إلى أحد أعمدة الثقافة الشعبية Pop Culture في القرن الحادي والعشرين على مستوى العالم، وخلق أبطاله بقصصهم المنفصلة والمتصلة ما يصفه الكثيرون بمثيولوجيا ما بعد حداثية.

وفي منتصف مارس ظهر الإعلان الترويجي الأول لفيلم Avengers: Endgame، لتبدأ النظريات والتنبؤات والتخرصات بشأن الفيلم الأكثر ارتقابًا في 2019، والذي من المقرر طرحه بدور العرض حول العالم في 26 من أبريل/نيسان المقبل.

بعد النهاية الصادمة للجزء الثالث من سلسلة «المنتقمون Avengers: Infinity War»، ما السيناريوهات المتوقعة للجزء الجديد، وما النظريات المختلفة لنهاية الصراع مع العملاق المجنون ثانوس، وما احتمالات عودة الأبطال الذين لقوا حتفهم في الجزء الأخير؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في السطور المقبلة.


استراتيجية الغموض والتكتم

لم يتضمن الإعلان الترويجي لفيلم Avengers: Endgame أي تفاصيل محددة عن الفيلم المنتظر، فقط مجموعة من اللقطات الغامضة على خلفيات صوتية لمجموعة من المونولوجات لعدد من أبطال مارفيل مثل توني ستارك، وكابتن أمريكا. إعلان قصير ﻻ يمكننا أن نستشف منه سوى أقل القليل، ولكن لماذا؟

على مدار عام كامل بعد إطلاق الجزء الثالث من سلسلة «المنتقمون» في أبريل من العام الماضي، اتبعت مارفيل استراتيجية تسويقية مختلفة للغاية اتسمت بالتكتم الشديد على كل تفاصيل الجزء الرابع، تضمنت هذه الاستراتيجية تأخر ظهور الإعلان الترويجي، ثم ظهوره بهذا القدر من الغموض، وتأخر الإعلان عن عنوان الفيلم نفسه «Endgame»، وحتى تأخر إطلاق أفيشات وبوسترات الفيلم التي لم تظهر حتى الأمس.

نعود لنفس السؤال: لماذا؟

أعلن المخرج Joe Russo (أحد الأخوين روسو مخرجي سلسلة المنتقمون) أن استراتيجية التكتم التي اتبعتها مارفيل تهدف بالأساس إلى تشويق الجمهور بشكل كبير بحيث يدخل إلى دور العرض دون أن يعرف حتى أبسط التفاصيل عما سيحدث، وكيف ستتطور الأحداث بعد النهاية الصادمة للجزء الثالث.

اقرأ أيضًا:عالم «Marvel» السينمائي: وفخ الطفولية والتكرار

استراتيجية الحد الأدنى من الدعايا لحين طرح الفيلم، أليست مجازفة كبيرة؟

بالطبع هي مجازفة كبيرة، حتى أعتى الأستوديوهات وشركات الإنتاج بهوليوود ﻻ تجرؤ على طرح الفكرة المجردة، بل إنني أتخيل أن مجرد طرح الفكرة من أحد كبار التنفيذيين بإحدى هذه الشركات كفيل بطرده من العمل على الفور، ولكن عند الحديث عن عالم مارفيل السينمائي بالطبع ستختلف الموازين، فنحن بحق أمام إحدى الظواهر اللافتة لصناعة السينما منذ نشأتها في نهاية القرن التاسع عشر.

وبعيدًا عن الاسترسال البلاغي يمكننا الوقوف على سببين مقنعين للقول بأن هذه الاستراتيجية ليست مجازفة على الإطلاق، بل على العكس فقد تكون هي الأفضل في هذا التوقيت. أولهما، النجاح التجاري الكبير والشهرة العالمية الواسعة التي حققتها سلسلة عالم مارفيل السينمائي وبمنحنى متصاعد لا يبدو أنه قد وصل ذروته بعد، وأن هناك المزيد في الأفق بانتظاره، وهو ما نستطيع أن نلمسه بقوة في إيرادات الأجزاء الأخيرة من السلسلة والتي تواصل تحطيم الأرقام القياسية التاريخية، ويكفي أن نذكر أن الجزء الثالث من سلسلة «المنتقمون Avengers: Infinity War»رابع أعلى إيرادات في تاريخ السينما.

أما السبب الثاني، فهو النهاية الصادمة وغير المتوقعة للجزء الثالث والتي لم ينته معها الصراع المحتدم بين عصبة «المنتقمون» و«العملاق ثانوس»، ومفاجأة فناء عدد من أبطال مارفيل، وهي النهاية التي شحنت الجمهور وزادت من حماستهم للجزء الرابع المنتظر. ولهذا يمكننا القول، إن هذا الفيلم ﻻ يحتاج إلى أي دعايا على الإطلاق.


كيف بدأ الخلق؟

بعد أكثر من 10 سنوات، وبعد 21 فيلمًا/جزءًا من هذه السلسلة الممتدة، والتي يبدو أنها قد تمتد إلى الأبد، ربما يجب علينا التوقف لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب القطع الصغيرة لنرى الصورة الأكبر بشكل أوضح. لنبدأ بالقطعة الأولى، أين كانت البداية؟

بدأ عالم مارفيل السينمائي MCU في عام 2008 بفيلم Iron Man، وعلى مدار أكثر من 10 سنوات تضمنت السلسلة 21 فيلمًا حتى الآن، على أن يكون فيلم «Avengers: Endgame» هو الفيلم رقم 22 في السلسلة السينمائية الأطول في تاريخ السينما.

تنقسم السلسلة إلى 3 مراحل، في المرحلة الأولى، تم تقديم «الأبطال الخارقون» في عالم مارفيل، وهم بالترتيب «الرجل الحديدي – Iron Man»، و«هالك – Hulk»، و«الأرملة السوداء – Black Widow»، و«عين الصقر – Hawkeye»، و«ثور – Thor»، ثم «كابتن أمريكا – Captain America». انتهت المرحلة الأولى باجتماع هؤلاء الأبطال في الجزء الأول من «عصبة المنتقمون» «The Avengers» في عام 2012، لمواجهة الغزو المتجاوز للمجرات يقوده «لوكي – Loki»، و«شيتوري – Chitauri» على مدينة نيويورك.

اقرأ أيضًا:سلاسل الأفلام: هل تقتل الإبداع أم تخلق عوالمها الخاصة؟

في المرحلة الثانية، بدأ الخط الخاص بأحجار الأبدية Infinity Stones في اتخاذ أهمية خاصة في السردية العامة للسلسلة، فبدأت سلاسل فرعية جديدة تمثلت في «حراس المجرة – Guardians of the Galaxy»، و«الرجل النملة – Ant-Man». ثم جاء الظهور الأول للعملاق «ثانوس – Thanos» في عام 2015، بأحد المشاهد الختامية ما بعد التترات في الجزء الثاني من سلسلة «المنتقمون»، فيلم «Avengers: Age of Ultron»، والذي قرر فيه الاستغناء عن أعوانه، والبدء بنفسه في جمع الأحجار الأبدية.

أما المرحلة الثالثة، وهي أهم مراحل السلسلة، فبدأت بفيلم «Captain America: Civil War» في عام 2016، حين انقسم المنتقمون على أنفسهم حول موقفهم من «اتفاقية سكوفيا – Sokovia Accords» والتي تقتضي أن يندرج الفريق تحت سلطة مجلس أعلى من القيادات السياسية والعسكرية الأمريكية، كما شهد هذا الفيلم أيضًا الظهور الأول لبطل خارق جديد هو «الرجل العنكبوت – Spider-Man».

بعد ذلك، وفي إطار نفس المرحلة، يتم تقديم بطلين جديدين في فيلمين منفصلين هما: «دكتور سترينج – Doctor Strange» عام 2016، و«النمر الأسود – Black Panther» عام 2018، قبل أن يخوض المنتقمون معركتهم الأولى ضد ثانوس في فيلم «Avengers: Infinity War» عام 2018، والذي نجح فيه ثانوس في جمع أحجار الأبدية والقضاء على نصف سكان العالم، وهو ما نتج عنه فناء عدد من أهم أبطال مارفيل الخارقين من بينهم الرجل العنكبوت، والنمر الأسود.

قبل المواجهة الأخيرة بين «عصبة المنتقمون» و«ثانوس»، كان علينا أن نعود في رحلة قصيرة إلى تسعينيات القرن العشرين لتقديم بطل جديد من المنتظر أن ينضم إلى المواجهة الأخيرة، وهو «كابتن مارفيل – Captain Marvel»، الفيلم الذي تم طرحه بدور العرض مطلع الشهر الجاري، والذي لم يزد عشاق ومحبي عالم مارفيل إﻻ تشوقًا لمشاهدة «Avengers: Endgame».


نظريات ما بين السطور

نتيجة لسياسة التكتم الشديد التي تنتهجها مارفيل إزاء الجزء الجديد والمنتظر من سلسلة «المنتقمون»، ﻻ نعرف سوى أقل القليل عن هذا الفيلم الضخم، كل ما نعرفه حتى الآن أن الفيلم سيكون الأطول على الأطلاق بمدة تصل إلى 3 ساعات ودقيقتين، كما نعرف أن «عصبة المنتقمون» لديهم خطة ما لمواجهة «ثانوس»، وأن هذه الخطة تقوم بشكل كبير على الاستعانة بالبطل الجديد كابتن مارفيل، وهو ما ظهر بوضوح في مشهد ما بعد التترات بفيلم «Captain Marvel».

لكن هناك سؤالًا ﻻ ينفك يطرحه عشاق عالم مارفيل السينمائي: إذا كان بمقدور نيك فيوري أن يستدعي كابتن مارفيل في أي وقت كما عرفنا في فيلم Captain Marvel، فلماذا لم يقم بذلك قبل بدء المواجهة مع ثانوس في فيلم «Avengers: Infinity War»؟

اقرأ أيضًا:فيلم «Avengers Infinity War»: دليلك لقمة عالم الأبطال الخارقين

هذه التفاصيل الشحيحة فتحت الباب واسعًا أما جمهور مارفيل للتأويلات والنظريات المختلفة والمتنوعة لما سيكون عليه الجزء الرابع، وكيف سنتتهي المعركة الأخيرة مع ثانوس.

تبدأ هذه النظريات مع عنوان الجزء الرابع «Endgame» والذي يعني الشوط الأخير من اللعبة، والذي على الرغم من التكتم الشديد والتأخر في الإعلان عنه فإن إحدى نظريات الجمهور كانت قد استبقت الإعلان عن هذا الاسم، إذ إنه يظهر في حوار دكتور سترانج بنهاية الجزء الثالث «Avengers: Infinity War»، حينما كان يخاطب توني ستارك قائلًا: «نحن الآن بنهاية اللعبة – We’re in the endgame now».

وهناك نظريات مختلفة بشأن أبطال مارفيل الذين ﻻقوا حتفهم بنهاية الجزء الثالث. بالطبع يدرك الجميع أن مارفيل لن تضحي بأبطالها بعد كل هذا النجاح الجماهيري والتجاري، فلا تزال هناك الكثير من الفرص لإنتاج عشرات الأفلام المنفصلة لكل من هؤلاء الأبطال على حدة، ولكن كيف ستنجح كابتن مارفيل ومن تبقى من عصبة «المنتقمون» في استعادة هؤلاء الأبطال؟

أكثر النظريات المطروحة في هذا الشأن هي النظرية الخاصة بالرجوع في الزمن، واستعادة الأبطال الهالكين لبدء المواجهة مع ثانوس من جديد، وهي النظرية التي ترجحها جملة تكررت على لسان الأبطال في الإعلان الترويجي للجزء الرابع وهي: «Start Over» أي البدء من جديد. ولكن كيف سيعود الأبطال في الزمن؟

لقد شاهدنا عملية الرجوع في الزمن قبل ذلك في فيلم «Doctor Strange» عام 2016، والتي قام بها دكتور سترانج باستخدام حجر الزمن، ثم شهدناها مرة أخرى بنهاية الجزء الثالث حينما قام بها ثانوس نفسه بعد استيلائه على حجر الزمن، ولكن كيف يستطيع المنتقمون إعادة العملية مرة أخرى دون أن يكون الحجر بحوزتهم؟

هنا تظهر نظرية أخرى هي نظرية «عالم الكم – Quantum Realm»، والتي ترجح أن «المنتقمون» قد يدخلون إلى عالم الكم في واحدة من دوامات الزمن التي أشارت إليها «Janet Van Dyne» في الجزء الثاني من فيلم الرجل النملة «Ant-Man and the Wasp»، وهي النظرية التي تستمد قوتها من إحدى لقطات الإعلان الترويجي لفيلم «Avengers: Endgame» والتي يظهر فيها المنتقمون وهم يرتدون بذلة شبيهة بتلك التي ارتداها دكتور هانك بيم وفريقه فيلم «Ant-Man and the Wasp»، قبل دخوله إلى عالم الكم. فإذا صحت هذه النظرية، فإن الدخول إلى عالم الكم سيكون بديلًا لحجر الزمن، ومن خلاله يستطيع المنتقمون العودة في الزمن، وبدء المواجهة مع ثانوس من جديد.

على كل حال، سواء صدقت تلك النظريات والتنبؤات أم لم تصدق، فلا شك أننا بصدد حدث سينمائي مختلف ربما لم يشهده عشاق السينما حول العالم منذ صدور الأجزاء الأولى من سلسلة «حرب النجوم – Star Wars» في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وﻻ شك أيضًا أن عالم مارفيل السينمائي بانتظار سنوات عدة من الرخاء قبل أن يصل إلى ذروته.