رفع الدعم… أسعار الوقود… ضريبة جديدة… عجلة الإنتاج… دُفعات القرض… البنك الدولي… صندوق النقد الدولي…

ما إن تلتقط مسامع المواطن المصري أو تقع عيناه على إحدى هذه الكلمات، حتى تتسارع نبضات قلبه، فيتحسس محفظته بشكل لا إرادي، ثم يتهيأ ويكأنه يعلم أنه على وشك سماع خبر حزين جديد.

كان هذا هو حال المواطن المصري على مدار عام 2018، وليس هناك مؤشرات جديدة توحي بأن هذا الحال سيتبدد في عام 2019.

ورغم قساوة أخبار الاقتصاد المصري على المواطنين بكافة شرائحهم وانتماءاتهم، إلا أنهم غالبًا ما يتتبعونها ويبحثون عنها، خاصة مع كل تطور جديد تشهده الساحة.

لذا كان موقع «إضاءات» حريصًا على متابعة كافة تطورات الاقتصاد المصري عام 2018، وتوفير القدر المناسب من المعرفة الاقتصادية؛ سواء أكانت في شكل متابعات أو تقارير معلوماتية أو تحليلية، إيمانًا بأنه إذا كانت القرارات الاقتصادية قدر المواطن المصري، فإن المعرفة حقه.


كيف نفهم الاقتصاد ونقرأ تحليلاته؟

بالتوازي مع تقديم المتابعات والتحليلات المتعلقة بالشأن الاقتصادي المصري، شعر موقع «إضاءات» أنه يتحمل مسئولية تزويد قارئه غير المتخصص بالأدوات المعرفية اللازمة لفهم أبعاد القضايا الاقتصادية، والاطلاع على التحليلات المعمقة في هذا الشأن. لذلك قدم على مدار عام 2018 سبعة مقالات تأسيسية تتناول قضايا نظرية وتاريخية اقتصادية.

المقال الأول كان بعنوان: «كيف يفكر الاقتصاديون؟ دليلك لتعلم الاقتصاد من الصفر»، وفيه تم رصد 27 كتابًا مُقسمين بشكل تدريجي إلى مراحل تعليمية، لمن يرغب في اقتحام علم الاقتصاد والحصول على مبادئه. أما المقال الثاني فكان بعنوان: «دليل الرجل العادي: كيف بدأ علم الاقتصاد؟» وهو عرض لأحد الكتب التأسيسية في مجال الفكر الاقتصادي (دليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي) للدكتور حازم الببلاوي، والذي يستعرض تطور علم الاقتصاد ونظرياته منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا.

وعبر سلسلة «الاقتصاد للجميع» قدم موقع «إضاءات» 3 مقالات حول قضايا اقتصادية نظرية مواكبة لما يشغل بال الشارع المصري، حيث تناولت: «مفهوم التقشف الاقتصادي» و«قضية المسئولية الاقتصادية للدولة» و«مفهوم اللا مساواة الاقتصادية».

ونظراً لأن السياسات الاقتصادية في مصر تحمل قدرًا من الاستمرارية سواء على مستوى القرارات أو على صعيد التأثيرات طويلة المدى على الأرض، فكان من المفيد العودة إلى أحد أهم الكتابات التي حللت السياسات الاقتصادية لنظام مبارك، وهو كتاب «النظام القوي والدولة الضعيفة» للكاتب المصري الراحل سامر سليمان، حيث تم اختيار قضيتين من بين فصول كتابه وأفردا في مقالين: حمل الأول عنوان: «كيف حرمت الدولة الصعيد من التنمية الاقتصادية؟» والثاني: «دولة الجباية: دليلك لفهم ثغرات النظام الضريبي المصري».


قضايا وتطورات عام 2018

كان عام 2018 عامرًا بالتطورات على الساحة الاقتصادية، واستمرت قضايا الإصلاح الاقتصادي ورفع الدعم وتلبية شروط صندوق النقد في تصدر المشهد، كما السنوات السابقة.

لذلك كانت البداية مع مقال جاء بعنوان: «مخاطر اقتصادية جديدة أمام المواطن المصري في 2018»، والذي حاول التنبؤ بمصير القضايا الاقتصادية التي تهم رجل الشارع، وقد نجح المقال في جوانب عدة، بل كان أكثر تفاؤلاً في بعض الأحيان. والحال كان كذلك مع مقال «موازنة 2019/2018: ما نعرفه حتى الآن».

وفي فترة عاد فيها الحديث مجددًا عن صندوق «تحيا مصر» ودوره الإنمائي في الاقتصاد المصري، حاول مقال «أموال خارج الصندوق: أين نبحث عن تبرعات تحيا مصر؟» تتبع تاريخ نشأة الصندوق وحجم أمواله ومصادر إنفاقها، رغم التعتيم الإعلامي الذي فُرض على هذه المعلومات الأساسية.

ثم تحول الرأي العام للحديث عن قطاعات النقل في مصر، وذلك بعد رفع سعر تذكرة المترو، وتداول أخبار حول قرب خصخصة السكك الحديدية. فتم تناول القضية الأخيرة في مقال «خصخصة السكك الحديدية: مأساة يخشاها المصريون». وتم تحليل قضية رفع أسعار تذاكر المترو في إطار الحديث عن إدارة الدولة -بشكل عام- ومسئوليتها الاقتصادية تجاه قطاع النقل عبر مقال «تجميل الدفاتر المالية: كيف تدير الدولة قطاع النقل العام؟»

وبينما كان المواطن المصري ينتظر بين اللحظة والأخرى قرارًا جديدًا برفع أسعار الوقود، ورفع جزئي جديد عن الدعم، كان لابد أن يفهم القارئ أبعاد هذا القرار وجدواه وتأثيراته المختلفة، وهو ما وضحه مقال: «زيادة أسعار الوقود: عيدية المواطن المصري».

وبالمثل، تفاعل موقع «إضاءات» مع موافقة البرلمان على تعديل بعض أحكام قانون الزراعة، بهدف تقنين زراعة محاصيل معينة لترشيد استهلاك المياه، مثل الأرز وقصب السكر والذرة. فقدم مقال «تعديل قانون الزراعة: البطالة والجوع يهددان 25% من المصريين»، والذي شرح الوضع الحالي لتلك الزراعات، والتأثيرات الكارثية لتطبيق هذا القرار على المواطن المصري، وعلى الاقتصاد بشكل عام.

وأخيرًا، حاول مقال «الحد الأدنى للمعاشات: ماذا يمثل 750 جنيهًا في 2018؟» تحليل قرار مجلس النواب برفع الحد الأدنى لقيمة المعاش بنحو 50% من 500 جنيه شهريًا إلى 750 جنيهًا، ومدى ملاءمة هذه النسبة لتطورات الوضع الاقتصادي، خاصة لأصحاب المعاشات.


نظرة كلية على وضع الاقتصاد في عهد السيسي

في الاقتصاد، قد تقود التحليلات ذات الأمد الزمني القصير إلى نتائج غير دقيقة، لذلك اتجه موقع «إضاءات» إلى تقديم تحليلات ترسم ملامح الصورة الكلية للاقتصاد المصري عبر السنوات الأخيرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

التحليل الأول «كشف حساب: 4 أعوام من ليبرالية السيسي الاقتصادية» جاء رقميًا معتمدًا على عدد من المؤشرات؛ سواء كانت العينية المتعلقة بالبناء التحتي للاقتصاد، أو مؤشرات التوازنات المالية والتجارية والنقدية، أو المؤشرات الاجتماعية والإنسانية. وهو الأمر ذاته الذي اتبعه مقال «مصر بالأرقام: هل دارت عجلة الإنتاج حقًا؟» ولكن على مستوى مؤشرات التجارة والاستثمار.

وفي ذكرى 30 يونيو/حزيران، قدم مقال «اقتصاد 30 يونيو: كيف تبدلت أحوال المواطن المصري؟» حصادًا لأحوال المواطن المصري على مدار أربع سنوات، من حيث تطور أسعار الخدمات الأساسية، ووضع طبقة الفقراء، والجدوى الاقتصادية من وراء المشروعات الكبرى التي تبنتها الدولة خلال هذه الفترة؛ بدايةً من توسعة قناة السويس، ووصولاً إلى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة.

ومع إثارة قضية رفع الدعم، ومحاولات تسويق هذه السياسة على أنها الحل الأمثل تارة، وأنها الحل الوحيد تارة أخرى، جاء مقال «رفع الدعم لإصلاح الاقتصاد: هل كان هناك بدائل أخرى؟» محاولاً تقديم نماذج اقتصادية أخرى للإصلاح بعيدًا عن سياسة رفع الدعم، مستشهدًا بتجارب دولية ناجحة.

وأخيرًا، جاء مقال «نيوليبرالية السيسي: لماذا ذهبت أيام أبو علاء؟» ليثير قضية الترحم على عصر مبارك الاقتصادي، ويعقد مقارنة بين سياساته والسياسات الحالية، وليجيب تحديدًا على السؤال التالي: لماذا ازدادت النيوليبرالية في مصر توحشًا؟