في آخر ظهور للنجم «أحمد فهمي» مع «منى الشاذلي» في برنامج معكم، صرح بأنه لن يشارك في الموسم الدرامي الرمضاني هذا العام لانشغاله بمسلسله «أنا شهيرة أنا الخائن» بجزءيه، وقد ردت عليه بأنها تلاحظ أن النجوم لم يعودوا يتقيدون بفكرة موسم رمضان، وأنه ما دام العمل جيداً فلا فارق بين أن يعرض في رمضان أو غيره، وأن ذلك يختلف عن المعتاد، حيث إن النجوم كانوا يرفضون أن يشاركوا في أعمال لن تلحق بالموسم الرمضاني، حيث إن العام كله أصبح موسمًا دراميًا.

ملحوظة ﻻفتة بالتأكيد، ناهيك عن أنه منذ عدة أعوام لم يكن هناك أعمال درامية حقيقية خارج الموسم الرمضاني من الأصل، وكان باقي العام مخصصًا لإعادة مسلسلات رمضان، أو لعرض أعمال لن يشاهدها أحد أصلاً من فرط سذاجتها وتواضعها.


في البدء كان سلسال الدم

منذ أيام بدأت قنوات MBC في الإعلان عن مسلسلات رمضان التي ستعرض على شاشاتها، من ضمن هذه المسلسلات الجزء الأخير من مسلسل «سلسال الدم» من بطولة «عبلة كامل»، كان سلسال الدم من أوائل المسلسلات التي عرضت خارج السياق الرمضاني، واستمر عرضه حصريًا على MBC منذ جزءه الأول في 2014 وحتى جزءه الأخير الذي سيعرض قريبًا، والذي سيكون أول عرض لسلسال الدم في رمضان.

أيضاً كان «هبة رجل الغراب» في نسخته الأولى من بطولة «إيمي سمير غانم» والذي حقق انتشارًا كبيرًا ومتابعات واسعة من الجمهور، أحد المسلسلات التي عرضت خارج رمضان، ثم أعيد إنتاج الجزء الأول ببطلة مختلفة هي «ناهد السباعي»، ثم تتابعت أجزاؤه الأربعة خارج الموسم الرمضاني كذلك. يختلف «هبة رجل الغراب» تمامًا عن نوعية سلسال الدم، حيث إنه كوميدي وشبابي على عكس الأول الدرامي الاجتماعي.

أما الانتعاش الحقيقي للدراما خارج السياق الرمضاني فكان في العام المنصرم 2017 حيث تم إنتاج العديد من المسلسلات التي حظيت بنسب مشاهدة عالية أحدثت دويًا بدأ مع «اختيار إجباري»، والجزء الأول من مسلسل «الأب الروحي»، ثم تلاهم مسلسل «حجر جهنم»، والجزء الثاني من مسلسل «حكايات بنات»، ثم مسلسل «سابع جار» والذي أنهى العام بلغط واسع لفت الأنظار أن المسلسلات التي تقدم خلال العام بعيدًا عن رمضان يمكنها أن تكون مؤثرة وملفتة.

اقرأ أيضا:مسلسل «سابع جار»: كيف نشفى من حب «الستات»؟

بعدها توالت المسلسلات والأعمال الدرامية التي اجتذبت الجمهور رويدًا رويدًا حتى أصبح الطبيعي الآن أن ينتظر الجمهور المسلسل المقبل، وأن تستمر القنوات في شراء وعرض مسلسلات جديدة طوال العام، ففي 2018 فقط والذي لم ينقض منه سوى أربعة أشهر تم عرض الجزء الثاني من «سابع جار»، والأجزاء الأولى من «أنا شهيرة أنا الخائن»، و«الشارع اللي ورانا» على قنوات CBC، ومسلسل «مكان في القصر»، والجزء الثاني من «كابتن أنوش» على مجموعة MBC، و«أبو العروسة»، والجزء الثاني من «الأب الروحي» على قنوات DMC.


ما كان وما يحدث الآن

قبل 2017 لم يكن عرض المسلسلات طوال العام شيئًا مربحًا، خاصة أن الوكالات الإعلانية لم تكن تقبل على التعاقد مع القنوات للإعلان سوى في شهر رمضان لضمان أكبر نسبة مشاهدة للإعلانات أثناء عرض المسلسلات، فمهما طالت الفواصل الإعلانية إلا أن المشاهدين يظلون أمام التليفزيونات في انتظار استكمال الحلقة، وبالتالي فإن الإعلانات تحقق مردودًا مناسبًا.

كان يحل محل فواصل المسلسلات فواصل من نوع آخر هي فواصل برامج التوك شو، فقبل عدة سنوات كانت البرامج المسائية بمثابة طقس مقدس، فبرنامج مثل «القاهرة اليوم» كان يستولي على اهتمام المشاهدين يوميًا، كما كان برنامج «البيت بيتك» بمثابة مرجع للاستشهاد به في أي قضية حتى لرجل الشارع العادي.، كان ارتباط البيوت بتلك البرامج يجعلها مناسبة جدًا لوكالات الإعلان للإعراض عن المسلسلات والاستثمار فيها.

أما الآن ومع تراجع سوق البرامج المهتمة بالشأن العام، بعد تضييق مساحات المجال العام خاصة على من يحسبون على تيار المعارضة وهو ما تمثل في إلغاء برنامج المذيعة ريم ماجد على قناة OnTv ومنعها من الظهور على أي قناة أخرى، ثم أعقب ذلك ترحيل المذيعة اللبنانية ليليان داود بعد انتهاء عقدها مع نفس القناة، وبعد أن اقتصر الظهور في البرامج على رجال الدولة، أصبح الاستثمار في تلك البرامج لا يسمن ولا يغني من جوع، وهو ما توازى مع تراجع اهتمام المشاهد بمثل هذه البرامج مما دفع القنوات لتقليل المساحة المفروضة لها.

فبإمكانك الآن مثلاً أن ترى منى الشاذلي في عباءة جديدة تمامًا تستضيف نجوم كرة ومطربين وممثلين، ألا ترى أيًا ممن يعارضون كريم ماجد وليليان داوود، بل إن خيري رمضان نفسه عاد الآن إلى القنوات الأرضية المصرية، كل هذا جعل القنوات تبحث عن خط آخر للاستثمار فيه فكانت المسلسلات.

اقرأ أيضا:كيف تطورت الدراما المصرية في العقد الأخير

ما يحدث الآن هو ما طالب به العاملون بالدراما كثيرًا، فلا يمكنك أن تقرأ حوارًا لأحد الممثلين أو المخرجين إلا ويصرح بأن المسلسلات تظلم في الموسم الرمضاني، حيث زحام المسلسلات الشديد الذي لا يترك للمشاهد فرصة ليحتفي بالمسلسلات التي تستحق الاحتفاء.


عندما يكون المنتج فنانًا

هناك عاملان مؤثران ساهما بشكل أو بآخر في إنعاش صناعة الدراما، أولهما هو منتجو الدراما ذوو الخلفية الفنية، فأحد منتجي مسلسل سابع جار هو «محمد حفظي» المنتج والسيناريست. وبالرغم من أن حفظي لم يشارك في الكتابة فإنه تحمس لإنتاج المسلسل الذي كان بمثابة مجازفة كبيرة، حيث إنه يعتبر التجربة الأولى لمخرجاته، كما أن رتمه هادئ ومختلف عن المسلسلات التي تعرض مؤخرًا.

أيضًا مسلسل «الشارع اللي ورانا» الذي يعرض الآن هو من إنتاج وإخراج مجدي الهواري، والذي جازف أيضًا بإنتاج مسلسل مختلف شكلًا ومضمونًا ليس عن نوع المسلسلات التي تعرض فقط، ولكن مختلف عن ثقافة مجتمعنا بشكل عام، وأن يعرض هذا المسلسل قبيل رمضان مباشرة، بل وأن يكون المسلسل قائمًا على أعمال الخدع والجرافيكس التي يعهد بها لشركة آروما المصرية التي تجرب هذا النوع من صناعة المؤثرات للمرة الأولى، وألا يعيقه أي من هذا عن إنتاج المسلسل بسبب أنه يؤمن به فعلاً.

اقرأ أيضًا:الإبهار البصري في الدراما: في البدء كان «جراند أوتيل»

أما العامل الثاني، فيتمثل في الميل إلى الإبهار البصري والاهتمام بمكملات الصورة من ديكور ومؤثرات وأزياء وخلافه، وهو ما يعتبر اتجاهًا عالميًا وخاصة في الدراما الأمريكية التي تضاعفت ميزانياتها في السنوات الأخيرة، كما أنها جذبت العديد من مخرجي السينما الكبار أمثال ديفيد لينش، وودي آلان. أما في مصر، فبالإضافة لذلك الجانب تسبب الركود في سوق السينما في لجوء مخرجيها إلى الدراما، فنرى أسماء مثل كاملة أبو ذكري، ومحمد ياسين، وهاني خليفة، ومؤخرًا انضم إلى هذه الأسماء المخرجة هالة خليل، والمخرج الشاب عمرو سلامة، اللذان يشاركان بمسلسلين في الموسم الرمضاني المقبل.

ولذلك فربما أسهمت كل هذه العوامل بشكل ما في استمرار انتعاش سوق الدراما بشكل عام، فليس هناك شيء أكثر تأثيرًا وقدرة على إنجاح العمل سوى الحب والإيمان بأهمية هذا العمل، وهذا ما يحدث مؤخرًا، والذي – في الغالب – سيستمر بالحدوث طويلاً.