لحظة كتابة هذه السطور هي الأسبوع الثالث من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد أكثر من 6 أسابيع من اندلاع عملية طوفان الأقصى النوعية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، التي أحدثت شرخًا هائلًا في المعادلات السياسية والعسكرية والجيو-استراتيجية القائمة في الصراع العربي-الإسرائيلي منذ عقود.

كما نشاهد، ويشاهد العالم، يشنَّ الكيان الصهيوني حربًا انتقامية وحشية ضد قطاع غزة ردًا على عملية السابع من أكتوبر، تركت حتى اللحظة أكثر من 60 ألفًا من سكان القطاع بين شهيد ومفقود تحت الأنقاض وجريح، وأكثر من مليون و500 ألف نازح داخل القطاع، يعاني أكثرهم من العطش والجوع والحرمان من العلاج والكهرباء والاتصالات والإنترنت. واضطرّ العدو إلى أن يفعل المحظور الذي يتردد فيه منذ سنوات، ويحاذر من ضريبته، وزجّ حتى الآن بفرقتيْن عسكريتيْن على الأقل، تشملان مئات الدبابات والمدرعات وعشرات الآلاف من جنود وضباط النخبة، في شوارع مدن غزة وبيت لاهيا وبيت حانون.

قد يبدو عنوان هذا المقال عن احتلال شمال قطاع غزة، مستفزًا للكثير من القرّاء المناصرين لشعب غزة ومقاومتها، ولقضية فلسطين، فلحظة كتابة هذا المقال لا يزال الاجتياح البري الإسرائيلي لغزة يتقدم ببطءٍ شديد، على الرغم من أن هذا الجزء الشمالي من القطاع ضيق للغاية، ولا تزيد مساحته على 100 كم مربع، ويعاني العدو من خسائر بشرية لا تقل باعترافه الرسمي حتى مساء يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن 65 قتيلًا (وهو رقم تجاوز خسائره في أي من الحروب السابقة ضد غزة) ومئات الجرحى بجراحاتٍ خطرة وإعاقات، ولا يزال حتى اللحظة عاجزًا عن إتمام السيطرة فوق الأرض -وضع خطين تحت شبه جملة «فوق الأرض»- على بلدتيْن صغيرتيْن شبه مدمرتيْن، هما بيت حانون وبيت لاهيا، والأجزاء الشرقية من مدينة غزة، ولم يستطِع تحرير أسير واحدٍ حيٍّ بالقوة حتى الآن، واقتصرت سيطرته على الأحياء الغربية من مدينة غزة التي تسلل إليها من شاطئ البحر شمالًا، ومن وادي غزة جنوبًا، الذي يعتبر خاصرة ضعيفة عسكريًا للقطاع، نجح باحتلالها في فصله إلى جزأين شمالي وجنوبي.

لذا، فقبل أن نسأل عن ماذا بعد احتلال شمال غزة؟ نسأل أولًا، هل يستطيع العدو إتمام احتلال شمال غزة؟

اقرأ: طوفان الأقصى: هل يكتسح مرضَ هوس المؤامرة؟

هل يستطيع الجيش الإسرائيلي احتلال شمال قطاع غزة؟

الإجابة بوضوح نظريًا نعم، يستطيع الجيش الإسرائيلي تحقيق ذلك الهدف خلال الأسابيع القادمة بشروط أربعة:

  • استمرار الضوء الأخضر الأمريكي والغربي المفتوح له بارتكاب المذابح، وتطبيق سياسة الأرض المحروقة ضد الأحياء السكنية وتعطيل فرض وقف لإطلاق النار.
  • استمرار قدرته على التغاضي عن حجم الخسائر البشرية لقواته المتوغلة في غزة، وذلك بالإعلان التدريجي عنها شيئًا فشيئًا، وإخفاء ما يمكن إخفاؤه، ونجاحه في تجهيز المجتمع الإسرائيلي لاستيعاب خسائر غير مسبوقة تحت عنوان أن المعركة الحالية معركة وجودية مصيرية غير مسبوقة (في حرب 2014 ضد غزة، قَبِل العدو وقفَ إطلاق النار، وأنهى العملية البرية، بعد أن وصلت خسائره إلى 64 قتيلًا فحسب).
  •  استمرار التخاذل -والتواطؤ- العربي والغربي في مساعدة العدو على فرض الحصار والتجويع الخانق ومنع الوقود بالكميات المطلوبة، وتدمير المستشفيات في المناطق الشمالية… إلخ.
  • استمرار اكتفاء ما يسمى بحلف المقاومة الداعم لغزة بالمناوشات محدودة السقف، وغير شديدة الإيلام مثل القذائف العشوائية التي تُطلق في الجولان، والهجمات الروتينية لحزب الله على نفس المواقع الحدودية… إلخ والتي لا تسبب للكيان خسائر بشرية أو مادية مؤلمة، وبالتالي لا تنذر بقرب اندلاع حربٍ إقليمية واسعة تدفع الولايات المتحدة والغرب لمراجعة حساباتها في الدعم المفتوح للكيان.

حتى اللحظة، فالشروط الأربعة متحققة للعدو كليًا في النقطتيْن الأولى والثالثة، وجزئيًـا في النقطتيْن الباقيتين، فنقطة الخسائر البشرية، ستتفاقم بمرور الوقت سواءً في جنوده أو في أسراه داخل القطاع كلما توغّل في عمق غزة أكثر، وقد احتدتْ المظاهرات في الداخل الإسرائيلي المطالبة بإطلاق الأسرى فورًا، لا سيما والمقاومة قد أعلنت تباعًا أن 60 منهم على الأقل قُتلوا أو فقدوا بسبب الغارات الإسرائيلية، كما ثارت ضجة يوم 19 نوفمبر عندما انتشر مقطع من مقابلةٍ مع حفار قبور إسرائيلي يعمل في مقبرة عسكرية، ذكر أنه قد دفن 50 عسكريًا إسرائيليًا في يومين.

نقطة تحالف المقاومة، شهدت بعض التصاعد في الأيام الأخيرة، فقد كثَّف حزب الله هجماته الحدودية، واضطر العدو للاعتراف ببعض الخسائر البشرية لتلك الهجمات، وصعَّد الحوثيون بشكلٍ استراتيجي عندما أسقطوا قبل أكثر من أسبوع طائرة مسيّرة أمريكية كلفتها 32 مليون دولار، وهددوا باستهداف السفن الإسرائيلية قرب سواحل اليمن، ونفذوا التهديد يوم 19 نوفمبر باحتجاز سفينة بضائع مملوكة بشكل جزئي لرجل أعمال إسرائيلي.

لكن هنا يبرز عامل الوقت شديد الخطورة، فبالمعدل البطيء الحالي من التقدم في شمال قطاع غزة، وحتى إن اندفع بقواته أكثر، وتخلى عن الحذر، فإن الجيش الإسرائيلي يحتاج على الأقل إلى شهريْن قادميْن لإتمام تلك المهمة. إذ لا يزال أمامه المناطق الوسطى والشرقية في محافظة غزة -إلى جانب معظم أجزاء بلدتيْ بيت حانون وبيت لاهيا- والتي فشل في احتلالها عام 2014 وتعرض لخسائر بشرية كبيرة دفعته إلى إيقاف التوغل البري، ومن ينسى جحيم حي الشجاعية في توغل عام 2014؟ عندما اضطر الجيش الإسرائيلي للإعلان عن 16 قتيلًا في صفوف قواته في يومٍ واحد.

وقد تلقى العدو حتى الآن خسائر معتبرة في قواته المدرعة، إذ يذكر الخبير والمحاضر العسكري المصري سيد غنيم في منشور على صفحته على الفيسبوك يوم 13 نوفمبر 2023، نقلًا عن مصادر إسرائيلية مستقلة، أنه بالفعل قد أُخليَت أكثر من مائتيْ قطعة عسكرية إسرائيلية معطوبة أو مدمرة من قطاع غزة خلال أسبوعيْن من التدخل البري الواسع في غزة الذي اشتدّ منذ الثلاثاء 31 أكتوبر 2023، و وهذا هو المعدل الأعلى من خسائر المدرعات الإسرائيلية في تاريخ الحروب الإسرائيلية ضد غزة.

بالطبع، يمكن خلال أيام أو أسابيع إصلاح الكثير من تلك المدرعات وإعادتها للجبهة مرة أخرى، لكن لا شك أنه على المستوى قصير المدى، فإن تصاعد تلك الخسائر في المدرعات سيعطل أو على الأقل سيُبطئ التقدم الإسرائيلي، وسيهدرُ المزيد من الوقت، والولايات المتحدة وحلفاؤها تحت ضغط داخلي وخارجي متصاعد لتقصير مدة المذبحة. واللافت للنظر أن الرقم الذي نقله غنيم يتفق كثيرًا مع ما تعلنه المقاومة في بياناتها، وخلال الأيام التالية بعد 13 نوفمبر وحتى 19 نوفمبر، أكدت بلاغات كتائب القسام أنَّ مقاتليها أعطبوا أو دمروا أكثر من 110 آليات عسكرية إسرائيلية، منها 29 يوم الأحد 19 نوفمبر فقط.

اقرأ: مكسب إستراتيجي: لكيْ لا يذهب طوفان الأقصى سُدى

وفي يوم 12 نوفمبر 2023، ذكرت شبكة الجزيرة الإعلامية خبرًا مهمًا على صلة مباشرة بطرحنا الحالي، إذ نشر موقع الجزيرة نت متابعة تحليلية عن إعلان الجيش الإسرائيلي تشكيل كتيبة مدرعة جديدة من دبابات الميركافا «في-3» الأقدم نسبيًا، التي كانت تستعد لبيع 200 منها إلى أوكرانيا وسواها، بعد أن ظلّت في مخازن الجيش الإسرائيلي لسنوات. في ثنايا تلك المتابعة أشير إلى أن الخسائر المتلاحقة في الدبابات والآليات الإسرائيلية قد تكون هي الداعي لهذا اللجوء إلى إعادة استخدام الطرازات الأقل حداثة.

وهناك عقبة كبرى أخرى، وهي الكثافة السكانية المرتفعة في مناطق شرق غزة، إذ تذكر المصادر الحكومية في القطاع، أنه لا يزال -يوم 17 نوفمبر 2023- أكثر من 800 ألف من سكان شمال قطاع غزة لم ينزحوا إلى الجنوب بعد، بينما تقدر المصادر الإسرائيلية والغربية أن العدد يتراوح بين 300 و400 ألف، وذكرت إذاعة جيش الاحتلال يوم 19 نوفمبر، أن منطقة مخيم جباليا كثيفة السكان شمال شرق غزة، لا يزال نحو 75% من سكانها فيها (رغم المذابح الدموية التي راح ضحيتها مئات الشهداء في تلك المنطقة، التي لا يمر يوم دون مجزرة دموية فيها).

ماذا بعد احتلال شمال غزة؟

سنعود الآن ما يقارب 22 عامًا إلى الوراء، بالتحديد إلى يوم 14 فبراير/شباط 2002، وعلى مقربة من مستوطنة نتساريم البائدة شرقي غزة، شهد تاريخ الانتفاض الفلسطيني في غزة ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي كان مسيطرًَا على القطاع آنذاك حدثًا غير مسبوق آنذاك. انفجار هائل لعبوة ناسفة زنة 80 كجم، طورّها مقاومان من غزة هما جمال أبو سمهدانة ومصطفى صباح، أطاح بدبابة ميركافا إسرائيلية للمرة الأولى -ولن تكون بالطبع الأخيرة- في غزة، وتبنى العملية فصيل صغيرٌ لا يزال يقاتل إلى الآن في غزة، هو ألوية الناصر صلاح الدين.

على مدار الثلاث سنوات التالية، لحقت بضع دبابات ميركافا وناقلات جند بمصير الأولى، وسقط العشرات من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بعملياتٍ لفصائل المقاومة في غزة، واضطر إرئيل شارون، أجرأ جنرال في تاريخ إسرائيل، إلى ما يسمى فك الارتباط أحادي الجانب عام 2005، الذي بموجبه انسحب الإسرائيليون بشكلٍ تام من داخل قطاع غزة، وشمل هذا تفكيك المستوطنات، وإخلاء 8 آلاف مستوطن بالقوة، والانتقال إلى حصار غزة بدلًا من التورط في ضريبة احتلالها، وإحاطتها بما بات يُعرف بغلاف غزة، وهو عبارة عن عشرات المواقع والمستوطنات والكيبوتسات، التي اجتاحتها قوات طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر.

عندما انسحب شارون من غزة، لم يكن فيها سوى بضع آلاف من المقاتلين، ولا أنفاق، ولا صواريخ بعيدة المدى، ولا كورنيت، ولا ورش تحت الأرض لتصنيع القذائف المضادة للدروع، ولا تراكم خبرات 5 حروب كبرى ضد غزة… إلخ، أما الآن، فتتراوح تقديرات الخبراء والمراقبين أن عدد المقاومين في غزة من كافة الفصائل يقدر بعشرات الآلاف، ولا شك أن هذا العدد وتسليحه وخبراته، أضعاف ما كان عليه وضع المقاومة في عام 2005، ستصبح قوات الاحتلال الإسرائيلي تحت رحمة عشرات الهجمات الاستنزافية يوميًا، حتى إذا اكتملت لها السيطرة الظاهرية على معظم أجزاء شمال القطاع، فالقضاء على المقاومة بشكلٍ مبرم، يحتاج إلى اكتشاف كامل شبكة الأنفاق في الشمال، وتمشيط كل شبرٍ ومنزل، وهذا قد تكون تكلفته باهظة للغاية على العدو، بمئات القتلى والجرحى، إلى جانب عديد من الصعوبات الفنية.

العدو لن يستطيع تجاهل أو إخفاء خسائره البشرية المرتفعة للأبد، وما لم تتزامن مع مكاسب مهولة تعوض الجمهور الإسرائيلي مثل قتل قادة حماس وكتائب القسام الكبار، واستعادة أكثر الأسرى أحياء (وتلك مكاسب احتمالاتها ليس بالقوية، وكلفتها مرتفعة جدًا) فستحدث في جبهته الداخلية هزة تفوق ما فعلته عملية السابع من أكتوبر.

اقرأ: طوفان الأقصى: دفاعًا عن الخطأ الإستراتيجي للمقاومة.

ولذا، فأرى أنَ خيارات العدو بعد احتلال شمال غزة تتبارى في الصعوبة والتعقيد:

  • إذا اكتفى باحتلال الشمال، ولم يُتمّ تدمير الأنفاق، ولم يتوغل جنوبًا بقوة، فإن عمليات الاستنزاف ضده ستستمر، وسيصل لخلايا المقاومة الباقية في الشمال دعمًا بشريًا ولوجستيًا من الجنوب عبر الأنفاق، ولن يتحقق له أي هدفٍ كبير من تلك الحرب المكلفة بشريًا وسياسيًا وإعلاميا، فالمقاومة ستكون لا تزال محتفظة بأكثر من نصف قوتها (كتائب القسام تمتلك على الأقل خمسة ألوية وفقًا للمناطق في قطاع غزة، نصيب الوسطى والجنوب منها 3 ألوية) وسيطرتها على سكان القطاع، وسيكون بحوزتها أكثرية الأسرى، إذ تُرجح مصادر إسرائيلية عديدة، أنه مع اشتداد الاجتياح شمالًا، نُقِلَ أكثر الأسرى إلى جنوب القطاع. 
  • إذا قرر اجتياح وسط القطاع وجنوبه، فتتضاعف التكلفة البشرية عليه، وستطول الحرب شهورًا، وسيتسبب بكارثة إنسانية تزيد الضغوط الإقليمية والدولية عليه، وقد تؤدي إلى اندلاع الحرب الإقليمية مع حلفاء المقاومة، التي يخشاها الغرب والولايات المتحدة. فالآن، ثلثا سكان قطاع غزة يتكدسون في محافظتيْ الوسطى والجنوب في قطاع غزة، وباكتمال احتلال شمال قطاع غزة، سيكون معظم سكان قطاع غزة المليونيْن والربع محصورين في هذه المنطقة الضيقة. وأي ضغطٍ عسكريٍّ كبير سيسبب استشهاد عشرات الآلاف، وسيكون معناه التهجير خارج القطاع، ونكبةٍ جديدة، ولا يمكن ضمان احتواء نتائج هذا على الضفة الغربية وفي الجبهة المتصاعدة مع حزب الله شمالًا، وباقي جبهات حلف المقاومة، والأهم استقرار بعض الأنظمة العربية التي يعتمد ضمان أمن إسرائيل على استمرارها، واستمرار علاقاتها السياسية والأمنية به.
  • إذا قرر اللجوء إلى الحرب الشاملة، فاجتياح كامل قطاع غزة، وجنوبي لبنان في آن واحد، فهذا سيوسع الصراع بشكلٍ غير مسبوق، وستبدأ مذبحة أخرى في لبنان، وسيتعرض الداخل المحتل إلى صواريخ حزب الله الأشد فتكًا ودقة، وستكون إيران وأمريكا للمرة الأولى منذ الثورة الإيرانية عام 1979قاب قوسيْن أو أدنى من حربٍ مباشرة مفتوحة وليس صداماتٍ عابرة كما حدث أيام ترامب، أو حروبًا بالوكالة كما حدث في لبنان والعراق وغيرهما. وهذا سيكون أحد سيناريوهات الحرب العالمية الثالثة.

ومن الواضح كما يذكر الباحث السياسي خليل العناني في مقابلةٍ مع قناة الجزيرة أنّ العدو دخل إلى تلك المعركة مدفوعًا بصدمة هجوم 7 أكتوبر، والرغبة في استعادة الردع الدموي بتدمير قطاع غزة، وعقابه جماعيًا، دون وجود رؤية كاملة للعملية العسكرية، وبغير تحديدٍ أهداف واضحة لها، وبغياب إستراتيجية خروج واضحة يُنهي بهذا الحرب بعد تحقيق أهداف واقعية. وإذا استمرّ هذا، دون ضغوط حقيقية على الكيان للجمِه، ستستمر المذبحة والتدمير بسقفٍ مفتوح من الشهداء، وستكون المنطقة بأكملها أمام خطر انفجارٍ بركاني غير مسبوق، سواءً نجح أم لم ينجح المخطط المتطرف لتهجير جزءٍ من سكان قطاع غزة داخل القطاع أو خارجه.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.