وحتى الأول من مايو/أيار الحالي توالت على الساحة الفنية المصرية مجموعة من المهرجانات السينمائية والمسرحية التي تفرقت بين العديد من المدن خارج العاصمة، وتقاطعت أزمنة فعالياتها بشكل يوحي -من خلال زاوية عين طائر يحلق فوق الساحة كلها- بزخم ثقافي، وسينمائي، ومسرحي، مبهج ومشجع ورائع.

ولكن من زاوية أخرى لعدسة خبيرة ترصد ولا تبالغ، تمنح المشهد المهرجاني أبعاده الحقيقية من خلال حضور حي ومشاركة فعلية ومتابعة عملية، نجد أن هذا الزخم باذخ الإشعاع يفتقد إلى كثير من مقومات المحتوى القوي والمؤثر، والذي يُفترض فيه النمو والتطور بشكل دائم وملحوظ، وليس فقط الحصول على صك الاستمرارية، وتراكم الدورات، وفيض البيانات الصحفية التي يصوغها المركز الصحفي للمهرجان، وتمريرها إلى مجموعات «الواتس آب»لكل الصحفيين/الضيوف، لكي تصبح هي المادة الأساسية والرسمية عن المهرجان!

دشن عدد من المهرجانات الفنية دورته الأولى هذا العام مثل مهرجان «أسوان الدولي لأفلام المرأة»، ومهرجان «شرم الشيخ الدولي للسينما العربية والأوروبية»

خلال الشهور الأربعة الماضية أتيح لكثير من المشتغلين بالصحافة الفنية والنقد السينمائي والمسرحي حضور عدد من الفعاليات والمهرجانات التي غلب عليها الصفة الدولية، والتي كان البعض منها يدشن دورته الأولى؛ مثل: مهرجان «أسوان الدولي لأفلام المرأة» (20-26 فبراير/شباط)، ومهرجان «شرم الشيخ الدولي للسينما العربية والأوروبية» (5-11 مارس/آذار)، في دورته الأولى أيضا عقب انتقاله الجغرافي من مدينة الأقصر.

إلى جانب مهرجانات مثل «شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب» في دورته الثانية (1-8 أبريل/نيسان) ومهرجان «الأسكندرية الدولي للفيلم القصير» (2-6 مايو/أيار) في دورته الثالثة، وبالطبع مهرجان «الأقصر للسينما الأفريقية» في دورته السادسة (17-26 مارس/آذار)، و«الإسماعيلية للفيلم التسجيلي والقصير» في دورته السابعة عشرة (18-23 أبريل/نيسان)، والذي شهد فضيحة دولية غير مسبوقة تسببت فيها زيارة الرئيس المفاجئة لمدينة الإسماعيلية لحضور احتفالات عيد تحرير سيناء، وبالتالي تقليص عدد أيام المهرجان من سبعة أيام إلى خمسة فقط -لأسباب أمنية- في سابقة لم تحدث من قبل منذ اختراع المهرجانات.

يمكن أن نضيف أيضا إلى هذه المجموعة فعاليات مثل الدورة العاشرة لمهرجان «سينما المرأة» (5-10 مارس/آذار) والذي بدأ كملتقى سينمائي تحت عنوان «بين سينمات لعرض أفلام تخص سينما المرأة العربية واللاتينية»، والذي تديره بشكل منتظم وراقٍ وفعال المخرجة «أمل رمسيس» منذ عقد كامل، ومهرجان «الشوارع الخلفية للفنون الأدائية» في دورته الرابعة (29 مارس/آذار – 1 أبريل/نيسان) ومهرجان «المسرح العربي» في دورته الخامسة عشرة.

بريق ثقافي يلسع الأبصار ولا يخطفها فقط، مع احتشاد تلك التظاهرات في بلد يحتوي على مواد خام أصلية للأمية، وسوء مستوى التعليم، وانحدار الذوق العام، وفي الوقت الذي تحرص فيه وزارة الثقافة على إلغاء نوادي السينما التابعة لها؛ خوفا على ميزانيتها القليلة، ودواعي الأمن الفضفاضة، نجدها تدعم نصف هذه المهرجانات بالكثير من الأموال والمساعدات اللوجستية في تناقض غير مفهوم، لكن تظل المهرجانات عصفورا ذهبيا في اليد من الصعب تصور حياتنا الفنية أو الثقافية بدونه.

من الضروري أيضا أن نؤكد أن الحديث التالي هو حديث ذو شجون بالمفهوم الميلودرامي البسيط، وليس هجوما بالصواريخ، الهدف منه هدم أي مشروع. إنها محاولة للتشجيع وبث روح الحماسة الموضوعية بلا مجاملة ولا أغراض خفية، كما أن حديثنا سوف يكون مقتصرا على المهرجانات التي تسنى لنا حضورها من بين زحام المهرجانات الكثيرة التي شهدها الثلث الأول من العام الجاري.


الدخول مجانا ولكن الفن بمقابل

في بلد كمصر يعاني من مجموعة أمراض حضارية وثقافية كثيرة، لا يمكن أن نتصور أن التركيز على مجانية الدخول إلى عروض المهرجانات يمكن أن يعتبر استقطابا للجمهور، على اعتبار أن المصريين بحكم غالبيتهم الفقيرة يمكن استدراجهم بسهولة لفعل أي شيء مقابل المال، أو للاستفادة من أي نشاط أو فعالية لمجرد أنها مجانية.

في حقيقة الأمر، وبعد سنوات من العمل داخل أروقة المهرجانات المصرية وحضور عشرات الفعاليات المشابهة، يجب أن ندرك أنه لا يوجد في مصر جمهور جمعي يمكن أن يسعى للمشاهدة أو التفاعل مع التظاهرات المهرجانية المختلفة، حتى على مستوى العاصمة، لمجرد أنها مجانية، فما بالنا بمدن الصعيد التي تعيش في عزلة عن السينما في شكلها وصفاتها الأصلية، وليس ما يعرض عليهم من خلال قنوات «شنبو»، و«حبيشة»، و«توكتوك».

اقرأ أيضا:«حلم الجنوبي»: أين اختفت سينمات الصعيد؟

الملاحظة الأساسية على الكثير من المهرجانات المصرية أنها لا تكترث لفكرة الجمهور المستهدف، أو شرائح المتلقين الذين يريد المهرجان أن يستقطبهم من أجل الحضور والمشاهدة والتفاعل، فشعار «مهرجان المدينة لجمهور المدينة» هو مبدأ فضفاض نتيجته الأساسية هي خلو غالبية القاعات القليلة المتاحة -خاصة في مهرجانات الاقصر، وأسوان، والإسماعيلية، وشرم الشيخ للمسرح- من جمهور المدينة وازدياد رقعة المقاعد الشاغرة، ليس لأن المدينة بلا جمهور، بل لأن المهرجان لم يحدد من البداية ماهية الشرائح التي يتوجه إليها.

هل هم طلبة الجامعة من فئات الشباب؟ أم الشرائح العمرية الأكبر سنا والتي لم تعد السينما ضمن اهتماماتها؟! هل الهدف هو الطبقة المثقفة في المدينة؟ أم المتفرج العادي صاحب القدر القليل من التعليم والثقافة؟! هل هناك مجال لاستقطاب طلبة المدراس؟

إن مشروع إقامة مهرجان في أي مدينة، خاصة في بلد كمصر، يتطلب دراسة بيئية متعمقة لجمهور هذه المدينة، وتحديد الشرائح المطلوب أن يتوجه إليها المهرجان حسب إمكانياته ونوعه (أفريقي- أفلام مرأة- مسرح شباب- تسجيلي وقصير)، وبالتالي تحديد نوعية الأفلام التي يمكن أن تناسب هذه الشرائح، أو أكبر قاعدة منها، وتحديد ماهية الوسيلة الإعلانية والإعلامية التي يمكن أن تحفز هذه الشرائح للقدوم إلى القاعات، بل تحديد إذا ما كان توقيت إقامة المهرجان مناسبا لطبيعة المواسم الخاصة بكل مدينة والطقس واليوم الاجتماعي للسكان.

وليس في مسألة المجانية سوى عنصر واحد من عناصر كثيرة غير متوفرة في الكثير من مهرجاناتنا المتوالية، نظرا لغياب عملية دراسة البيئة من البداية وحتى مع تراكم أعداد الدورات. وفي هذا يتساوى مهرجان أسوان في دورته الأولى ومهرجانا أتم عامه السادس مثل الأقصر الأفريقي، أو الإسماعيلية الذي تأسس منذ عشرين عاما.

بل إن الاستثناء فيما يخص التوجه لشرائح جمهور معين جاء من خلال مهرجان صغير في دورته الثالثة؛ وهو «الإسكندرية للفيلم القصير». فبرغم تواضع مستوى الأفلام المعروضة فيه، لكنه استطاع أن يحدد شرائح الجمهور المستهدف من صناع الأفلام السكندريين الراغبين في الاطلاع على تجارب أقرانهم في مجال الفيلم القصير، ومثل شرائح جمهور مكتبة الإسكندرية الذين تربوا على برنامج السينما الذي كان يضعه الناقد الكبير الراحل «سمير فريد»، ومثل شباب نادي سينما مركز الإبداع، ولهذا لم يكن يمر يوم من أيام المهرجان الأربعة دون أن تكون قاعات العرض ممتلئة حتى آخرها، بل فوق طاقتها أيضا.

في مقابل هذا الإقبال المحفز والنابض في مهرجان الإسكندرية، جاءت محاولة مهرجان أسوان متواضعة بشكل مثير للشفقة فيما يخص استقطاب شرائح من شباب المحافظة، الفتيات تحديدا،وإحضارهم –حرفيا- لمشاهدة أفلام المهرجان، على اعتبار أنه مهرجان (مرأة) ولا أحد يدري العلاقة بين أن تكون الأفلام من صناعة النساء، أو عن قضايا المرأة في العالم، فنكتفي بمشاهدين من الفتيات فقط، ولكنه التصنيف (الجندري/النوعي) الذي يعكس صورة سلبية وضيقة جيدا لتصورنا عن الفن والسينما.

ما حدث تحديدا أن الأمر لم يعدُ أكثر من مجرد واجهة إعلامية للمهرجان، لمجرد أن يقال إن جمهور المدينة قد جاء وشاهد وتفاعل، ودعونا نعرض الأمر في شكل سيناريو قصير:


ما قبل التيترات

المشاهدة السينمائية فعل شبه جمعي، يحتاج إلى احترام حق الآخر الجالس بجانبك، في التلقي بكل الحواس المطلوبة.

إن مشاهدة السينما في دار العرض تختلف كلية عن مشاهدة الفيلم في المنزل وسط الأسرة أو بمفردنا، فالمشاهدة السينمائية فعل شبه جمعي يحتاج إلى احترام حق الآخر الجالس بجانبك في التلقي بكل الحواس المطلوبة، ورغم ما يمكن أن نطلق عليه «أمية المشاهدة»،أو «أمية التلقي»لدى الجمهور المصري بنسبة كبيرة، فإن المهرجانات لا تهتم بترسيخ بضع قواعد لكيفية التعامل مع فعل المشاهدة بالتنبيه الصارم على إغلاق المحمول، والتزام الصمت، ومنع الدخول بعد بدء الفيلم بخمس دقائق.. المهرجان الوحيد الذي طبق هذه القاعدة هو مهرجان «الإسكندرية للفيلم القصير»، رغم عدم اعتماده على عناصر أمنية مكثفة.

فلا يوجد مهرجان يحترم جمهوره، أو عرض سينمائي يستحق صفته، يسمح بأن يدخل ويخرج الجمهور أثناء الفيلم بعشوائية متناهية، بل وصل الأمر إلى حد وقوف أحدهم أثناء عروض مهرجان الإسماعيلية في الظلام وراح ينادي على صديق له كي يجلس بجانبه، وهو ما دفع أحد مخرجي الأفلام الأجانب إلى أن يشكو قائلا: «أنتم تملكون قاعات عرض ولكن ليس لديكم عروض سينمائية»!

ناهينا عن أن أغلب إدارات المهرجانات تنصاع بشكل غريب للطبيعة الخشنة وغير المتحضرة الخاصة بعملية تأمين العروض؛ فتسمح لأفراد الأمن سواء الرسميين أو (المخبرين) بالوجود في القاعات بشكل مكثف، وما أن يبدأ العرض حتى ينطلق أفراد الأمن في الحديث بصوت عالٍ تمضية للوقت، وحين يحاول أحد الراغبين في المشاهدة تنبيههم لضرورة خفض الصوت أو الصمت تكون الإجابة بكلمة واحدة «أمن»، ثم يشرعون في التدخين رغم الشارات الموضوعة في كل مكان، ولكنهم «أمن»، ثم ينهال علينا وابل من الإشارات اللاسلكية للأجهزة التي يحملونها، والتي أغلبها عبارة عن طلبات إحضار طعام، أو حضور في ساعة معينة، أو نداء على (بيه أو باشا) لأنهم «أمن».

اللقطة الأولى

في مهرجان أسوان الدولي، وعلى بوابة الفندق التابع للجيش الذي تقع بداخله قاعة العرض الأساسية للمهرجان، تتوقف عدة أتوبيسات تحمل إشارة جهة تعليمية جامعية، وينزل منها طوابير من الفتيات اللائي من المفترض أنهن من شرائح الجمهور المستهدف للمهرجان، يبدو على الفتيات بهجة القادمات إلى رحلة ترفيهية، يستغرق دخولهن من بوابة الأمن وتفتيشهن بشكل دقيق ما يقرب من الساعة، مع العلم أنهن جئن في توقيت بداية الفيلم، وبالتالي بينما الفيلم يقطع أشواطا من الأحداث يكون الجمهور في الخارج لا يزال «بيتفتش».

اللقطة الثانية

بعد مرور نصف أحداث الفيلم فجأة يقتحم القاعة أفواج من الفتيات القادمات للمشاهدة، واللاتي يدخلن في الظلام عبر إضاءات التليفونات المحمولة التي تحول القاعة إلى ظهيرة ناصعة، تبدأ كل مجموعة أصدقاء في البحث عن الكراسي التي تناسب أعدادها، والنداء على بعضهم البعض بصورة فجة، كل حسب مستواه الاجتماعي والثقافي، وبعد مرور أسوأ عشر دقائق يمكن أن يعيشها أي متلقٍ طبيعي للسينما، وبمجرد جلوس الأفواج المتلاحقة، تبدأ سلسلة من الحوارات الجانبية، وتصفح الموبايلات، والحركة الباطنية المتوترة التي تعكس تململا منطقيا؛ لأنه لا يوجد في أدبيات المشاهدة ما يمكن أن يجعل شخصا يدخل فيلما في منتصفه، ثم يمارس فعل التلقي كأن كل ما فات لا يعني له شيئا، وتنتهي هذه اللقطة وقد تحول العرض إلى سوق حقيقي، أو ممر في شارع، أو حارة في مدينة مظلمة.

اللقطة الثالثة

عقب انتهاء الفيلم، وقبل أن تضاء القاعة، ورغم وجود صانع الفيلم وأحد النقاد لفتح باب المناقشة، تنهض الأفواج مرة أخرى في عشوائية رهيبة وتبدأ في المغادرة بصخب هادر، دون أن يهتم أي شخص سواء من إدارة المهرجان أو المسئولين عن هذه الأفواج العشوائية إلى تنبيههم أن ثمة مناقشة عقب الفيلم، فهم لم يفهموا شيئا على كل حال لأنهم لم يشاهدوا سوى نصف الفيلم، وحتى لو شاهدوه كله، فالفيلم مترجم إلى الإنجليزية وأغلبهم ربما لا يجيد القراءة بالعربية أساسا، كما أن الأهم من كل هذا أن ثمة موعدا للحاق بأتوبيس الرجوع الذي لا يعنيه أن ثمة مناقشة لأنه أتوبيس.

اللقطة الأخيرة

هذه لقطة عامة متكررة في الكثير من المهرجانات المصرية، إن لم يكن في غالبيتها، وهي لقطة محيرة رغم أنها عنصر أساسي من عناصر استقطاب شرائح الجمهور، ونعني بها «لقطة الترجمة»، فغالبية إدارات المهرجانات تعلن دوما عن تواضع الميزانية الخاصة بالعروض –والعروض تحديدا- وتشتكي دوما من تكلفة تأجير ماكينات العرض الحديث، ودفع المقابل المطلوب من صناع الأفلام والموزعين لعرض الفيلم في المهرجان.

وبالتالي فإن أي حديث عن ترجمة الأفلام –حتى ولو على مستوى أفلام المسابقة الرسمية فقط- إلى العربية يعتبر دربا من الجنون وليس الخيال فقط، وبالتالي تفقد المهرجانات المصرية شرائح الجمهور الأعزل من اللغة الاجنبية –الإنجليزية تحديدا- وهي شرائح عريضة وأساسية، ناهينا عن أنها تفقد بالفعل شريحة الجمهور الأميّ الذي لا يقرأ ولا يكتب، في بلد نسبة الأمية فيه 40% بحسب تصريحات وزير الثقافة نفسه.

وفي مقابل هذه الشكوى المتكررة والغريبة، والتي تعني أن المهرجان لا يهتم إلا بشريحة ضيقة خاصة في مدن مثل أسوان، والأقصر، والإسماعيلية، من الذين يجيدون فقط الإنجليزية -قراءة وليس سماعا كترجمانات الآثار- سوف نجد أن المهرجانات تتباهى –ربما باستثناء الإسماعيلية- بازدياد أعداد الضيوف من النجوم كل دورة عن سابقتها، وليس النجوم فقط، بل أبناءهم وأحفادهم في بعض الأحيان، دون الأخذ في الاعتبار أن تكلفة استضافة نجم واحد في أفخم فنادق المدينة مع تذاكر طيران درجة أولى لهؤلاء «العظام» -الذين وصل بعضهم إلى سن (المعاش الفني)- يمكن أن تساهم بشكل كبير في عملية ترجمة الأفلام، وبالتالي استقطاب شرائح أوسع من الجمهور، ولكن هيهات أن يستمع إليك أحد من إدارة المهرجان، فالنجوم تعني مزيدا من الدعاية المطلوبة لاستمرار الحصول على الدعم المادي واللوجستي، وإثبات أن المهرجان «بيكبر»،وأنه أصبح حدثا عالميا على التراب المحلي.


تيترات النهاية

ﻻ يوجد في مصر جمهور جمعي يمكن أن يسعى للتفاعل مع التظاهرات المهرجانية المختلفة لمجرد أنها مجانية

نعم الدخول مجاني في المهرجانات المصرية، ولكن الحصول على الجرعة الفنية من وراء فيلم سينمائي أو عرض مسرحي يحتاج إلى مقابل، هذا المقابل يمكن أن يكون لغة أجنبية تمكنك من الفهم والاستمتاع، أو قد يكون مستوى تعليميا أو ثقافيا معينا، يجعلك قادرا على إدراك ما وراء العمل الفني من مقاصد وإشارات، ولكن هل هذا حقا ما تسعى إليه المهرجانات المصرية؟ هل يمكن تطبيق فكرة المقابل على جمهور عشوائي غير محدد الشرائح؟ هل يدرك صناع المهرجانات أن شعار «جمهور المدينة» يتناقض مع كيفية تعاملهم مع الجمهور والعروض على حد سواء؟

يقول صلاح عبد الصبور:

أليس من الأفضل قبل أن نصنع فنا أن نصنع جمهورا قادرا على تذوق وإدراك هذا الفن

ونضيف على قوله: أليس من الأفضل قبل أن نصنع مهرجانا سينمائيا أن ندرك من هو الجمهور الذي تعرض له الأفلام؟ وإن مشكلتنا الحقيقية ليست في ميزانيات العروض، ولا تذاكر الطيران، ولكن في عدم وجود جمهور حقيقي يدرك معنى فعل المشاهدة والتلقي!