عادة ما تنتهي حكايات الحب على الشاشة بالزواج، بانتصار الحب على عوائقه؛ حيث يتحقق الحلم الذي طارده العاشقون طويلًا، لكن ماذا بعد تحقق الحلم؟ تبدأ الحكاية وتنتهي قبل أن تبدأ الحياة الحقيقية، لذلك هناك وفرة من السرديات المتوجة بانتصار الحب، حكايات براقة وجذابة برعت هوليود تحديدًا والسينما عمومًا في تصديرها لنا، في مقابل ذلك هناك ندرة في حكايات ما بعد الزواج، ما الذي يحدث بعد أن تنزل تترات النهاية وتبدأ الحياة الحقيقية؟   ما الأثر الذي يتركه الزمن والعادة على الحب وسكرة البدايات؟ قليلة إذًا الأعمال السينمائية أو التلفزيونية التي استطاعت أن تصور بصدق وواقعية ما يحدث للحب بعد الزواج.

استطاع مسلسل الهرشة السابعة من إخراج كريم الشناوي وكتابة ورشة سرد الذي عرض في النصف الأول من الموسم الرمضاني 2023 إحداث صدى جماهيري واسع حتى مع وجود مشاكل كثيرة في الكتابة، كان أبرز هذه المشاكل تلك الفقاعة التي تعيش فيها شخصيات العمل بحيث تبدو في نوع من العزلة التامة عن المجتمع الكبير، لا شيء يؤثر فيها أبعد من محيطها الضيق جدًا الخاص بالعائلة والأصدقاء، واختزال صراع الشخصيات في جانب العلاقة الزوجية فقط بينما تمنح الشخصيات كل شيء آخر بسهولة ومجانية عجيبة كأن تجد إحدى الشخصيات عملًا في مجال ليس لديها أي خبرة فيه وتتحقق فيه سريعًا دون تحديات، لا أظن أن شيئًا كهذا موجود حتى في أكثر المجتمعات رفاهية، لكن دون استغراق في سرد عيوب الدراما في الهرشة السابعة، كان منبع إعجاب الجمهور بالعمل هو مشاهدة عمل ينقل صورة حقيقية للحياة اليومية للزواج حيث تستطيع الصراعات الصغيرة والاعتيادية أن تهز أساس علاقات قائمة على الحب، حماس الجمهور وإقباله على الهرشة السابعة رغم مشاكله جعلني أفكر في إعداد قائمة بأهم الأعمال السينمائية والتلفزيونية التى استطاعت أن تقدم بورتريهًا واقعيًا للزواج.

1. Heartburn 

كوميديا رومانسية من إنتاج عام 1986. الفيلم من إخراج مايك نيكولز وكتابة نورا ايفرون استنادًا على روايتها التي تحمل الاسم نفسه وهي سيرة شبه ذاتية تحكي وقائع انفصالها عن زوجها الثاني كارل بيرنستاين.

 فيلم عن الانهيار الداخلي للزواج، أن الجانب القبيح للحب حيث يركز الفيلم على شخصية ريتشيل التي تكتشف أثناء حملها خيانة زوجها لها، واحد من أفلام ايفرون الأقل رواجًا رغم أنه أكثرها ذاتية، وريتشل بطلة الحكاية هي الأقرب بين بطلاتها لشخصيتها في الحياة الواقعية، بورتريه دقيق لحكاية رومانسية معيبة وحقيقية.

تجلس ريتشيل/ميريل ستريب وزوجها/جاك نيكلسون في عشاء عائلي مع بعض الأصدقاء، وقد علمت صباح هذه الليلة بخيانة زوجها مع امرأة أخرى كانت سببًا في انفصالهما لبعض الوقت، وتبدأ صديقتها بالحديث عن انفصال أحد الأصدقاء المشتركين عن زوجته بعد زواج طويل من أجل سكرتيرته الخاصة، ثم تبدأ في التساؤل عن كيف يتغير الشريك وكيف تعجز شريكته في العلاقة عن كشف هذا التغير، تبدأ ريتشيل في الحديث: “حين تحب شخصًا ما فإنك لا ترى شيئًا، فقد قررت أن تحبه وأن تثق به، في الحياة اليومية لزواجك ستلاحظ قليلًا أن شيئًا تغير ولكنك لن تعيره انتباهك، وحين تتضح الأمور في النهاية لن تبدو كما لو كنت لم تعرف شيئًا ولكن كما لو كنت في مكان آخر”.

ترد الصديقة: “تعنين كما لو كنت تعيشين حلمًا ما؟”.

تكمل ريتشل: “نعم، ثم يموت الحلم، يتكسر الحلم إلى مليون قطعة صغيرة، وهو ما يتركك أمام خيارين؛ إما أن تبقى إلى جوار حلمك الميت، وهو أمر غير محتمل، وإما أن تمضي بعيدًا وتحلم حلمًا آخر”.

تترك ريتشيل زوجها على العشاء في بيت أصدقائه وترحل عنه إلى الأبد.

2. Husbands and Wives

 الفيلم من إنتاج عام 1992 ومن كتابة واخراج وودي آلن. آلن المفتون دائمًا بفكرة العلاقات يقدم هنا واحدًا من أكثر أفلامه قلقًا وبأسلوب تصوير مميز لكارل دي بالما يقترب من أسلوب سينما الحقيقة، حاول آلن خلال كوميدياته الرومانسية بداية من Annie Hall أن يقدم تمثيلًا أكثر حقيقية للعلاقات العاطفية في الأزمنة الحديثة حيث استطاع  أن يلمس من خلالها الجانب الفوضوي والعبثي لعالم العلاقات الرومانسية.

تقول الشخصية التي يلعبها آلن نفسه في الفيلم “الحياة ليست فيلمًا هوليوديًا إنها فيلم غير ناطق بالإنجليزية”. غالبًا ستكون اللغة الأجنبية هي السويدية لغة أستاذه برجمان الذي تقدم سينماه تشريحًا قاسيًا للعلاقات البشرية.

سينما آلن تؤدي نفس الوظيفة غير أنها أكثر مرحًا.

هذا فيلم يفهم جيدًا عذابات الحب قبل نهايته ويكشف عن هشاشة العلاقات وتقلبات القلب البشري، يعبر المخرج الأسترالي سيمون ستون عن محبته لهذا الفيلم ممسكًا بجوهره حين يقول “يرفع آلن ما هو يومي وعادي في عالم العلاقات الحديثة إلى أفق شكسبيري”.

3. Revolutionary Road

الطريق الثوري ‏هو فيلم دراما أمريكي-بريطاني، جرى إنتاجه عام 2008 ومن إخراج سام ميندز، وبطولة ليوناردو دي كابريو وكيت وينسليت، كتب السيناريو جستين هايث وهو مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه نُشرت عام 1961 للمؤلف ريتشارد ياتس.

تقول كيت وينسلت على لسان الزوجة إبريل في أحد مشاهد الفيلم لزوجها: “إن الحقيقة مؤلمة.. يا فرانك.. لا نستطيع تجاهلها.. إنها موجودة ولن يمحوها خداعنا لأنفسنا”. هذا عمل مؤلم فيه تشريح دقيق للحياة اليومية للزواج.

فيلم عن مأزق الحلم الأمريكي وعن العواطف العميقة لشخصيات مهزومة مع أداء إخراجي شديد التميز وأداء تمثيلي مبهر لبطليه دي كابريو وكيت وينسلت. هذا الفيلم هو الأول للثنائي دي كابريو و وينسلت بعد فيلم تايتانك لجيمس كاميرون عام 1997.

رأى الناقد الأمريكي روجر إيبرت في مراجعته للفيلم أن حكايته تجيب على سؤال ماذا لو اكتملت حكاية الحب بين روز وجاك في تايتنك، فيكتب أن الطريق الثوري يمثل النهاية الحزينة لحكاية جاك وروز لأن هذا ما يحدث في الواقع في الزواج المبني على الرومانسية وحدها .

4. Blue Valentine 

يعد على نطاق واسع واحدًا من أكثر الأفلام صدقًا عن العلاقات.

فيلم ديريك سيانفرانس شديد الأصالة  ويحمل تصويرًا دقيقًا لتراجيديا الحب.

في «عيد الحب الحزين» (Blue Valentine) يغزل المخرج “ديريك سينافرانس” الحلم والكابوس معًا في سرد شديد الإتقان، حيث يدور السرد عبر خطين زمنيين؛ أحدهما ماضي العلاقة وبداية الحب، وثانيهما بعد 6 سنوات من هذه البداية حيث نشهد نهاية هذا الحلم.

واحدة من أهم نقاط قوة هذا الفيلم وتفرّده هو السرد الذي يمزج بين الحاضر والماضي في تتابع ذكي للغاية؛ يبدأ السرد في الحاضر من نقطة يمكن اعتبارُها بداية النهاية، حيث يهرب كلب العائلة المحبوب من بيته.

اللحظة التي يقرر فيها السارد العودة للماضي، حيث بداية العلاقة تأتي بعد دفن الكلب، إذ تعثر الأم على جثته، لكي يخلق المخرج تمايزًا بين الماضي والحاضر في تتابعهما فإنه يخص كل خط زمني بتكنيك إخراجي يلائم طبيعة المرحلة ونفسية شخصياته خلالها.

يُصوَّر الماضي بكاميرا محمولة باليد تعكس حركتها الحرة حماس البدايات واندفاعها، يميل ديريك في هذه المرحلة نحو لقطات طويلة زمنيًا دون قطع، يمنح ممثليه الحرية والتلقائية في الأداء أمام الكاميرا، أيضًا يميل إلى لقطات ذات أحجام واسعة وعمق مجال واضح.(3)

بينما يُصوَّر الحاضرُ بكاميرا ثابتة ولقطات أقصر زمنيًا، حتى في اللقطات القريبة لا يحرك الكاميرا بل يستخدم عدسة الزوم، وهو ما يعكس الإرهاق الذي أصاب هذه العلاقة وكأنها توقفت تمامًا أو أُصيبت بالشلل، يميل أيضًا لكادرات ذات عمق مجال غير واضح، أي تضبيب المحيط، أو عمق الصورة مع وضوح مقدمة الكادر فقط، وهو ما يعزز من حالة الكلوستروفوبيا التي تخلقها كادرات هذه المرحلة الضيقة، أو كأن هذه العلاقة باتت بلا أي أفق، يصل ديريك عبر سرده إلى ذروتين متتابعتين، ذروة الحاضر وهو قرار الانفصال، وذروة الماضي وهو مشهد زواجهما.

يبدأ الفيلم بطفلتهما وقد فقدت كلبها، وينتهي بها وقد فقدت والدها بانفصاله عن والدتها.

5. Marriage story 

الفيلم شخصي جدًا بالنسبة لنواه بومباك، و مبني على تجربته الخاصة ومع ذلك تستطيع أن تجد نفسك فيه ويلمسك أيضًا على نحو شخصي، لا يأخذ الفيلم صف أحد من طرفي العلاقة بل يظهر الموقف بينهما كما هو بكامل تعقيده.

يفتتح نواه بومباك فيلمه “قصة زواج” بتتابعين من اللقطات يحكي عبرهما كلٌّ من الزوجين ما الذي يُحبِّه في الطرف الآخر، افتتاحية تصلح لفيلم رومانسي، لكننا نكتشف للمفارقة أنها جزء من إجراءات الانفصال بينهما. ينتقل بومباك بعد التتابع الخاص بالزوجة نيكول إلى لقطة مقربة لورقة مكتوب عليها ما شاهدناه لتوّنا وتفاعلنا معه، مجرد سطور على ورقة بيضاء، هذا ما سنتعامل معه من الآن فصاعدًا، ولا دخل له بحقيقة المشاعر التي يُكِنُّها كلٌّ منهما للآخر، إنها مجرد إجراءات لا بد منها، يفهم بومباك جيدًا طبيعة بطليه، وضعفهما، وحساسيتهما المفرطة، كلاهما لا يريد المواجهة، نيكول تلجأ للأخت من أجل تقديم ورق الطلاق لتشارلي لأنها لا تريد أن تفعل ذلك بنفسها.

مشهد المواجهة الوحيد يأتي قرب النهاية بعد المرور بكل إجراءات الطلاق المؤلمة لكليهما، تأمَّل تشارلي في هذا المشهد وهو يتحرّك كثيرًا، يدخل إلى المطبخ ويخرج، وكأنه يحاول ألّا تحدث هذه المواجهة الحتمية، ولذلك كي يحدث هذا المشهد المدهش في البناء والأداء، كان يجب أن يحدث كل ما سبق، أن يُجبَر كلاهما على المواجهة.

يبرع بومباك في رصد البُعد المتزايد بينهما عبر تفاصيل الصورة، يجعل كليهما على طرف الكادر، مشهد المترو مثلًا، أو اجتماع الفرقة بعد العرض المسرحي. هناك دائمًا فراغ متزايد في الكادر، وكأن العلاقة تفتقد إلى شيء تتمسك به للاستمرار.

يسعى بومباك عبر كل أفلامه إلى واقعية أدائه الإخراجي، على مستوى الحوار والصورة والمونتاج، هناك ميل في مشاهد كثيرة نحو تمهل الإيقاع وعدم اللجوء للقطع المونتاجي، وكأنه يسمح لهذه المشاهد أن تتنفس بطبيعية، ولشخصياته أيضًا أن تؤدي بطبيعية.

يصنع بومباك فيلمه عبر مزج أنواع بديع؛ بين الرومانسي ودراما المحاكم والرعب و الميوزيكال، ويتنقل فيما بينها في سلاسة رائعة.

هناك إحالات كثيرة إلى سينما برغمان على مستوى التكوين، بعض المشاهد تُحاكي في تكوينها فيلمَيْ “فاني وإلكسندر” أو “برسونا”، هناك إشارة أيضًا إلى فيلم “مشاهد من زواج”، لكن رغم ذلك يظل بومباك بعيدًا عن قسوة برغمان وعنفه في تعرية شخصياته، بومباك متعاطف مع شخصياته، بومباك يحمل في أسلوبه نوعًا من الحنان الأمومي تجاه شخصياته، وكأنه يعتذر عن الألم الذي ألحقه بهم، مجرد جرح سطحي في ذراع تشارلي أو شرخ في جدار، لا شيء أبعد من ذلك، بينما شخصيات برغمان يمكنها أن تلتهم بعضها، يمكنها أن تذهب في داخلها إلى أعماق مظلمة حيث مشاعر الكراهية والغيرة والنفور.

بعد مشهد المواجهة النهائي بين تشارلي ونيكول، وتعبير كلٍّ منهما عن مشاعر الكراهية تجاه الآخر، ينفجران في البكاء، يعتذران، يقتربان، يحتضنها تشارلي بينما تُربِّت هي عليه، هذا ما أقصده تمامًا.

يظل الفيلم في النهاية كقصة حب، نلمحه واضحًا في كل شيء بين أنقاض زواج محطم، هو فيلم أيضًا عن الأمل في التجاوز والمُضي في الحياة.

اقرأ أيضًا: فيلم «Marriage Story»: الحب وحده لا يكفي

6. Before midnight 

الفيلم المتمم لثلاثية ريتشارد لينكليتر المعروفة The before Trilogy. تجربة سينمائية لا تستكشف فكرة الزواج فقط بل جوهر فكرة الرومانسية، تتبع  الأفلام الثلاثة جيسي وسيلين، إيثان هوك وجولي ديبلي خلال 18 عامًا. 

نحن نشاهد الآن علاقة الحب بين جيسي وسيلين التي شاهدنا شرارتها الأولى قبل 18 عامًا في قطار متجه إلى فيينا وهي تخوض في فوضى الحياة الحقيقية، فوضى وتوترات حياة زوجية، هنا لا توجد كليشيهات الكوميديا الرومانسية  ولا هالة الحواديت الخيالية، هنا مشاكل الحياة الحقيقية، مسؤوليات العائلة والعمل و الرغبات المتضاربة التي تضع حبهما في اختبار حقيقي.

أفلام لينكلاتر أفلام حوارية بامتياز لكن الحوار يتخلى هنا عن الطابع الفلسفي والرومانتيكي لفيلميه السابقين، نجد في هذا الفيلم حوارات الحياة اليومية بعاديتها وإلحاحها، زوجان في منتصف العمر ويعتري علاقتهما كثير من الخلافات والمشاكل . لكن فيلم لينكليتر ليس عن اختفاء الحب بل عن صعوبته، يجدد هنا ايمانه بالحب حتى وإن كان صعبًا وغير مثالي.

7. Winter sleep 

فيلم التركي الكبير نوري بيلجي جيلان الفائز بسعفة كان الذهبية عام 2014. نص الفيلم من كتابة جيلان وزوجته إيبرو ومستوحى من عدد من القصص القصيرة لتشيكوف. يتمحور الفيلم حول آيدين، ممثل مسرحي سابق يمتلك فندقًا صغيرًا في ريف الأناضول، وعلاقته المتوترة بزوجته وأخته المطلقة حديثًا، حيث يقضيان الشتاء معه في فندقه المنعزل والذي يبدو في الشتاء كمكان لا مهرب منه، كعادة سينما جيلان عزلة الأماكن تعكس عزلة شخصياته. تدور أغلب المشاهد في فيلم جيلان الذي يمتد لأكثر من ثلاث ساعات في الداخل. مشاهد داخلية بكاميرا ساكنة وحوارات مطولة، حوارات تكشف الكثير عن طبيعة وتعقيد الشخصيات وفقدانها التواصل، يكشف السرد عن أزمة عميقة بينه وبين زوجته التي تبدو  محاصرة داخل العلاقة، عواطفها مزدوجة تجاه زوجها، تقف بين الإعجاب والازدراء لكن حبها لزوجها الساخر والمتغطرس، الذي ينتقد كل شيء تفعله يبدو مفقودًا.

 بورتريه بديع عن أفول العلاقات ودراسة عميقة عن الندم والحيرة وعدم الفهم، عن عزلة الشخصيات عن نفسها والآخرين.

مشاهد من زواج (السويدية: Scener ur ett äktenskap) هو مسلسل تلفزيوني سويدي من إنتاج عام 1973. كتبه وأخرجه إنجمار بيرجمان. يمتد المسلسل لست ساعات، يستكشف خلالها برجمان تفكك الزواج بين ماريان (ليف أولمان) ، محامية الطلاق ، ويوهان (إيرلاند جوزيفسون) ، أستاذ علم النفس خلال عشر سنوات من الزواج. 

8. Scenes from a Marriage

لا تكتمل قائمة عن أكثر الأعمال واقعية عن الزواج دون ذكر كلاسيكية برجمان سواء في نسختيها السينمائية أو التلفزيونية، بعد نجاح العرض التليفزيوني للمسلسل قام برجمان بتحويله لفيلم باختصاره تقريبًا إلى نصف المدة الزمنية وعرض في دور العرض السويدية، الأمريكية وحول أوروبا. يكشف برجمان هنا عن تقلبات وازدواجية المشاعر لدى بطليه، ربما كان برجمان  أول سينمائي عبر عن الفكرة القائلة أنه ما من حب إلا وينطوي على قدر من الكراهية. 

أغلب المشاهد حوارية وفي أماكن مغلقة لكن  الدراما شديدة التقلب والإثارة. شكلت العلاقات الزوجية دائمًا واحدة من استحواذات برجمان، هنا لا يقدم برجمان نقده للزواج كمؤسسة بل يحاول تشريح العلاقات الإنسانية بكامل تعقيدها. 

 يرى برجمان أننا على الصعيد العاطفي نعيش في حيرة تامة، قائمة على الخوف وعدم الاستقرار واللاتفاهم حيث تتحول العلاقات إلى نوع من الجحيم.

رغم أن النسخة الفيلمية تفتقد شيئًا من قوة المسلسل وزخم أفكاره ، أعطى روجر إيبرت النسخة الفيلمية أربع نجوم كاملة، واصفًا إياها بأنها “واحدة من أصدق قصص الحب وأكثرها إشراقًا على الإطلاق” و”أفضل فيلم لعام 1973″.

9. 2021 Scenes from a Marriage

هذا المسلسل الذي أنتجته HBO وكتبه وأخرجه (هاجاي ليفي) هو إعادة صنع لتحفة السويدي الكبير إنجمار برجمان والتي تحمل نفس الاسم وعرضت عام 1973. نشاهد هنا انهيار زواج بدا لوهلة مثاليًا ونستكشف ألم وإحباط الحياة الزوجية وعنف المشاعر الكامنة تحت السطح قبل أن نغوص مع سرده في جحيم الانفصال العاطفي.

لا يبتعد (هاجاي) كثيرًا عن أصل العمل الذي يستعيده، فقط بعض التفاصيل التي تخص الزمن الحديث الذي نقل إليه مسلسله والخلفية الثقافية والدينية لشخصيتيه، يتبادل بطلاه الأدوار الجندرية في العمل الأصلي مع الاحتفاظ بالتركيبة النفسية،الدور الذي لعبه أوسكار أيزاك هو الدور الذي لعبته ليف أولمان في الأصل السويدي، ربما عمل قائم بالكامل على الحوار مع ميزانسين مسرحي، تدور كل حلقة في الغالب داخل مكان واحد مع أداءات استثنائية من جيسكا تشاستن وأوسكار أيزاك. عمل حميم، حسي، عنيف ومقلق على صعيد المشاعر التي يستحضرها. بالتأكيد أحد أفضل إنتاجات 2021 التلفزيونية. 

10. Tell me you love me 

مسلسل من 10 حلقات عرض للمرة الأولى في عام 2007 من إنتاج HBO، وإبداع سينثيا مورت. يفحص بعمق الحياة الحميمية لشخصياته ويغوص في نخاع العلاقات الزوجية بتعاطف وبصيرة، كل علاقة منهم بائسة على طريقتها الخاصة ووجود الحب حتى لا يمنع هذا البؤس، الأسلوب البصري للعمل المتضمن الإضاءة الطبيعية والكاميرا المحمولة باليد يمنح العمل طابعًا وثائقيًا ويعزز من مساعي واقعيته، عمل مثير وصادم، يحرك في جمهوره المخاوف ويعد  مثل نافذة على تعقيدات العلاقات الحديثة.

11. Six feet under 

واحد من كلاسيكيات الدراما التلفزيونية الأمريكية، الذي بدأ بثه لأول مرة عام 2001. المسلسل من إنتاج HBO وإبداع ألان بول. يدور حول أسرة فيشر التي تعمل في مجال تنظيم الجنازات والتحنيط.  المسلسل يتأمل فكرة الموت بشكل موسع لكنه في قلبه عمل عن العائلة والعلاقات.

 ألان بول الحائز على أوسكار أفضل نص أصلي عن American Beauty يعادي في كتاباته التمثيلات المثالية للعائلة والعلاقات، في مسلسله تصرخ الابنة الصغرى للعائلة في وجه الأم: لن نحظى أبدًا بعلاقة الأم والابنة كما تشاهدينها على التلفاز، لأن هذا النمط من العلاقات غير موجود في الواقع.

هذا ينطبق أيضًا على علاقات الحب والزواج داخل العمل، إذ يبتعد بول عن الصيغ التبشيرية والنمطية للحب والعلاقات محاولًا إبراز مساحات الشك والقلق داخل طرفي العلاقات، المساحات الرمادية داخل عاطفة الحب. 

12. This is us

المسلسل الذي بدأ عرضه في سبتمبر ٢٠١٦ وأبدعه دان فوجلمان يدور بشكل أساسي حول العائلة، يستخدم السرد الفلاشباك بشكل مكثف وغير تقليدي لخلق سرد موازٍ بين حياة آباء وأبناء عائلة بيرسون، هذه الحركة الحرة بين الماضي والحاضر تكشف عن كيف أن التفاصيل الصغيرة في طفولتنا تؤثر في شخصيتنا وفي نمط علاقاتنا، مسلسل دافئ وعاطفي وحميمي ويقدم صورة واقعية صادقة عن العلاقات سواء داخل العائلة أو علاقات الحب والزواج.

13. Easy

المسلسل المكون من ثلاثة مواسم بدأ عرضه في 2016 ومن إبداع جو سوانبرج. كل موسم مكون من 8 حلقات. المسلسل عبارة عن anthology، مختارات أو شيء أقرب للقصص القصيرة.

كل حلقة في الموسم بشخصيات وحكاية مختلفة تتلاقى أحيانًا مع شخصيات حكاية أخرى.

الموضوع الأساسي للعمل هو ما يحدث بعد الزواج، أثر الزمن ومتاهة الحداثة والتكنولوجيا مع تنويعات على مشاكل الطبقة والهوية الجنسية والعرق.

المسلسل حواري بالأساس ولا يعتمد على أحداث كبيرة بل أحداث صغيرة ويومية كاشفة عن مشاكل كل علاقة، يبدو العنوان كمزحة مريرة فحياة الحب لم تكن سهلة ولن تكون.

اقرأ أيضًا: مسلسل «الهرشة السابعة»: الرعب المحدق بالأسرة النووية