خلص تقرير المحقق الأمريكي الخاص، «روبرت مولر»، إلى عدم وجود دليل على أن حملة الرئيس «دونالد ترامب» الانتخابية تآمرت أو نسقت مع روسيا في جهودها للتأثير على الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2016، كما أنه لم يدن ترامب أو يبرئه من جريمة عرقلة العدالة، جراء محاولاته لإحباط التحقيقات.22 شهرًا من الضجيج العالي، انتهت بصفعة على وجه الديمقراطيين الذين أملوا أن تثبت تحقيقات مولر جرمًا يطيح بترامب أو يدعم حملتهم للانتخابات الرئاسية المقبلة 2020، وحصل ترامب في النهاية على الطحين الجاهز، الذي لن يتوانى عن استثماره في دعم مساعيه لعهدة رئاسية ثانية.


ما الذي قاله تقرير مولر تحديدًا؟

دونالد ترامب، معلقًا على نتيجة تحقيق مولر على تويتر

قدم وزير العدل وليام بار، إلى الكونجرس، ملخصًا من 4 صفحات عن التقرير النهائي للمحقق مولر. وجاء في رسالة بار، أن المستشار الخاص «لم يجد أن حملة ترامب، أو أي شخص يرتبط بها، تعاون عن عمد مع روسيا في جهودها للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016»، وذلك على الرغم من «العروض المتعددة من أفراد منتمين إلى روسيا لمساعدة حملة ترامب».وبحسب الرسالة فإنّ مولر لم يحسم بشكل نهائي احتمال وجود أو عدم وجود «عرقلة لعمل القضاء» من قبل ترامب. فبحسب بار «التقرير لم يخلص إلى أنّ الرئيس مذنب بجرم (عرقلة سير العدالة)، كما أنّه لم يبرّئه من هذه التهمة». لكن وزير العدل يعتقد أن نتائج التحقيق «ليست كافية لإثبات أن الرئيس ارتكب جريمة عرقلة للعدالة».بالطبع قابل ترامب وأنصاره التقرير بفرح كبير، فنتائج التحقيق كانت، وفق تعبير رودي جولياني، محامي الرئيس، «أفضل مما توقعت». وقال ترامب، في تصريحات للصحفيين، معلقًا على التقرير: «بصراحة، من المعيب أن يكون رئيسكم قد اضطر للخضوع لهذا الأمر الذي بدأ حتى قبل انتخابي»، مضيفًا أنّ التحقيق كان «محاولة تدميرية غير شرعية وفشلت». كما كتب مبتهجًا عدة تغريدات عن الأمر عبر «تويتر»، كان أبرزها: «لا تواطؤ، لا عرقلة، تبرئة كاملة وشاملة. فلنبق أميركا عظيمة!».

ووفقًا لقواعد وزارة العدل، فإن بار يملك صلاحية تحديد حجم المعلومات التي يمكن أن يكشفها علنًا، لكنه قال إنه يرغب في نشر أكبر قدر ممكن من تقرير مولر طالما لا يقوض الإجراءات القانونية التي ينبغي الحفاظ على سريتها، كالمقابلات التي تجريها هيئة المحلفين الكبرى، وطالما لا يتدخل في تحقيقات أخرى قائمة. ويفحص بار التقرير حاليًا لتحديد ما يمكن نشره.الديمقراطيون من جانبهم طالبوا بار بنشر التقرير كاملًا وعدم الاكتفاء بنشر مقتطفات منتقاة منه، معتبرين أنّ وزير العدل ليس «مراقبًا محايدًا» كي يتم الركون إلى الخلاصة التي أعدّها. في إشارة إلى مذكرة كتبها بار، عندما كان محاميًا خاصًا، لوزارة العدل العام الماضي، قال فيها، إن تحقيق مولر بشأن عرقلة العدالة ينبع من «سوء فهم خطير» وإن كل الرؤساء يتمتعون بسلطة شاملة على تحقيقات إنفاذ القانون حتى تلك التي تتعلق بهم مباشرة.وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأقليّة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، في بيان مشترك، إنّ «رسالة وزير العدل بار تطرح أسئلة بقدر ما تقدّم أجوبة»، وأضاف البيان أنّه «من الملحّ أن ينشر التقرير كاملًا وكل الوثائق المتعلّقة به»، مشيرين إلى أنّ مولر لم يبرّئ الرئيس دونالد ترامب من تهمة عرقلة سير العدالة.

بينما قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف: «بالكاد يبدو لي ذلك تبرئة»، وإنّ الكونغرس سيطلب أولًا ببساطة نشر التقرير كاملًا، وإذا لم ينشر فإنه مستعدّ لاستخدام سلطته في الاستدعاء أو «الملاحقة أمام القضاء إذا اقتضى الأمر من أجل الحصول على المعلومات»، أما رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر، فقال «نعلم أنّ هناك تواطؤًا.. لا نعلم لمَ لا توجد (توصية بتوجيه) اتّهامات».

اقرأ أيضًا: «فوضى» البيت الأبيض: أكثر من 30 مسئولًا غادروا مركب ترامب


أجساد مر عليها تقرير مولر

تضمن تحقيق مولر إجراء مقابلات مع 500 شاهد وإصدار أكثر من 2800 طلب استدعاء، وتيرابايت من الوثائق، وتوجيه اتهامات إلى 37 فردًا وشركة، بينهم 16 فردًا وكيانًا روسيًا. وطالت الاتهامات عدداً من المقربين من الرئيس ترامب، وأدين 5 منهم بجرائم مختلفة، لكن المثير للاهتمام أن أيًا منهم لم يتهم بالتآمر للتواطؤ مع الروس.جورج بابادوبولوس، المستشار الدبلوماسي السابق بحملة ترامب: كان بابادوبولوس أول أعوان ترامب السابقين الذين تعتقلهم السلطات في إطار تحقيقات مولر. وأدين بابادوبولوس بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن توقيت اجتماعات مع وسطاء يعملون لصالح موسكو، إذ قال إنه التقى شخصين روسيين لهما صلات روسية قبل أن ينضم إلى فريق حملة ترامب، وفي واقع الأمر، التقى بهما بعد التحاقه بالحملة.حكم على بابادوبولوس، في سبتمبر/ أيلول الماضي، بالسجن 14 يومًا والخضوع للمراقبة 12 شهرًا بعد إطلاق سراحه، وإلزامه بأداء 200 ساعة في خدمة المجتمع، ودفع غرامة بقيمة 9500 دولار.مايكل فلين، مستشار ترامب السابق للأمن القومي: بعد أقل من شهر من دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع عام 2017، اضطر مستشاره لشؤون الأمن القومي الجنرال مايكل فلين إلى تقديم استقالته بعد فضيحة اتصاله بمسؤولين روس قُبيل تولي ترامب مهام الرئاسة.فلين الذي كان رئيسًا لوكالة المخابرات العسكرية الأمريكية حتى عام 2014، اتُهم بالكذب في شهادته أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن اتصالاته مع الروس، واضطر إلى الاعتراف بجرمه بعدما خضع للتحقيق على يد روبرت مولر. ويجلس فلين حاليًا في انتظار الحكم عليه بعدما تمت إدانته ووصف تصرفاته بأنها كانت بمثابة «خيانة».

اقرأ أيضًا: استقالة مايكل فلين: وبدأ رجال ترامب بالسقوط

مايكل كوهين، محامي ترامب السابق: عُرف المحامي مايكل كوهين، على مدار 10 سنوات، باسم «كلب ترامب الشرس»، لكنه انقلب على صاحبه بعدما طالته تحقيقات مولر، ووصفه بأنه «عنصري ومخادع وغشاش» وكان يدير الأكاذيب لخداع الشعب الأمريكي. حكم على كوهين بالسجن ثلاث سنوات، بعد إدانته بانتهاك قانون تمويل الحملات الانتخابية ودفع أموال لامرأتين مقابل صمتهما بعدما هددتا، خلال حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية، بالكشف عن إقامة ترامب علاقات جنسية معهما، فضلًا عن إدانته بالتهرب الضريبي والكذب على الكونغرس.بول مانافورت، المدير السابق لحملة ترامب الانتخابية: عمل مانافورت مديرًا لحملة ترامب الانتخابية لمدة شهرين فقط، فأصبح هدفًا لمولر ورجاله. ورغم أن مانافورت لم يكن له علاقة بالتدخل الروسي، فإنه حكم عليه بالسجن لنحو سبع سنوات ونصف، بعد إدانته في جريمتين إحداهما متعلقة بالتلاعب الضريبي والاحتيال المصرفي، والأخرى تتعلق بعمل بول مع الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، وتبييض ملايين الدولارات لصالحه.ريتشارد غيتس، المستشار السابق في حملة ترامب الانتخابية: كان ريتشارد صديقًا لبول مانافورت وعمل معه في حملة ترامب، فطالته تحقيقات روبرت مولر. أقر غيتس، في فبراير/ شباط 2018، بالتآمر على الولايات المتحدة والإدلاء بشهادة كاذبة، ووافق على التعاون «الكامل وفي كل الجوانب» مع تحقيق مولر، وكان شاهدًا أساسيًا في محاكمة مانافورت. لم يحكم على غيتس حتى الآن بفضل المستشار مولر الذي طلب من المحكمة أكثر من مرة تأجيل الحكم عليه بسبب تعاونه البناء في تحقيقاته، وتحقيقات أخرى.روجر ستون، المستشار السابق لترامب: ينتمي للحزب الجمهوري، ويعتبر أحد المؤثرين في جمع تأييد اللوبيا. عمل مستشارًا لترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016، وينظر إليه كشخص مقرب للغاية من الرئيس. ا عتقل ستون في يناير/ كانون الثاني الماضي، ووجهت إليه 7 اتهامات، إحداهما متعلقة بإعاقة سير العدالة، و5 تهم تتعلق بتصريحات كاذبة، وتهمة تتعلق بالتأثير على الشهود. يمكنك مشاهدة الفيديو هنا.


هل نجا ترامب؟

لا تواطؤ، لا عرقلة، تبرئة كاملة وشاملة. فلنبق أميركا عظيمة!

يبدو أن ترامب قد نجا فعلًا من تهمة التعاون مع روسيا للوصول إلى كرسي الرئاسة، لكن فيما يتعلق بتهمة إعاقة العدالة فإن الأمر لا يزال غير محسوم، وإن كان من المؤكد أن الديمقراطيين سيدفعون بقوة لإدانة ترامب بهذه التهمة أو على الأقل استخدامها في الحرب ضده.وبعيدًا عن تحقيقات مولر ونتائجها، لا يزال ترامب يواجه العديد من المشاكل القانونية، إذ يجري ممثلو الادعاء على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الولايات العديد من التحقيقات حول قضايا تشمل شركات ترامب ومعاملاته المالية وسلوكه الشخصي ومؤسسته الخيرية ولجنة تنصيبه. وبحسب مايكل كوهين، محامي ترامب، السابق الإشارة إليه، فإن مكتب المدعي العام الأمريكي للمنطقة الجنوبية في نيويورك يعكف على فحص ممارسات ترامب التجارية ومعاملاته المالية، قال كوهين، إن ترامب متورط في انتهاكات قانونية في تمويل الحملة الانتخابية.ولا تزال دعوى التشهير التي أقيمت ضد ترامب من طرف سمر زيرفوس، المتسابقة السابقة في برنامجه على تلفزيون الواقع (ذا أبرنتيس)، مستمرة حتى الآن، في محكمة بولاية نيويورك بعد أن سمح لها القاضي في عام 2018 بمواصلة القضية. وأقامت زيرفوس الدعوى القضائية ضد ترامب بعد أن وصفها، ونساء غيرها تتهمه بسوء السلوك الجنسي، بالكذب.ويواجه ترامب اتهامات في دعوى قضائية رفعها ممثلا ادعاء ديمقراطيان في ماريلاند ومقاطعة كولومبيا، لانتهاكه مواد مكافحة الفساد في الدستور الأمريكي من خلال تعاملات شركاته مع الحكومات الأجنبية.بالإضافة إلى ذلك، يحقق ممثلو ادعاء اتحاديون في نيويورك فيما إذا كانت اللجنة التي نظمت تنصيب ترامب في عام 2017 قبلت تبرعات غير قانونية من أجانب أو أساءت استخدام الأموال أو توسطت في وصول الإدارة بشكل خاص للجهات المانحة. إذ يحظر قانون الانتخابات الاتحادي على الأجانب التبرع للحملات السياسية أو للجان التنصيب الأمريكية، كما تحظر قوانين مكافحة الفساد على المانحين تقديم مساهمات مقابل خدمات سياسية.

اقرأ أيضًا: «نار وغضب»: أسرار البيت الأبيض على الهواء مباشرة